فيما أكدت رئاسة حكومة إقليم كردستان عدم تسليمها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي إلى السلطات العراقية، فقد شدد مجلس القضاء الأعلى أنه بريء ما لم تثبت إدانته بأدلة معتبرة.. في وقت أبلغ العراق دول الاتحاد الأوروبي أن قواه السياسية حريصة على حلّ الأزمة السياسية الحالية بالحوار، وأن يأخذ القضاء مجراه في قضية الاتهامات الموجّهة إلى الهاشمي، الذي وصف المالكي بالكذاب، مؤكدًا أن العلاقات معه وصلت إلى قطيعة نهائية. وقال المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى في العراق عبد الستار البيرقدار إن الهاشمي المطلوب للقضاء العراقي بريء حتى تثبت إدانته بأدلة قاطعة، وحتى يقول القضاء كلمته الأخيرة في قضيته.
وأضاف المسؤول القضائي العراقي في تصريح مكتوب تلقته "إيلاف" الليلة "أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وحتى يبتّ القضاء في موضوع الأدلة المتحصلة ضد طارق الهاشمي، من خلال محاكمة عادلة، تتوافر فيها كل الضمانات المنصوص عليها في القانون". وأوضح "لذا فإنه يعتبر بريئًا حتى تثبت إدانته بأدلة دامغة بالنسبة إلى الأفعال التي نسبت إليه، وبعد أن تكتسب الأحكام درجة الثبات، من خلال مراحل الطعن المنصوص عليها". وأشار إلى "أن هذا ديدن القضاء العراقي، سواء بالنسبة إلى قضية السيد طارق الهاشمي أو في أي قضية أخرى".
وكان مجلس القضاء الأعلى أصدر السبت الماضي مذكرة إلقاء قبض بحق الهاشمي، ومنعه من السفر، كما تم اعتقال عدد من أفراد حمايته، قامت وزارة الداخلية بعرض اعترافات لهم من على شاشة قناة "العراقية" الرسمية، اتهموا فيها الهاشمي بتوجيههم إلى تنفيذ عمليات قتل وتفجير إرهابية مقابل مكافآت مالية.
جلال طالباني أكد أن رئيس مجلس القضاء الأعلى مدحت المحمود أبلغ الرئيس أن القضاء لم يمنح موافقته للحكومة على عرض إفادات المتهمين من عناصر حماية الهاشمي في الإعلام. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قال في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم إن "القضاء رفض طلبًا للحكومة بعرض الإفادات في الإعلام، ثم وافق على ذلك بعد يومين".
وأشارت المصادر إلى أن "المحمود أبلغ رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي الموقف عينه لجهة رفض القضاء عرض الاتهامات في الإعلام الحكومي"، في إشارة إلى قناة "العراقية" الحكومية، كما نقل عنه موقع ساحات التحرير العراقي.
على صعيد مطالبة المالكي اليوم حكومة كردستان بتسليم الهاشمي الموجود حاليًا في مدينة إربيل عاصمة الإقليم إلى القضاء العراقي، فقد أعلن رئيس ديوان رئاسة الإقليم فؤاد حسين أن الهاشمي ضيف لدى رئيس الإقليم مسعود بارزاني ومسألة تسليمه إلى بغداد غير واردة إطلاقًا.
وقال حسين في تصريح صحافي إن "الهاشمي جاء إلى الإقليم لمقابلة رئيسه مسعود بارزاني، وهو نائب لرئيس الجمهورية، وضيف عليه. وأكد أن الإقليم على استعداد لتوفير محاكمة عادلة للهاشمي، في حال وافقت السلطة القضائية في العراق على ذلك.. موضحًا أن الإقليم جزء من العراق، فإذا سمحت الإجراءات والسياقات القانونية بعقد تلك المحاكمة في كردستان، فنحن مستعدون للتعاون مع القضاء الإتحادي".
وأشار حسين إلى أن "موضوع الهاشمي "ليس سياسيًا، حتى يكون لنا موقف مختلف عن الأطراف الأخرى، وأن الموضوع قانوني بحت، ويحسمه القضاء العراقي، وأن الإقليم مستعد للتعاون في هذا المجال. وأكد أن من حق الهاشمي المكوث في الإقليم للفترة التي يشاؤها، وحسب ظروفه الخاصة".
من جهته، أكد الهاشمي اليوم ردًا على تصريحات المالكي على إصراره على نقل ملف التحقيق معه إلى إقليم كردستان، متّهمًا المالكي بالكذب. وقال في تصريح صحافي اليوم "إنني سأبقى في أربيل إلى حين إطلاق سراح حمايتي، واسترجاع الوضع الطبيعي لسكني واسترداد كرامتي كاملة". وأضاف "كما إنني أصرّ مجدداً على نقل التحقيق معي إلى إقليم كردستان لضمان نزاهته وحياديته".
واتهم الهاشمي المالكي بالكذب، وقال إنه يكذب على الشعب العراقي، حين قال اليوم إنه لم يسمح بتفتيش منزله، مؤكدًا أن قوات اللواء 56 قد مكثت في مكتبه ومنزله 3 ساعات، حيث قامت بتفتيشه، ومصادرة وثائق وأختام رسمية منهما. وشدد على أن العلاقة مع المالكي قد وصلت إلى حال من القطيعة التامة.
زيباري يبلغ دول الأوروبي حرص القوى العراقية على الحوار لحل الأزمة
أبلغ العراق دول الاتحاد الأوروبي أن قواه السياسية حريصة على حل الأزمة السياسية، التي تشهدها البلاد حاليًا، بالحوار، وأن يأخذ القضاء مجراه في قضية الاتهامات الموجّهة إلى نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في بغداد اليوم مع سفراء ورؤساء بعثات دول الاتحاد الأوروبي العاملة في العراق، بناءً على طلب ممثلية الاتحاد الأوروبي للإطلاع على تطورات الأزمة السياسية ومبادرة العراق تجاه سوريا، لتنفيذ المبادرة العربية وخطة العمل العربية والعلاقات العراقية الأميركية بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد.
وأكد زيباري أن كل القيادات السياسية العراقية تؤكد على لغة الحوار في معالجة وتخفيف لهجة التصعيد الإعلامي، وأن يأخذ القضاء مجراه. وأشار إلى نجاح الجهود العراقية في تشجيع الحكومة السورية على الموافقة على استقبال لجنة تقصي الحقائق، وفق برتوكول الوضع القانوني للمراقبين العرب، وأن الحكومة العراقية سعت إلى أن تشارك في أعمال اللجنة.
واستعرض الوزير نتائج زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى واشنطن في الأسبوع الماضي، والنتائج الإيجابية التي تمخضت عنها في تدعيم العلاقة الثنائية من خلال تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي.
على الصعيد نفسه، يجري السفير الأميركي في العراق جيمس جيفري مباحثات ماراثونية مع القادة العراقيين، في محاولة لتخفيف الاحتقان السياسي الناتج من اتهام الهاشمي بقضايا إرهاب.
فقد التقى السفير اليوم كلاً من رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري والقيادي في القائمة العراقية وزير المالية رافع العيساوي، حيث جرى "بحث سبل حل المشاكل الطافية على سطح العملية السياسية، والخروج برؤية موضوعية، بعيداً عن تسييس القضاء، إضافة إلى رأب صدع العلاقة بين الكتل السياسية، للمحافظة على المشروع الوطني العراقي".
وفي وقت سابق اليوم، حثّ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن القادة العراقيين على الإجتماع والعمل معاً على تسوية خلافاتهم، مؤكداً إلتزام أميركا بشراكة استراتيجية طويلة الأمد مع العراق.
فقد اتصل بايدن بالمالكي، ومن ثم بالنجيفي، وناقش معهما المناخ السياسي الحالي في بغداد، حيث أبلغهما بأن الولاياتالمتحدة تراقب الأحداث في العراق عن كثب. وشدد على "إلتزام الولاياتالمتحدة بشراكة استراتيجية طويلة الأمد مع العراق"، مضيفاً أن واشنطن تدعم حكومة شراكة شاملة في العراق، وتركز على أهمية التصرف بطريقة تتماشى مع حكم القانون والدستور العراقي. وأكد نائب الرئيس الأميركي على "الحاجة الملحة إلى أن يجتمع رئيس الوزراء وباقي قادة الكتل الرئيسة (في العراق) ويعملوا معاً على حل خلافاتهم".
يأتي الموقف الأميركي في ظل التوتر، الذي يشهده العراق، بعد صدور مذكرة إعتقال بحق نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، بعد وقت قصير من إصدار مجلس القضاء الأعلى العراقي قراراً بمنعه وأفراد حمايته من السفر إلى خارج العراق، فيما تم اعتقال 3 من عناصر حمايته أثناء محاولتهم السفر من مطار بغداد الدولي على خلفية الإتهامات الموجّهة إليهم بالضلوع في أعمال "إرهابية".