في أول تقرير لها مؤسسة وثاق للتوجه المدني الحديثة النشأة تصدر التقرير الأول حول الانتهاكات ضد المدنيين في محافظتي صعدة وحجة ..وتكمن أهمية التقرير في كونه يسلط الضوء ليس على أعمال وانتهاكات السلطة الرسمية وإنما يستهدف الانتهاكات المنسوبة لجماعة الحوثي ارتكابها بحق المدنيين من أبناء المحافظتين .. كان التقرير في لغته اقرب إلى الكتابة الصحفية منه إلى الأسلوب العلمي الذي تعتمده مؤسسات المجتمع المدني في توصيفها لانتهاكات معينه وكان من شأن حداثة المؤسسة في نشأتها وقلة إسهاماتها في الجانب الإنساني ومحدودية إمكاناتها العلمية أن يجعل الاعتماد على التقرير كناقل أمين لما جرى ويجري على الأرض الذي تناولها أمر فيه كثير من الصعوبة والتعقيد .. الأرقام التي ذكرها التقرير تحت عنوان انتهاكات حقوق الإنسان في صعدة والتي سماها جرائم ارتكبها الحوثي في محافظة صعدة بلغت حسب ما وردت في التقرير من أرقام (8794) جريمة ارتكبت خلال الفترة من يوليو2004حتى نهاية العام 2011وتوزعت مابين 531قتيل على يد جماعة الحوثي و489جريح و596مختطف و5300 مهجر وهو العدد الأكبر من بين الجرائم المرتكبة إذ يرى التقرير أن كل مهجر اضطر للنزوح تحت ظروف الحرب أو قامت جماعة الحوثي بتنكيله يساوي جريمة ارتكبها الحوثي.. وتتوزع بقية الجرائم على حالات تعذيب تعرض لها مواطنين ومنازل دمرت وأخرى احتلت وصودرت وسيارات نهبت وبعض منه تم تدميره ومحلات تجارية منهوبة ومدمرة ومزارع محتلة ومحروقة وآبار ومضخات منهوبة ومدمرة ومرافق حكومية محتلة ومنها ماتم تدميره ...الخ. هذه الأرقام ليست مهولة مقارنة مع حجم ما خلفته الحروب الستة بين نظام صالح وحركة أو جماعة التمرد الحوثي كما يسميها البعض وما يدعو للقلق ليس تلك الأرقام وإنما معنى وتوقيت صدور هذا التقرير- والذي يمكن لنا ان نعتبره دعوة للجهات المعنية للقيام بإعداد تقارير اكثر دقة وبشكل سريع عن حقيقة المعاناة التي تسكن تلك المناطق وبشكل من شأنه المساهمة في حل تلك المعضلات .. لاشك ان له دلالاته وعاصفة جدل من شأنه أن يثيرها عن هوية هذه المؤسسة وحيادها وسنسمع اتهامات بوقوف جهات تناصب الحوثي العداء وراء مثل هذا العمل الذي لا يمكن له أن يكون بجهود ذاتية كما يدعي القائمون على المؤسسة القائمة عليه ففي مقدمة التقرير ذكر أن التقرير تم انجازه بجهود ذاتية وهو ما يمكن أن يكون استباق ردات الفعل المتسائلة عن الجهة الممولة والمخططة لتنفيذه... ومن كل ما سيقال من الجدل المثار عن هذا التقرير ينبغي للحكومة ورئيس الجمهورية أن يأخذ بعين الاعتبار مشكلة الحوثيين في إطار زماني وموضوعي اكبر من الإطار الذي اقره مضمون تقرير مؤسسة وثاق، ولعل الإطار الأكبر يتمثل في إدراك جوهر المشكلة والمتمثل بغياب الدولة وحضورها الضروري لفرض سلطتها ولكن بعد معالجة قضية صعدة وحلها حلا عادلا... هناك من يرى ان مثل هذا التقرير قد يكون الغطاء الإنساني والمدني لحرب قادمة تعد لها السلطة ومن خلفها القوى التي لا تعرف طرقا لعلاج المشاكل غير الحرب كنهج يسبح بحمده تجار الحروب والمأزق الحقيقي يكمن في أن الدولة بحاجة لفرض سيادتها على كامل أراضيها ومواطنيها ولعل هذه ذريعة أصحاب نهج الحروب وبها يبررون ما يعدون له ومن جهة ثانية هناك قضية بحاجة لمعالجة وهنا ستلعب مرونة الحوثيين وأولوياتهم دورا في تحديد طبيعة الحلول المقترحة لقضية صعدة .. ولاشك أن مدى تجاوبهم وجديتهم في دخول المعترك السياسي بوسائل حضارية سيجنب الدولة جولات جديدة من الصراع واستهلاك الأرواح واستنزاف الموارد المستنزفة أصلا...