أغرى الصمتُ الطويلُ مدبِّري جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة بالاطمئنان، ظناً أن عقوبة جريمتهم تتساقط بمرور الوقت، وشجَّعهم أنهم استولوا على القضاء وأفسدوه وأن بمقدورهم اتخاذَه سفينةً للنجاة، غير أنه توجد عدالةٌ أخرى خارج هذه الأروقة.. عدالةٌ لا عاصم منها للخونة والقتلة والإرهابيين. هذه العدالةُ هي الثأرُ الذي تحتقنُ به نفوسُ الآلاف من أسر الشهداء والجرحى الذين ذهبوا في تلك الجريمة، وكذلك نفوسُ الملايين المحتقنة من أبناء الشعب، وكلُّ هؤلاء يعرفون إلى أين يوجِّهون سبَّاباتهم ومن بعدها غضبهم الذي سيجرف المخطِّطين والمنفذِّين والمؤيِّدين، وجميعهم معلومون بأسمائهم وعناوينهم. إن حادث يوم أول جمعة من رجب ليس بالحدث الاعتيادي، بل هو جريمةٌ وطنيةٌ وإنسانيةٌ ودينيةٌ خطَّطت له قوى التخلُّف من حركة الإخوان المسلمين (فصيل القاعدة)، والجناح العسكري للحركة (علي محسن صالح وفصيله) والجناح القبلي (حميد الأحمر وإخوانه) وباركه الاشتراكيون والناصريون. لقد هلَّلَ المتآمرون وكبَّروا بعد حادث التفجير بلحظات في شارع الستين وفي مخابئهم، ظناً أنهم قد أصابوا الهدف الذي خطَّطوا له، وهو إدخال اليمن في حرب أهلية، غير أن عناية الله أنقذت حياة الرئيس علي عبدالله صالح ليحبط بحكمته وبُعد رؤيته مؤامرة المتآمرين.. احتمل جراحه، وكظم غيظه من موقع القوة، وأصدر أوامره للقادة العسكريين بوقف أيِّ رد. واليوم لم يكن تفجير دار الرئاسة حدثاً سياسياً تستوعبه التسوياتُ أو يندرج في إطار المبادرة الخليجية، وإنما اتفق العالم على توصيفه بالعمل الإرهابي في القرارين الأُمميَّين (2014، 2015)، واتفق اليمنيون على أنه جريمة إرهابية استهدفت وطنَهم وقيمَهم الأصيلة، ومبادئَ دينهم العظيمة ومُثُله العليا.. آن الأوانُ لدعوة أولئك الذين مَكَروا لتسليم أنفسهم طواعيةً قبل أن ينال منهم الثأرُ القبليُّ الذي أصبح صبره قابَ قوسين من نهايته. القصاصُ قادمٌ وأوانه يقترب (وبشِّر القاتل بالقتل شرعاً أو ثأراً).. (ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين).. *صحيفة اليمن اليوم