حزمة من التنازلات لا بأس بها قدمتها الحكومة اليمنية لجماعة الحوثيين، التي تعاملت معها على أنها مؤشر على ضعف الحكومة التي تعجز عن بسط سيطرتها على البلاد. واستغلت الجماعة الأوضاع السياسية الرخوة التي يعيشها اليمن عقب ثورة فبراير، للتوغل في المدن ذات الأهمية الاستراتيجية في اليمن، علاوة على تمركز الجماعة في صعدة، حيث ميناء ميدي على البحر الأحمر، إضافة إلى عمران والجوف فهم ينشئون مقرات و ينشرون مليشيات مسلحة تابعة لهم في تعز وجزيرة ميون حيث مضيق باب المندب كما مدن حضرموت والمهرة القريبة من جزيرة سقطري في المحيط الهندي. وبحسب مراقبين فإن الحوثيين يسعون للسيطرة على ساحل البحر الأحمر ويسعون للسيطرة على مدينة الحديدة، للسيطرة على ميناء الحديدة الذي يبعد عن صنعاء 226 كم. ويشكل الحوثيون حوالي 2% من سكان اليمن، لكنهم يملكون قوة عسكرية مدربة ومسلحة تسليحًا جيدًا، علاوة على أن الدعم الإيراني والمتمثل في المال والسلاح أتاح لهم استقطاب عدد لا بأس به من الأحزاب السياسية في اليمن، فالمال اليمني يلعب دورًا في تأييد بعض القبائل اليمنية لجماعة الحوثي لاسيما الفصيل الذي يتزعمه نائب الرئيس اليمنيالجنوبي الأسبق علي سالم البيض، الذي يعيش في العاصمة اللبنانية بيروت تحت رعاية حزب الله، بعد أن تبين ارتباطه بعلاقات وثيقة مع طهران. ويقول الدكتور أحمد قاسم الناشط السياسي اليمني بالحراك الجنوبي، إن تصاعد الأحداث في صنعاء يؤكد ضرورة انفصال الجنوب. وأكد القاسم في تصريحات ل"البوابة نيوز" أن الأوضاع السيئة التي تعيشها العاصمة اليمنيةصنعاء جراء تفجيرات أمس الخميس، التي أدت إلى مقتل خمسين شخصًا كما أن مطالبة الحوثيين برحيل الرئيس اليمني الهادي منصور جعلت المجتمع الدولي ينظر إلى الجنوب بعين الاعتبار، وحقه في دولة يمنية مستقلة كما كان الحال قبل وحدة اليمن. وأشار قاسم إلى أن رئيس الجنوب السابق علي سالم البيض، يقوم حاليًا بعقد مباحثات مع مسئولين دوليين من أجل انفصال الجنوب. وأوضح قاسم، أنه من المتوقع أن تشهد ساحات الجنوباليمني مظاهرات عارمة يوم الرابع عشر من الشهر الجاري تطالب بانفصال جنوباليمن حتى يأخذ المجتمع الدولي حق الجنوبيين في دولة مدنية وديمقراطية مستقلة بعين الاعتبار، لاسيما وأن اليمن الموحد يشهد موجة غير مسبوقة من العنف والصدامات المسلحة قد تدخله في حرب أهلية طويلة المدى. وتستغل إيران تجاهل الحكومة المركزية لقضايا الجنوبيين في خلق قاعدة شعبية مؤيدة لتحركات الحوثي الذي تقدم له الدعم المالي و العسكري فقد قامت بتدريب عدد من الشباب اليمني في بيروت كما أرسلت مدربين لتدريب عناصر قتالية في الجنوباليمني. كما تستخدم طهران تفاهماتها الاخيرة مع الغرب حول برنامجها النووي في دعم الحركات الانفصالية خاصة في اليمن لزعزعة أمن واستقرار الخليج العربي، والسيطرة على الممرات المائية الاستراتيجية في اليمن ما ينسجم وطموحات إيران الثورية في المنطقة. وأثبتت السلطات اليمنية أكثر من مرة تورط ايران في مد الحوثيين بالسلاح، وهي أسلحة تستخدم في عمليات الاغتيالات وأسلحة قناصة ودروع (لم تكن متاحة في سوق السلاح باليمن) وأسلحة مزودة بالمناظير الليلية والمسدسات المزودة بكواتم الصوت، كما ألقت على شبكة تجسس إيرانية داخل اليمن. وتهدف إيران من وراء دعم الحوثيين محاصرة دول الخليج وتطويقها من جهة اليمن والبحرين، كما أحكمت سيطرتها على الممرات المائية ذات الأهمية الاستراتيجية، فإضافة إلى سيطرتها على مضيق هرمز، تطمح في السيطرة على مضيق باب المندب، وهو ما يتيح لها نفوذًا إقليميًا كبيرًا، كما يعزز علاقاتها بالدول الغربية التي تمثل لها هذه المضايق ممرات مهمة لحركة النفط و السلع الدولية. كما أن اليمن هو بوابة العرب الجنوبية التي ستكون بمثابة منطلق لطموح إيران في التبشير الشيعي في المنطقة فطهران تسعى إلى استغلال الأوضاع في اليمن من أجل خلق موطئ قدم في منطقة ذات أهمية استراتيجية بالغة تمكنها من التأثير في خارطة التوازنات الإقليمية . وتحاول إيران سحب استراتيجيتها في سوريا على اليمن وتحويل الخلافات السياسية إلى نزاعات طائفية على أسس مذهبية و تفجير حرب إثنية في منطقة الخليج. وحذر الرئيس اليمني عبد ربه هادي منصور، أمس الخميس، من تداعيات الأوضاع التي تشهدها اليمن عقب تفجيرات منطقة التحرير بصنعاء، وتصعيدات الحوثيين الأخيرة على أمن المنطقة ودول الجوار واحتمالات إدخال اليمن في أتون حرب أهلية.