قامت في اليمن ثورة من ضمن ثورات الربيع العربي ورأى من كانوا يحكمون اليمن لمدة 34 عاما أن هذه الثورات قد أطاحت بالحكام الفاسدين المفسدين في تونس ومصر وليبيا، فحاكم تونس السابق زين العابثين هرب بجلده، وحاكم مصر السابق أصبح مسجونا وحاكم ليبيا كانت نهايته في المجاري حيث مات فيها شر موته، وبقي حاكم سوريا الذي يظهر أنه لن يغادر سوريا -هذا إن قدر له مغادرتها- إلا وقد دمرها تدميرا، أما في اليمن فقد تنازل طاغيتها عن الحكم مكرها، ولكنه احتاط لنفسه بأن طلب الحصانة، وهو الذي ساعده الحظ بوجود رعاع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، هؤلاء مستعدون لسفك الدماء وانتهاك كل الأعراف، هؤلاء الجهلة الغارقون في الجهل لا يعرفون أن من يتشبهون به ومستعدون لاستحلال كل محرم من أجله هم لا يعرفون أن من يتشبهون به مجرم، وهو يعرف أنه مجرم ولذلك طلب الحصانة، مع أن شرع الله وحتى القوانين الوضعية لا تقر التسامح مع من انتهك حقوق الإنسان. إنه استحل الدماء والأموال والأعراض هذا والمتعلقون به لا يعرفون أو لا يريدون أن يعترفوا بأن ثورات الربيع العربي قد قررت التخلص من الاستبداد الذي لم يعد له مكانه في عصرنا، وقرروا التخلص من الحكم العسكري، أما المخلوع فما زال في أحلامه، وهاهو ذا يهنئ ولده ببلوغه الأربعين، قاصدا بذلك أنه أصبح صالحا لرئاسة الجمهورية، صح النوم. أبعد هذه المجازر، وبعد هذه الأزمات التي افتعلها، وبعد كل هذه الفظائع التي ارتبكتموها، بعد كل هذا ما زال لديكم أمل بأن تستمروا في الحكم؟ وليعلم هذا ومن يحيط به بأن النظام جمهوري وليس وراثيا وبأن الناس يريدون التخلص من الحكم العسكري الذي جربوه وقاسوا مراراته. ولو فرضنا صلاحية ترشيح من يعده المخلوع فإن ترشيحه يستلزم عدة أمور قبل أن يوافق الناس على ترشيحه، هذه الأمور هي: 1- أن يتخلى ابنكم «اسم الله عليه» من كل منصب عسكري، فكيف يصح أن يتنافس مع من ليس له جيوش تتبعه. 2- أن تؤخذ كل الأموال التي في حوزته داخل اليمن وخارجها، وترد إلى وزارة المالية مكانها الطبيعي، إذ كيف يتنافس مع من لا يملكون شيئا.؟ 3- أن يستمر خمس سنوات على الأقل بعد تخليه عن أي منصب عسكري أو مدني وبعد أن تشتروا كل الأموال التي سرقها من الشعب الذي ائتمنه فكان جزاؤه هذا الشقاء الذي يعيشه الآن وكل هذا الشقاء وكل هذا البلاء سببه العصابة التي حكمت 34 عاما بعد كل ذلك يمكن أن يترشح كأي مواطن مع أنه خال من أي مؤهلات وكل مؤهلاته أنه يقود مجاميع من الشعب المنكوب أي رئيس عصابة. المخلوع حريص على توريث الحكم ويتستر بانتخابات قد عرفنا حقيقتها، وأنها مزورة كما عهدنا، إنه يوحي لابنه بأن يسلك نفس مسلكه بالتسلل على حين غفلة من الناس ليصبح على رأس الدولة ويستمر 34 سنة قادمة -لا سمح الله. المؤتمر الشعبي العام الذي أقامه ليواجه به الحزب الاشتراكي في حينه، وهو الآن يريد أن يواجه به الشعب اليمني، وهو إذا فاته رئاسة الدولة فسيعوضها برئاسة المؤتمر الذي سيمارس باسمه كل جرائمه بحق هذا الشعب الذي لا ندري متى سيمن الله عليه بقيادة صالحة؟ وقد وجد نفسه محاطا بكل المغريات التي تجعله يستمر في تجريع هذا الشعب المرارات وكأنه أذنب ذنبا كبيرا فهو يعاقبه بهذه الألاعيب، وصحيح أن الشعب اليمني قد أخطأ خطأ كبيرا بقبوله بأن يحكم هذا الصنف من الناس وكأن الله قد عاقبه على هذه الفعلة المنكرة والعجيب أن هذا المجرم لم يكتف بما مارسه في حق هذا الشعب من جرائم يتبع بعضها بعضا، ثلث قرن وهو يمارس هذه الجرائم لم يكتف بذلك، بل تراه مستمرا في جرائمه وجرائم من الوزن الثقيل قتل وخوف وفقدان الأمن وقمامات تملأ المدن وفوضى في كل مكان أكل هذا ليقول الناس لقد كان حكم المخلوع هو الأولى بالبلاد، لأنه ما زال يعتقد أن تضليله وكذبه على الناس ما زال مقبولا، إن الناس جميعهم -باستثناء الشرذمة القليلة التي ما زالت مخدوعة بك. إن الناس جميعا في الداخل وفي الخارج يعلمون أن كل هذه الأزمات المفتعلة من صنعك. وجد المخلوع نفسه محاطا بعدة حفريات تدفعه لأن يمارس جرائمه وانتقامه من هذا الشعب، هذه المغريات هي: 1- مليارات جمعها من كد هذا الشعب المنكوب طيلة ثلث قرن فهو إذا صرف أو اضطر إلى صرف نزر يسير منها فماذا يضر؟ 2- شرذمة من أصحاب المصالح الذين لا يهمهم أن ينكلوا بهذا الشعب ما دامت هذه المصالح ستستمر. 3- جمهور من الجهلة الذين لا يفرقون بين حق وباطل ويجهلون كل شيء ولا يدرون عن العالم شيئا وكيف يعيش؟ كل هذه المغريات قد دعته إلى أن ينشئ قناة وصحيفة ليمارس أكاذيبة وزخارفه الخادعة يريد أن يظل في خداعه وتضليله لضحاياه من الجهلة الأغبياء. ولكي لا يستمر الكذب الذي جربوه ووجدوه ذا نفع لهم، لكي لا يستمر هذا فيجب أن نقطع عليهم هذه الطريق الشيطانية ألا يكفي ثلث قرن من حكم هذا الشعب بالخداع والتمويه كان الأحرى بهم أن يتركوا هذا الشعب وشأنه وأن يكتفوا بما حصلوا عليه طيلة هذه الفترة الطويلة. إنهم قد رأوا في مزاولة الكذب والتضليل تحقيق ما يتمنونه، وأنهم يمكن أن يستمر أسلوبهم التضليلي، وأنه بهذا يمكن أن يحققوا ما تمنيهم به أنفسهم من مطامع. إن استمرار هؤلاء في تضليلهم وممارستهم خداع هذا الشعب المسكين شيء لا يجوز أن يمكنوا منه، ويجب فضحهم وكشف حقيقتهم. إن استمرارهم في تضليل الناس جريمة يجب أن لا يمكنوا منها وأن يجرموا منها.