أفلاطوني لقد أدى الاحتقان السياسي بأبعاده الاجتماعية والاقتصادية إلى نزول المواطنين المصريين بكافة طوائفهم للتعبير عن رفضهم لمحمد مرسي وجماعته وعشيرته، وهو الرفض الذي تمت ترجمته لحالة من الغضب.
هذا الغضب الذي رصدته القوات المسلحة تدريجياً، وهو ما جعلها تبادر أكثر من مرة للاصطفاف الوطني؛ غير أن كل ذلك قوبل بالرفض التام من مؤسسة الرئاسة أو بمعنى أدق من مكتب الإرشاد وبالتبعية لمحمد مرسي. بوضوح وبدون مواربة أذكر هنا أن الجيش المصري الذي عبر بنا إلى بر الأمان لدرجة الوصول لأول رئيس مصري مدني منتخب قد ابتعد تماماً عن المشهد السياسي ليعود إلى ثكناته لتطوير أدائه ورفع قدرات أبنائه. غير أن الرئيس المدني المنتخب سرعان ما ظهرت حقيقته بأنه رئيس شكلي تابع لجماعة دينية طائفية وفاشية تعمل لمصالحها الضيقة الخاصة التي جاءت بكل الأشكال ضد مصالح المواطنين المصريين، بل وجارت عليهم. رصدت القوات المسلحة تلك الضغوط على المواطن المصري. ومن منطلق دورها الوطني سرعان ما قررت الانحياز للشعب المصري العظيم. واستطاعت القوات المسلحة أن توحد الصف الوطني، وبادرت مرات ومرات، القليل منها المعلن، والكثير والكثير منها غير معلن. وكان رد فعل الرئيس وجماعته باستمرار وإصرار هو التجاهل التام لهذه المبادرات. وهو ما جعل القوات المسلحة تتخذ قراراً نهائياً يوم 30 يونيو 2013 بمنح نظام محمد مرسي فرصة لمدة 48 ساعة بالتمام والكمال لاستيعاب الأمور، وتقديم مقترحات إجرائية لتوحيد الصف الوطني.. وكالعادة تمادى محمد مرسي في استعلائه. ولم يستغل فرصته الأخيرة. ولكن اتخذت القوات المسلحة القرار المناسب طبقاً لكتاب الله {قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} (سورة يوسف 41). وهو دوراً وطنياً بكل دلالاته، وليس دوراً سياسياً مباشراً. وهو دوراً ترتب عليه دلالات سياسية وتداعيات وطنية من أجل مستقبل مصر. إن ثورة 30 يونيو 2013 هي نهاية واضحة لمرحلة ثورة يوليو 52 بشكلها التقليدي الذي تولى فيها رجال ينتموا للمؤسسة العسكرية الحكم على مدار 60 عاماً تقريباً، ونهاية مرحلة الرئيس السابق حسني مبارك بكل ما فيها من إنجازات أو انكسارات ومشكلات وتحديات، ونهاية لمرحلة الرئيس المعزول محمد مرسي كواجهة لتجربة الإسلام السياسي التي أرادتها جماعة الإخوان المسلمين بداية لعصر الخلافة الإخوانية. لقد استطاعت القوات المسلحة المصرية من خلال دورها الوطني خلال أقل من 24 ساعة في إنهاء حكم محد مرسي وجماعته، وتسليم سلطة رئاسة الدولة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا طبقاً للقواعد الدستورية المرجعية، حرصاً من القوات المسلحة المصرية على تأمن كيان الدولة المدنية المصرية، وفي قلبها المؤسسة العسكرية الوطنية المصرية من جهة، ولعدم اتهامهم بإعادة انتاج ثورة يوليو 52 مرة ثانية. وهو ما يعتبر في التاريخ السياسي المصري: نقطة ومن أول السطر.