يحكى أن مواطناً سودانياً شارك في تظاهرة في السودان في زمن المد القومي العربي في الستينيات والسبعينيات وفي الوقت الذي كان الرئيس جمال عبدالناصر يقوم بزيارة للسودان فأخذت اخانا السوداني الحماسة القومية العربية يومها وأخذ يهتف في تلك المظاهرة للقومية العربية وهو يردد :" مصر والسودان حتة وحدة . مصر والسودان حتة وحدة .. " وهو هنا متحمس في التعبير أن مصر والسودان بلد واحد ويبدو انه قد دخل في معمعة الزحام بين الجماهير ففقد محفظته ومن غضبه ممن سرقها حضرت العصبية لديه وأخذ يغير من الشعار فيقول " مصر والسودان ستين ألف حتة .. مصر والسودان ستين ألف حتة" تلك الواقعة إن كانت طرفة أو حقيقة فإنها قد أخذت مجراها في التداول بين الناس وهي تعبر هنا عن عصبية وغضب المواطن وفقدان التحكم العقلي والعصبي لحدث أثر فيه من الآخرين .
ولا ألوم من يصل به الحال إلى هذه الدرجة من الغضب . فهناك أسباب وعوامل تجعله يصل إلى هذه الدرجة من الكفر بما يؤمن به لكن على ألا يصل به الحال إلى الإضرار بالآخرين والوطن .
تلك الحكاية أو الرواية تذكرتها الثلاثاء الماضي عندما كنت أطالع صحيفة 14أكتوبر وفي صفحتها الأولى قرأت خبراً يقول إن من يسمون بالحراك والقاعدة قد هاجموا سيارة إسعاف، تصوروا سيارة إسعاف التي من الممكن أن تقوم هذه السيارة بإسعافهم وإنقاذهم من الموت في يوم ما وأطلقوا النار عليها واعتدوا على السائق وأصيب سائق الإسعاف، حصل ذلك في محافظة أبين .
وسواء كان هدفهم تأسيس إمارة إسلامية أو إمبراطورية إسلامية أو دولة شرقية أو جنوبية أو أي مسمى من المسميات التي نسمعها فإنه لا يليق ببني الإنسان أن يفعل جرماً كهذا سواء كان مؤمناً بدين أو لا دين له، وسواء كانت له قضية مع الدولة أو مع من كان فإنه لا يليق أبداً بكل المقاييس والأعراف والأديان التعرض لسيارة إسعاف عملها هو إنقاذ البشر وحتى في الحروب بين الجيوش تستثنى سيارات الإسعاف من المواجهة، فما بالكم إذا كان ليست هناك حرب أو حتى تمرد عسكري أو مدني.
إن من يقوم بهكذا عمل ومن يؤيد ذلك التصرف هو متخلف وعصبي ومتعجرف وهمجي، واستحلفكم بالله أن تفكروا معي كيف سيحكم هؤلاء لو سنحت لهم الظروف إذا كانت ضحاياهم سيارات الإسعاف ؟! وكيف سيعاملون الناس إذا كانت هذه تصرفاتهم الممقوتة والمرفوضة من كل إنسان حي ؟! أليس هؤلاء متخلفين ومجرمين وفوضويين وغوغائيين ؟!
لقد قلنا عنهم ونعتناهم بأنهم همج وأغضبهم ذلك، وأجد نفسي بعد كل ذلك أكرر ما قاله أخونا السوداني وأقول إن هؤلاء همج وستين ألف همج ...