لاشك أن الحوار الذي قدمه لنا ربان الرياضة الرائع الاستاذ (محمد العولقي) مع مدرب منتخبنا الوطني لكرة القدم البلجيكي (توم ساينت فيت ) قد طرح أكثر من علامة استفهام، وعشرات من علامات التعجب ونقاط ( الفول ستوب )أمام كل من يعرف خبايا وأسرار كرتنا اليمنية ، وقد بدأ للجميع أن المستر توم ظهر متقمصا شحصية( عنتر شايل سيفه ) رغم أنه وفي سياق الحوار لا يعرف حقيقة واقعنا الكروي الميئوس منه . وهنا لا أدعو لاستمرارية لغة التشاؤم ولكن لأننا نعرف ( البئر وغطاه ) لأن (الخبرة ) قد صدروا لنا كل ما من شأنه أن يبعث الغثيان ويطير ( البرج ) من ( النافوخ ) منذ أن عرفت ( المشيخة ) طريقها نحو وظائف رياضتنا اليمنية وبالذات الساحرة المستديرة وعمدوا ذلك بأنه جزء لا يتجزأ من كيانهم وشخصياتهم التي أضحت تسيطر على كل ما هو جميل ورائع لتحوله لشيء آخر لا يمت بصلة ولا يرتبط بأي حال من الأحوال بلغة الفنون والإبداع . وعلى هذا الأساس أنى لنا أن نتفاءل أو أن تعرف لغة التفاؤل الطريق الصحيح إلى قلوبنا ، فالحال لا زال يمر من سيئ إلى أسوأ والصورة لم تعد ضبابية بل أصبحت كالحة السواد والواقع يشهد ألف مرة مصداقية ما نقول . فدورينا الكروي الذي من المفترض أن يكون أساسا لتطور كرتنا هو الوحيد عالميا الذي لا نعرف متى يبدأ أوينتهي ، واتحادنا في خصام دائم مع ( روزنامة )المواعيد المنظمة لكافة الأنشطة والمسابقات بما في ذلك المشاركات الخارجية الرسمية منها والودية ، وفي الوقت الذي يشير فيه هذا الاتحاد عن بدء تحول الدوري إلى نظام الاحتراف إلا أنه يغض الطرف ليس تأدبا بل من باب ( الدعممة ) عن ملاعب لا تصلح لترويض الخيول والفيلة والفهود بما في ذلك الملاعب التي ندعي أنها تحمل مواصفات الملاعب الرسمية والدولية وهذه حقيقة يعرفها الجميع ناهيك عن ملاعب أخرى ترابية ومتصحرة ولا تصلح للاستخدام الآدمي . وصاحبنا البلجيكي ( توم ) لم يقل كغيره من أقرانه السابقين أنه لا يملك العصا السحرية لتحويل ( فسيخ ) كرتنا اليمنية إلى (شربات) ، بل دخل مندفعا وبدون ( إحم ولا دستور ) متحديا منتخبات المنطقة بتحقيق المفاجأة ونقل منتخب ( أبو صفر وأبو نقطة ) إلى منتخب يحسب له ألف حساب لدرجة تجعلنا نغلط في عدد النقاط مبينا أن له تجارب ناجحة ومع فرق من القارة السمراء متناسيا أنها تفوقنا في كل شيء ولا يعلم أنها تصدر لنا (السماكرة والبنشريين ) ليلعبوا كمحترفين في أضعف دوري على وجه المعمورة في صورة أشبه بعمال ( الحصبة و دار سلم ) في التهافت على الإحتراف المزعوم وبأرخص عقود مدونة في السجلات ( وعلى عشرين يا رعوي ). وفي بلادي الحببية لا زال لعب الكرة رجس من عمل الشيطان ويدخل تحت بند اللهو واللعب ولا يسير وفق منظومة التسلسل المعروف عند لاعبي الكرة من الحارة ثم المدرسة ثم الفئات العمرية إذ أنه لا يوجد في الحارة من يسمح لك بإزعاج خلق الله وفي جدول حصص المدرسة لا يكتب كلمة رياضة بل ( ألعاب ) وشتان بين الكلمتين والفئات العمرية هي أصلا غير موجودة في معظم الأندية وإن وجدت فتعطى للاعبين الفاشلين سابقا على نسق ( المؤلفة قلوبهم ) كما هو الحال في اختيار رئيس الفصل في مدارسنا . أما لوائحنا فنحن الأبرز في إعدادها ومناقشتها سنويا وإقرارها موسميا ثم تطويعا وترويضها حسب الأهواء والأمزجة وتمرير فقراتها بحرفنة سواء من فوق أو من تحت الطاولة وكل فريق وله وزن وثمن ولون ولا بد أن يروق لأصحاب النظر الحاد أبعد من زرقاء اليمامة حتى وإن كان مصابا بعمى الألوان ( ويا ما في الجراب يا حاوي ) . وعن السمسرة حدث وأنت مرتاح البال وتضع قدما فوق أخرى وتحتسي الشاي في ( مجمع شاهر ) أو (زقاقات) باب اليمن لتجد أنها عنوان لمانشيتات الكرة اليمنية ويدخل في هذا الباب المفتوح كل ما يمت ( للبيس والفلوس ) التي تضيع العقول والنفوس وتسيل لعاب من يرقصون على حركات الأفاعي دونما حساب لشيء عظيم اسمه وطن وأي وطن بحجم اليمن بأصالته وتاريخه الإنساني العظيم . ومثل هؤلاء يمتهنون لغة النفاق من دق الصدور والطبل والزمر والتغريد خارج السرب ويحشرون أنفسهم في زوايا أضيق من سم الخياط فيحجزون المعسكرات الخارجية ويختارون الفنادق ويقيمون المباريات الودية مع أي فريق لديه (فانيلة وشورت وشراب ) ويتعاقدون مع اللاعبين والمدربين ويتفاهمون مع المتصيحفين من المراسلين المرافقين لنقل أجمل الصور من ذلك مذيلين رسائلهم بأن سعادة الشيخ قد اطمأن على كل شيء إلا نتائج المباريات فذاك شيء لا مدلول له إلا ( دلدلة اللسان) لعيون الحاسدين . ولاعبونا أصحاب العنية يقلدون ويحاكون ما حولهم من خلال الإيقاع والتصفيق بالتنافس فقط على طريقة الإحماء دون أي شيء آخر ويفرطون في التقليد الأعمى والفارغ كإدمانهم في تعاطي ( الفولتارين ) أو استخدام (الجل) لتصفيف الشعر ويمكن أن نعرفهم من خلال انتفاخ الأوداج الماركة المسجلة (حصريا ) لدينا وهم دائما مطلوبين للاحتراف الوهمي لأن هناك من يطبل لهم ويجعلهم يعيشون على نغمة كذبة أبريل ولكن طوال السنة . المسكين ( توم ) جاءنا مغمض العينين ربما أراد أن يصنع لنفسه تاريخا واسما من خلال منتخبنا الوطني يكون سبيلا للدخول لعالم المنطقة الأكثر ثراء وبذخا ولا بأس في التضحية بمقدم العقد والشرط الجزائي فالقادم أحلى وأجمل ، لكن هل هو في حقيقة أمره قبل التحدي واختار الطريق السليم الذي قرأناه في أسطر الحوار الأبرز وبإمكانه أن يصلح ما نخر وعبث فيه ( جيري ) الكرة اليمنية وهل لديه النية الصادقة لتحويل هذا التحدي إلى حقيقة رغم استحالة ذلك وفق معطيات واضحة يفهمها القاصي والداني لأنه سيجد نفسه أولا في مواجهة أصحاب الحل والعقد أنفسهم إذ أنهم الخصم الأول لتعطيل أي صحوة حقيقية من شأنها إحداث التطور المنشود . إذن دعونا ننتظر ونرى رغم كل ما ذكرناه ورغم كل ما نعرفه عن واقعنا المريض بأمراض مزمنة لا تجدي ولا تفيد معها أشرطة الأطباء وخلطات العطارين حتى تهيأ لها الأرضية المناسبة التي تبدأ أولا بالبنية التحتية وتطبيق النظم واللوائح حرفيا وانتظام المسابقات وقبلها إعادة النظر في النظرة الدونية والقاصرة للرياضة من قبل مؤسساتنا الرسمية وانتهاء باختيار الإدارة الناجحة وهي الحلقة المفقودة وضالتنا التي سئمنا من ترديد اسطوانتها حتى قاربت على العطب ولا مجيب ، لذا سنظل في حالة يأس وإحباط حتى إشعار آخر بالنسبة لي لا أخاله قريبا !!!!!!!