نت /بقلم – خالد الكثيري الكثير من الوقائع التي أكدت بلوغ الجنوب مرحلة فك الإرتباط عن الجمهورية العربية اليمنية وقد تجسد ذلك فعلياً في إنتصار الإرادة الجنوبية في ثلاث مشاهد نرتكز في هذا المقال على أولى تلك الإنتصارات التي أكدت الإرادة الجنوبية زمامها على الميدان السياسي داخل حدود دولتها الجنوبية " المحتلة " بنجاحها في فرض المقاطعة الشعبية لإنتخابات الرئاسة اليمنية ورفض إجرائها على أراضي الجنوب لكونها إنتخابات يمنية وليس بها صلة بالجنوب ، فكان نجاح هذه المقاطعة للإنتخابات الرئاسية اليمنية في 21 فبراير 2012م كان بمثابة إستفتاء شعبي للجنوبيين بأثر عكسي يثبت توحد الجنوب بالأغلبية الساحقة على خيار فك الإرتباط عن الجمهورية العربية اليمنية . طبعاً هذا النصر الذي تحقق للجنوبيين خطوة خطوة بعد ست سنوات من الحراك السلمي للمسيرة الجماهيرية التحررية منذ إنطلاقتها الفعلية بالعام 2007م وهو العام الذي كان بوابة القضية الجنوبية الى الإنتصارات يوم أن إستطاعت إعلان إنطلاقتها تحت راية التحرير والإستقلال فيما يسمى بثورة الحراك الجنوبي التي كسرت حاجز الخوف وتجاوزت القيود المفروضة على القضية الجنوبية بدون حمل أي سقف تحت فرض القوة العسكرية المتعسفة بموجب الفتاوى التكفيرية المسلولة على رقاب الجنوبيين وعلى كل أصوات ترتفع بإسم الجنوب وإن صغرت الأسقف لمطالباتها . وقد كان لتلك الإنطلاقة الفعلية للمسيرة الجنوبية أن أعادت القضية الجنوبية الى الأذهان والى قائمة أولويات السلطات اليمنية بعد أن كانت قد أسقطتها من أي حسابات لها في غمرة النشوة التي كانت تعيشها بالإنتصار العسكري الذي أحرزته جيوشها في جبهات إجتياحها لأراضي دولة الجنوب بالعام 1994م حتى أن تصور لتلك السلطات اليمنية بغرورها وتعالي هامات جنرالاتها بهذا النصر أنها قد أمتلكت الجنوب والجنوبيين أبدا . فكان لإنطلاقة المسيرة الجماهيرية الجنوبية أن أقظت تلك السلطات وأعادتها من نشوتها وكان لتعالي السقف والراية الجنوبية الى المطالبة بالإستقلال وفك الإرتباط أن أوطى بالسقف المرفوعة من تحتها هامات جنرالاتها تعالياً وغروراً لتنحني للجنوبيين ، ولتبدأ هذه السلطات بالتقرب الى الجنوبيين بالمناورات معهم على بعض الخيارات التي لم تكن من قبل تلتفت لمجرد الإنصات إلي أي مطالبات حتى وإن كانت مطالبات حقوقية ودعاوى إنصاف جنوبية فيما بينها وبين رعايا العربية اليمنية ، أنحنت هذه السلطات أمام الحركة الإحتجاجية الجنوبية لتمنًي الجنوبيين بأي مطالبات داخلية من إعادة العسكريين والمبعدين المدنيين الى التوسل للجنوبيين المهجرين للعودة . ثم أنحنت هذه السلطات اليمنية بظهرها للجنوبيين لتتوسلهم للتخفيض من أسقف المطالب من فك الإرتباط الى المشاركة في السلطة أوخيارات الحكم المحلي واسع الصلاحيات للمحافظات كما وأوعزت هذه السلطات لأحزابها المعارضة لتتقدم بالمبادرات تلو المبادرات من فيدرالية الأربعة مخاليف الى فيدرالية القطرين وتعالت الدعوات للحوارات وتنظيم العديد من اللقاءات وجدت لها بعض الجنوبيين من فوق الطاولة والعلن ومنها من خلف الستار . هذا فيما كانت السلطات اليمنية تتداعى شيئاً فشيئاً أمام الصمود الأسطوري للجنوبيين رغم القمع والتصلف المفرط الذي تمارسه هذه السلطات في مجابهتها للمسيرة الجنوبية الإحتجاجية الداعية لفك الإرتباط والإستقلال عن الجمهورية العربية اليمنية ، حتى غدت هذه السلطات اليمنية متهالكة من داخلها وهان على شعبها الثورة عليها ومحاولة الإنقلاب على بنيانها ودكتاتوريتها حتى تم بالفعل إسقاط رأسها وإسقاط الزمام لأمرها بيد معارضتها التي كانت تتصيد الفرص بالفعل لتتولى الزمام عنها بعد أن أيقنت بتهالك سلطاتها ووهنها أمام المسيرة التحررية للجنوبيين تلك المسيرة الإحتجاجية الجنوبية التي كانت ولاتزال مدعاة لتوحد بين القوى المتصارعة بالجمهورية العربية اليمنية مهماً بلغت حدة صراعاتها لكونها تتفق مجتمعة على أن فقدانها للجنوب يعني ضياعها لمورد الثروات والأراضي والأهمية الإستراتيجية التي تستحوذ عليها طالما تبقى جيوشها جاثمة على أراضي وحياض دولة الجنوب مهيمنة على مقدراتها . وإذن فهذه المعارضة اليمنية قد تخلت عن مطالب ثورتها من تغيير النظام الحاكم الى الدخول بمشاركته السلطة التوافقية وليس لعجزها عن إسقاطه بل وقد إنقلبت على ثورة الشباب التي كانت عازمة وتوشك على إسقاطه بل كان لإصرار تلك المعارضة اليمنية على تفويت الفرصة على الجنوبيين لفرض فك الإرتباط مع سقوط النظام اليمني . وهاهي هذه المعارضة اليمنية قد أخذت زمام المبادرة في مجابهة الثورة الإحتجاجية الجنوبية غير أنها قد جاءت في وقت وقد إشتد قوام الثورة الجنوبية وباتت بحكم الرقم المحال تجاوزه حتى غدا الإستقرار بالجمهورية العربية اليمنية مرهون بضرورة الوقوف على الحل للقضية الجنوبية وبما يرضي السواد الأعظم من الجنوبيين وفك الإرتباط هو الخيار الأكثر شيوعاً وتشبثاً به لدى السواد الأعظم لشعب الجنوب والذي ترتفع راياته وتتعالى الهتافات بشعاراته في كافة الميادين للمسيرات الإحتجاجية الجنوبية ، ولن تنعم العربية اليمنية بالإستقرار حتى تنعم به الجماهير الجنوبية في دولتها الحرة المستقلة .