كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش ان السلطة القضائية في اليمن لم تستجوب (مطلقا) أيا من كبار المسؤولين اليمنيين المتورطين في ارتكاب مجزرة جمعة الكرامة التي وقعت مطلع اندلاع الثورة الشعبية اليمنية في 18 أذار (مارس) من العام 2011، ضد نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأن السلطات القضائية اليمنية اكتفت بالتحقيق مع شخصيات ثانوية. وقالت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الانسان في تقرير لها أصدرته أمس من العاصمة اليمنيةصنعاء 'إن المحققين اليمنيين لم يستجوبوا مطلقا أيا من كبار المسؤولين ضمن التحقيق الجنائي الذي فتحته الحكومة السابقة حول إطلاق النار على المتظاهرين خلال ما سُمي ب(مذبحة جمعة الكرامة) في 18 مارس/آذار 2011'. وأوضحت أن 'الرئيس السابق علي صالح كان قد أقال النائب العام عندما طلب استجواب مسؤولين حكوميين في واقعة إطلاق النار التي أودت بحياة 45 متظاهراً بينهم 3 أطفال وإصابة 200 أخرين'. مؤكدة أن مجزرة جمعة الكرامة كانت الأكثر دموية على المتظاهرين خلال الثورة اليمنية. وذكر تقرير هيومان رايتس ووتش المكون من 69 صفحة، والذي أطلق عليه اسم (مذبحة بلاعقاب: إخفاق الحكومة اليمنية في التعامل بشكل ملائم مع أعمال قتل جمعة الكرامة)، أن 'التحقيقات الجنائية التي أجرتها الحكومة اليمنية السابقة شابته تدخلات سياسية كثيرة، وتجاهل أدلة على تورط مسؤولين حكوميين.. وقد أخفق ممثلوا النيابة كذلك في التحقيق بسبب مغادرة قوات الأمن التابعة لنجل شقيق الرئيس السابق صالح لمواقعها في مكان الحادث، قبل فتح المسلحين النار'. وطالبت المنظمة الحقوقية الدولية السلطات اليمنية بإعادة فتح التحقيق في هذه الجريمة. وقالت كبيرة الباحثين في هيومن رايتس ووتش وكاتبة التقرير، ليتا تايلر 'مضى ما يقرب العامين على مذبحة جمعة الكرامة، وما زالت عائلات الضحايا تنتظر العدالة، وانه إذا لم يفتح اليمن تحقيقا عادلا، ويحاكم أولئك المسؤولين عن هذا الهجوم المميت، فإنه سيخاطر بترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب في قلب الانتفاضة اليمنية'. وشددت هيومن رايتس ووتش على أن 'إفلات قوات الأمن اليمني من العقاب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كان مشكلة متكررة خلال حُكم صالح الذي دام 33 عاما. وخلال الانتفاضة في عام 2011، نفذت قوات الأمن عدة هجمات على الاحتجاجات السلمية واسعة النطاق، وسهّلت هجمات أخرى نفذتها عصابات مسلحة يُعتقد أنها موالية لصالح أو بلاطجة مدفوعي الأجر'. مشيرة إلى أنه بعد تنحية علي صالح من السلطة في شباط (فبراير) 2012، وعد الرئيس الانتقالي الذي انتخب خلفا له عبد ربه منصور هادي بالمساءلة القانونية على الانتهاكات الخطيرة التي حدثت خلال الثورة الشعبية اليمنية. واعتمد المنظمة في تقريرها على بحوث ميدانية أُجريت في صنعاء، بما في ذلك مقابلات مع أكثر من 60 شاهدا، مدعى عليهم، ومحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان، ومسؤولين حكوميين، فضلا عن مراجعة لأكثر من ألف صفحة من وثائق قضائية خاصة بوقائع القتل، كما ان المنظمة راجعت أيضاً العديد من مقاطع الفيديو التي صوّرها صحافيون وشهود عيان آخرون تظهر فيها أعمال إطلاق النار. وأوضحت انه بعد تأجيلات عديدة، بدأت في أيلول (سبتمبر) الماضي بالعاصمة صنعاء محاكمة جنائية للمرتكبين لقضية مبذبحة جمعة الكرامة 'تستند إلى التحقيقات المعيبة'. وقالت 'ان المحكمة أدرجت 43 من أصل 78 مدعى عليهم بصفة هاربين من العدالة وتضمنت قائمة الهاربين اثنين من أبناء مُحافظ موال لصالح، وكلاهما مسؤولان أمنيان كبيران، يعدان المشتبه فيهما الأبرز'. واشارت إلى أن الضحايا ومحاموهم يتهمون قوات الأمن بعدم بذل أي جهد للتوصل إلى الهاربين وأن محاموا الضحايا والمدعى عليهم على حد سواء، يطالبون بفتح تحقيقات جديدة، بل إن وزير العدل مرشد العرشاني قال في الذكرى الأولى للهجوم إن 'الجناة الحقيقيين هربوا، والمتواطئون معهم والمساندون لهم هم فقط من يقبعون في السجن حالياً'. وكان قاضي المحكمة قام بتعليق إجراءات المحاكمة في تشرين الثاني (نوفمبر)، بعدما رفع محامو الضحايا دعوى قضائية بطلب ضم مسؤولين حكوميين سابقين وحاليين إلى قائمة الاتهام، بما في ذلك الرئيس السابق علي صالح، وأقاربه. وأرجع محاموا الضحايا هذا الاجراء إلى أن المتهمين الثمانية المحتجزين حيث تم إخلاء سبيل 27 أخرين في وقت سابق جميعهم أبرياء أو متواطئون هامشيون على أقصى تقدير. وكانت جمعة الكرامة شهدت عمليات قتل واسعة من قبل أتباع النظام السابق بالرصاص الحي في الطرف الجنوبي من ساحة التغيير بصنعاء، والتي كانت مخيما احتجاجيا للمتظاهرين ضد نظام صالح، حيث وقعت المجزرة عقب انتهاء عشرات الآلاف من المتظاهرين من صلاة الجمعة التي أطلقوا عليها (جمعة الكرامة)؛ حيث أطلق عشرات المسلحين كانوا يرتدون ملابس مدنية النار على المتظاهرين من الشوارع والمنازل المحيطة بساحة التغيير، بما في ذلك إطلاق النار من مقر إقامة أحد المحافظين في صنعاء