اتفق اليمنيون على أن الوحدة اليمنية يجب أن تتأسس على التعددية الحزبية والسياسية والثقافية.. وهذا ما حدث. تعددت المنابر وتعددت الأحزاب والجمعيات والمنظمات والاتحادات والنقابات والكيانات وتعددت الصحف والمجلات .. أيامها كان الكل يصرخ بصوت عال بأن التعددية هي الحل لكل الخلافات والنزاعات ،وأنها الطريق لبناء اليمن القوي والموحد. وحده حماري ومن أول يوم رأى في التعددية بذور التمددية.
إذ بمجرد إعلان التعددية تعددت الخلافات والنزاعات على السلطة بين الحزبين الحاكمين ، وداخل كل حزب وكل نقابة ومنظمة وجمعية. وكان أن تراكمت هذه الخلافات والنزاعات واستمرت في التراكم إلى أن انفجرت انفجاراً مدوياً في حرب 94 التي كانت بمثابة علامة فارقه بين عهدين: عهد التعددية وعهد التمددية. وبخروج الاشتراكي من السلطة تحول حزب المؤتمر الشعبي إلى حزب تمددي حيث تمدد على حساب الاشتراكي وراح يمدد ولا يبالي . ولأن الناس على دين ملوكهم فقد راحت أحزاب المعارضة وكافة الجمعيات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني تفعل بنفسها وببعضها البعض ما فعله المؤتمر بالاشتراكي. ففي كل حزب وفي كل جمعية ومنظمة شبت حروب صغيرة وحدثت انشقاقات وصراعات بين القيادات كل يدعي الشرعية ، وكل يسعى للانفراد بالسلطة والتمدد على حساب شريكه في الحزب، في الجمعية ،في المنظمة ، في النقابة، في الشركة، في المطعم،في المخبازة ، في البقالة ، في الدكان ،وفي الكشك. وبسبب هذه الأجواء المشحونة والمتوترة وكذا بسبب الأوضاع غير المستقرة التي مرت بها البلاد تعطلت الانتخابات ، وتأبدت القيادات.. تمددت فوق كراسيها وتعمَّرت وشاخت وفقدت شرعيتها.. وبمعنى آخر فإن الوحدة اليمنية التي قامت في 22مايو على التعدد هي اليوم قائمة على التمدد بدليل أن كل واحد يصل اليوم إلى السلطة يسيطر عليه هاجس وحيد هو هاجس الحلم بالتمديد ،هاجس التمدد على حساب الآخر. *صحيفة اليمن اليوم