في الوقت الذي احتفل المسلمون في العالم بقدوم عيد الأضحى المبارك بنحر الأضاحي وتبادل الزيارات والتهاني، يبدو العيد في اليمن مختلفاً هذه المرة، فالدماء لم تسل من الماشية والخراف وحدها، بل أيضا من اليمنيين الذين ابتلوا بحرب أهلية في الشمال بين الحكومة والحوثيين، بالإضافة إلى اضطراب في محافظات الجنوب الساعية للانفصال، ومع كل ذلك تأتيهم رسالة تهنئة بالعيد من تنظيم القاعدة ملطخة بدماء أحد ضباط الشرطة. «العيد عيد العافية»، هذه حكمة اليمنيين المعروفة على مرّ التاريخ، وبينما تفيد أنباء بوجود مساع حثيثة للوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية خلال عيد الأضحى المبارك، تلغي الأحداث الدائرة على الأرض كل تلك الأنباء، حيث يتلقى الحوثيون ضربات مزدوجة من الجيشين اليمني والسعودي، بينما يعلن الحوثيون أيضاً عن انتصارات يحققونها. وأعلنت منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة في بيان لها أنه منذ بدء الأزمة عام 2004 فرّ أكثر من 175 ألف شخص من المعارك في الشمال، وما زال عدد كبير عالقاً في صعدة، ويتعذر على المنظمات الإنسانية الوصول إليهم. وأشارت اليونيسيف إلى أن المعارك أدت إلى تفاقم تدهور ظروف الحياة في البلاد، موضحة أن نسبة وفيات الأطفال دون الخامسة تبلغ 69 في الألف. ويقول المحلل السياسي اليمني محمد الغابري إن «أجواء العيد في اليمن جاءت مشحونة بأحداث أليمة، كما أنها ترافقها مناسبات قد يحصل فيها الكثير من المستجدات الخطيرة». وأكد أن هذه الأحداث أفسدت فرحة العيد، قائلاً: «أصبح الجو العام لليمنيين محناً ومآسي، ما يؤدي إلى مزيد من التشرذم والتمزق ووصول الانقسام إلى مستوى نفسي سيئ على اليمنيين». عيد متوتر في الجنوب وبالتزامن مع معارك الشمال، يحل عيد الأضحى في الجنوب متوتراً، بعدما انضمت محافظة شبوة إلى المحافظات الجنوبية الداعية للانفصال عن اليمن، لتكون كل المحافظات الست الجنوبية ضمن سلسلة المواجهات مع قوات الأمن في مظاهرات تطالب بالانفصال. ويأتي ذلك بعد يومين من خطاب عبر الهاتف وجهه رئيس الانفصال السابق علي سالم البيض لإحدى فعاليات ما يعرف بالحراك الجنوبي. وأسفرت المواجهات الأخيرة في مدينة عتق (عاصمة المحافظة) بين مجاميع تابعة للحراك وأفراد من الجيش والأمن، عن مقتل أربعة مواطنين وجرح ستة آخرين بينهم أربعة جنود. تهنئة «دموية» ومن جهة أخرى، أطل تنظيم القاعدة برأسه قبيل العيد، لينشر مقطع فيديو لعملية إعدام ضابط أمن يمني. وظهر في المقطع ضابط يدعى بسام طربوش (رئيس قسم التحريات بالبحث الجنائي في محافظة مأرب)، وهو يوجه نصيحة لزملائه بعدم العمل في أجهزة الدولة، ومن ثم تلا أحد أفراد التنظيم حكم الإعدام الذي وصف الضابط ب (بالجاسوس والعميل)، وأنه قبض عليه وهو يقوم بتهريب خمر وحشيش، ومن ثم تم إطلاق الرصاص عليه. ويشهد اليمن اختلالات داخلية بين المتمردين والانفصاليين، فهناك مواجهات قبلية، وعمليات اختطاف ينفذها أشخاص للحصول على مطالب من الحكومة. وتشهد محافظة ذمار (وسط اليمن) مواجهات قبلية أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات منذ اندلاعها قبل ثلاثة أشهر. وبعد الإفراج عن السائح الياباني الذي اختطف في منطقة أرحب المجاورة للعاصمة صنعاء، أعلنت قبائل (بني ظبيان) أنها ستفرج عن رجل الأعمال اليمني عبد الملك الخامري بعد اتفاق على دفع فدية تقدر ب(150) مليون ريال.