من وسط التعقيدات والتشابكات التي تحجب مسار السلام في اليمن، برزت اصوات تدعو للمصالحة الوطنية والحوار، لتجنيب البلد ويلات الحرب، ووقف مخططات الشرذمة والتجزئة. وجاءت هذه الدعوات بعد مضي عقد من الزمن وصلت فيها الاطراف المتصارعة إلى مرحلة من عدم قدرة طرف على الحسم العسكري، والسيطرة على كامل جغرافيا البلاد. دعوة شجاعة وتعد دعوة الفريق سلطان السامعي عضو المجلس السياسي الاعلى للمصالحة الوطنية التي اعلنها بداية يناير/كانون ثان 2025 من تعز، أول الدعوات الشجاعة في هذا الجانب، كونها جاءت من رجل يتبوء منصب رفيع في سلطة صنعاء. وخلال الاشهر الاربعة الماضية ظل الفريق السامعي يكرر دعوته للمصالحة الوطنية، ما ابقاها حية، وبدأت تلقى تأييد واستحسان كتاب وصحفيين ومثقفين. صوت أخر ومؤخرا برز الدبلوماسي علي احمد الديلمي سفير اليمن السابق لدى لبنان ليوجه دعوة لاطراف الصراع اليمني للحوار مع الولاياتالمتحدةالامريكية والسعودية، مفندا ومسببا دعوته، ومذكرا بالقيمة الجيوسياسية لليمن، والتي تعد عاملا مهما في انجاح اي حوار مع الطرفين الامريكي والسعودي. مباركة وبدوره اعلن الفريق السامعي مباركته لدعوة الديلمي، داعيا الاطراف اليمنية لتوحيد خطابها، ومؤكدا أن الحوار سيقود الى رفع الحصار، ويمكن اليمنيين من بناء دولتهم. مبديا تاييده للأصوات الصادقة الحريصة على اليمن. حجر الاساس ورغم تجاهل الاطراف لدعوتي السامعي والديلمي، إلا ان الدعوتين تظلان حجر الاساس لبناء السلام في اليمن، فبدون المصالحة والحوار لا يمكن لليمنيين تجاوز الواقع الذي فرضته الحرب وانعكاستها خلال عشر سنوات، فضلا عن أن وصول الاطراف إلى مرحلة التعادل السلبي، لن يؤدي إلا إلى تقسيم البلد إلى المزيد من الكنتونات المتناحرة، وجميعها تسعى لرسم حدود لنطاق سيطرتها. دعوة السامعي للمصالحة الوطنية تعد من منظور وطني هي حجر الزواية لاطلاق حوار داخلي بين المكونات، يمهد لحوار خارجي باسم اليمن الواحد. وبالتالي فإنه لا يمكن الذهاب الى الحوار ما لم تسبقه مصالحة وطنية توحد الهدف، ومعه تتوحد الجغرافيا اليمنية. تكامل وبذلك فإن دعوة السامعي تتكامل مع دعوة الديلمي لتشكل نواة لخطة انقاذ وطني، ينبغي ان تثرى بالنقاش الجاد من قبل النخب، وصولا للضغط على مختلف الاطراف للجلوس على طاولة المصالحة والحوار. قيمة وطنية قيمة دعوتا السامعي والديلمي تأتي من كونهما جاءتا في وقت تقرع فيه طبول الحرب من جديد، وفي ظل تدخل عسكري خاڕي، لن يأتي إلا على ما تبقى من اقتصاد يعاني، ومواطن يتضور جوعا، وبنية تحتية شبه منهارة، وجغرافيا ترسم داخلها خطوط متكسرة ومتعرجة لكنتونات تديرها سلطات واقع، لم تعد تفكر بأكثر من الحفاظ على المربعات والمثلثات التي وجدت نفسها محشورة فيها. دور المثقف اليوم ينبغي على مثقفي اليمن اجتراح الحلول وتقديم المبادرات لانقاذ البلد، بدلا من التمترس خلف هذا الطرف او ذلك، او الصمت انتظارا للمجهول، ولتكن دعوتا السامعي والديلمي جرس البداية لتحريك مسار الخلاص للوطن والمواطن من نير الحرب ومشاريع التمزيق. تم نسخ الرابط