من كتاب (( علي عبد الله صالح.. تجارب السياسة وفلسفة الحكم)) تأليف: نزار خضير العبادي علي عبد الله صالح – رجل أحالت ظروفه الاجتماعية دون إكمال دراسته، فوجد في تجارب الحياة متسعاً لصقل خبراته وبناء شخصيته، ثم عقد العزم على تطوير تعليمه وتثقيف نفسه ذاتياً، وهو اليوم يحمل ثلاثة شهادات أكاديمية عليا: 1. ماجستير فخرية بالعلوم العسكرية من كلية القيادة ولأركان – صنعاء عام 1989م. 2. دكتوراه فخرية بالعلوم العسكرية من جامعة "الجزيرة" بجمهورية السودان بتاريخ 29/6/2002م. 3. دكتوراه فخرية بالعلوم العسكرية من دولة "كوبا" منحت له بتاريخ 17/7/2002م. • إنه يتمتع بذكاء فطري، ونظرة ثاقبة وبعيدة، وفراسة حادة، وذاكرة قوية لا تنسى صغائر الأمور.. ويمتلك شجاعة نادرة، وصراحة متناهية، ولا يحب المجاملة الزائفة أو المبالغة، في الإطراء والتبجيل. إنه مستمع جيد، ولا يتردد بطلب المشورة ممن يمتلكها، ويثق بالآخرين، ويزداد تواضعاً بحضور من يكبره سناً، يعيش بأنفاس البسطاء، وقلبه ينبض بآهات اليتامى والفقراء والمحرومين. • ما هو رئيس وقائد، فإنه أب ورب أسرة كبيرة، فله من البنين ستة، ومن البنات عشر.. أكبر أبنائه (أحمد) وأصغرهم (صخر). وهو متزوج من اثنتين، وله زوجة سابقة توفاها الله إثر حادث، وهي أم نجله الأكبر (أحمد). والذي ما من أحد إلاّ وأشاد بإعجاب كبير بدماثة خلقه واستقامته وتواضعه، خلافاً لكل من عرفناهم من أبناء الرؤساء العرب. • أغلب وقت الرئيس مكرس للعمل، وينتزع الفرص انتزاعاً ليقضيها مع عائلته وأطفاله، سواء على بعض الوجبات أم في الإجازات.. وغالباً ما يكون ذلك مساء يوم الخميس، أما الجمعة فهو اليوم الوحيد الذي يريح فيه جسده وينام حتى الساعة الحادية عشرة، لكنه في العصر يقضي بضع ساعات مع الأصدقاء والضيوف يتبادلون الأحاديث عن شؤون الأمة والوطن، وقضايا الساعة الساخنة.. ويُذكر أنه لم يسبق للرئيس أن استمتع بإجازة خارج اليمن، فهو يفضل استغلال الأجازات في العمل وتفقد بعض المناطق اليمنية، بل ويعتبر – من وجهة نظره- كل ما ينجزه من عمل لأبناء شعبه في أيام الأجازات هو المتعة الأكبر. • يمارس الرياضة باستمرار، وخاصة البلياردو والسباحة والبولينج ويخصص لها الفترة من الساعة الثالثة والنصف عصراً، وحتى السابعة.. علاوة على أنه يتابع المحطات الفضائية – خاصة قناة الجزيرة- حيث أنه يفضل مشاهدة البرامج الإخبارية والسياسية والتاريخية والثقافية، فضلاً عن كونه يقرأ جميع الصحف اليمنية المحلية، ويتابع كل ما تنشره الصحافة العربية والدولية من خلال الإنترنت.. كما يفضل قراءة كتب السياسة والتاريخ بالدرجة الأولى، بجانب كتب الأدب والثقافة العامة. • رغم أنه لا يتكلف الأناقة، وينتقي ملابسه بعفوية، لكنه يوصف دائماً بالرجل الأنيق.. وهو أيضاً لا يمضغ القات ولا يدخن السيجارة ، ويحارب الاثنين معاً ويدعم المنظمات الجماهيرية التي تكافح القات. • الزعيم الراحل جمال عبد الناصر هو الشخصية التاريخية التي طبعت أثرها في نفسه.. وعلى الرغم من كونه لم يعرف انتماء منذ توليه الحكم وحتى إطلاق التعددية بعد إعادة تحقيق الوحدة، لكنه موصوف عند أعدائه وأصدقائه على حد سواء بأنه رجل قومي أكثر من كونه حزبياً قطرياً.. فهو من أشد الناس كراهية وحقداً على الكيان الصهيوني، وأكثرهم تعاطفاً وتعصباً مع الشعب الفلسطيني، ويفاخر بدعمه ل"حماس" ، رغم ما قيل بحقها من اتهامات من قبل الإدارة الأمريكية. • إنه ذو جرأة نادرة في الحديث في المحافل الدولية، والقمم العربية، وأمام وسائل الإعلام، ولا يكترث لمسألة الإطلاع على الأسئلة مسبقاً في اللقاءات الصحفية أو الخاصة، على غرار ما يفعله السياسيون،، فقد عُرف بالعفوية والصراحة والإنسانية في الخطاب السياسي، ولهذا يجد عامة الناس لذة ونكهة متميزة في الاستماع لخطاباته وأحاديثه الشفاهية، كما لو أنه كان أكثر فصاحة مما لو قرأ ذلك من ورقة.. وما من أحدٍ أصغى لحديثه إلاّ ووجده ينساب إلى القلوب من غير تريث. • علي عبد الله صالح رجل يعتز بيمنيته، ويجمع في ثقافته الخاصة بين قيم القبيلة، وفكر العصر، وحسابات الغد.. فمع إنه يعتز بلبس الزي اليماني الشعبي و(الجمبية) من حين لآخر، فهو يستمتع أيضاً بتصفح الإنترنت واستكشاف كل جديد فيه.. فهو يؤمن بأن الحياة تجدد مفرداتها ولكن من غير أن تمسخ لفظ كل حرف من أي مفردة جديدة. • يطمع اليمنيون بطول صبره، وسعة صدره، فيختصرون الطريق ويلجئون إليه أو يناشدونه مباشرة في كل ما تعسر عليهم قضاؤه.. والبعض يعترض موكبه الرئاسي ليبث له معاناته، أو يشكوه أمراً، فنجده صاغياً وملبياً.. وجواداً كريماً.. وتقياً شهماً، وحكيماً حازماً.. يتحدث عنه اليمنيون بأنه من أمهر الناس في تسوية الخلافات، واحتواء الأزمات، وتخطي الضائقات. • مقراته الرئاسية متواضعة، تلتحم بأسوارها منازل عامة الناس أو مزارع البسطاء.. فلا يأبه لمباهج الدنيا وزخرفها، ولا يخشى على حياته من أحد كما لو كان واثقاً من حب شعبه له، كما هو الشعب واثق من حب رئيسهم لكل فرد منهم. فلعل ذلك هو سرّ إقامة الرئيس وسط شعبه في قلب العاصمة صنعاء، وسر عدم تعرضه لأي محاولة اغتيال منذ تسنمه مقاليد الحكم. • علي عبد الله صالح – رجل قوي الإرادة، لكنه صبور وغير متعجل على مُناه.. فقد وهبه الله ملكة بُعد النظر، فصار يقرأ من خلالها وجوه الأيام القادمة وملامح خطوبها وبشائرها معاً، ويهيئ لكل أمرٍ منها ما يجب.. ويخطط مشاريعه الطموحة في ظلالها، ويتأنى في بلوغ مراده ، كارهاً القفز فوق المراحل. وأظنه ممن لا يؤمن بالمستحيل، ويعتقد بأن إرادة المرء وقوة عزيمته وتشبثه بما يرنو إليه كفيل بتحقيق كل شيء – ولكن- بالصبر لبعض الوقت، والاجتهاد بإخلاص وحُسن نيَّة. • إنه مراقب ذكي لكل ما يدور حوله، ولا يترك حدثاً يمر من غير أن يتأمل فيه ملياً، ويناقشه مع جلسائه، ويصغي لآرائهم، وربما يتابع ما يُنشر عنه إذا ما كان المتغيّر كبيراً.. فهو من النوع المحب لاستلهام المعرفة من تجارب غيره الواقعية، والتعلم منها دروساً حيَّة، ولا يرى عيباً في حث الآخرين على فعل الشيء نفسه.. فالحياة بالنسبة له هي المدرسة الأعظم. • ظلت الصراحة المتناهية، وجرأة البوح بما يدور في الخُلد، والمكاشفة المباشرة هي جواز سفر الرئيس علي عبد الله صالح إلى قلوب اليمنيين والعرب والشعوب الصديقة، فتلك الخصال تُعد ضرباً نادراً من الشجاعة ا لأدبية التي قلّما يشهدها الوسط السياسي. • ليس سهلاً استفزاز الرئيس صالح، أو إيقاعه في حُمّى الغضب.. فهو يتمتع بروح شفافة، وطباع هادئة، وأخلاق سمحة تمكنه من احتواء المواقف المتوترة، وإفراغ شحناتها بأسلوب مرن وحوار متزن، ومراعاة لظروف الآخر.. وكثيراً ما تصبح روح الدعابة عنواناً لتبديد الكثير من الحساسيات أو التوترات – سواءً على الصعيد الفردي أم الجماعي. مع كل ما سبق – تبقى السمة الأهم في شخصية الرئيس علي عبد الله صالح هو إنه يعيش (يمنيته) بكل تفاصيلها، وأدق أحاسيسها الإنسانية.. فهو كغيره من أبناء الشعب اليمني يتذمر من الفساد والمفسدين علناً، ويتذمر من الفقر وضيق ذات يد الكثير من الأسر، ويشكو الظلم المحيق بعدد من الشعوب، ويتألم لمشاهد المجازر والدمار، ويتفاخر بزهو ببطولات الانتفاضة الفلسطينية.. وهو كغيره يذهب إلى الجامع الذي يؤمه أغلب البسطاء والكادحين في (باب اليمن)، ويرفع كفيه للسماء سائلاً الرحمن، ولي النعم، القوى الجبار، ومتمنياً على الله بنفس الدعاء.. وربما إذا ما تمنت الصالح.مراً لنفسها، فهو وحده من سيتمنى على الله فضائل رحمته وخيره لكل من حضر أو غاب من أبناء هذا الوطن.