شبكة البيضاء الاخبارية / عبدالله فارس كلمة "الفساد" هذه الأيام هي "الكلمة الطنانة"، أو بالإنجليزية "بز وورد*" فحيث تيمم المرء سوف يراها منتصبة أمامه. وبالمناسبة فإن معركة الفساد، كحقّ مقدس بالغ الوضوح، يبدو انها انفلتت من كل عقال، وسوف تذهب حتى النهايات القصوى، والمعمعة تلوح بأنها شرسة وضاربة من الآن. وأبسط مقومات ذلك الحقّ، كشف سوأة البنيان الرسمي الحاضن للفساد، وإظهار عطب دعائم هيئة مكافحة الفساد العاجزة عن طبخ "واحد حبه" سمك فاسد كبير، ناهيك عن حيتان إبتلاع...! وكذلك تعرية موطن ضعف القائمين عليها، ومعالجة حالة "الإنكار" المرضية المتأصلة - مع إحترامي - عند الدكتورة بلقيس والمطري وجراده وبن طالب وقرحش وسنهوب وسالم الحمر والسيد نعمان والأصبحي وعلى رأسهم الأستاذ الآنسي ومن إليهم، وأيضاً مقاومة مظاهر الرهاب، ونزعات التأثيم، وبتر لسان الإنتقاص من الشجعان الذين يسمون الأشياء بأسمائها الأصلية كما لُقنت لآدم، ويخاطبون الأعور بالأعور. صحيح أن الأستاذ أحمد الآنسي كان أحد وجوه عهد "التصحيح"، أو ذلك البيان الذي تبارى العسكر ذات يوم على توقيعه، كمَنْ يتبارون على شعائر الجنازات. العهد الذي اُجهض بدفن صانعه، فسقطت أحلام كامل البلاد تحت أقدام قبيلة من العسكر وتشوهت حياتها... وصحيح أنه كان وزيراً لقطاع من قطاعات التحديث، ويظل ألسن المحافظين اليمنيين الجدد في كل ما يتصل بالقيم والأخلاق والأعراف والتقاليد السلفية. ولكن من الصحيح أيضاً، أن الآنسي، الرجل الذي لايقتدي حتى بنموذج ذلك التصحيح الذي صَنَع حاضره السياسي، لايزال يواصل العيش ضمن أخلاقيات ذلك الخلل الفادح في الميزان، بين فلسفة الحصان، شعار حزب المؤتمر، الذي يفضي إلى كارثة تلو الأخرى رأي العين وعلى مستوى الشارع، والخطّ المحافظ القديم الراكد الذي يجعل الحياة أشبه بدوران في ذات المكان حول الحلول العتيقة والكليشيهات مسبقة الصنع. الآنسي واعضاء هيئته ليسوا "فرج بن غانم" الذي أنتصر بموقف للحقّ من طغيان الباطل الغوغائي، وقطعاً هم ممن لايحبون النظر خلفهم، وإلاّ لوجدوا عربة القيادة السياسة التي وعدتهم بالسير معهم في الطريق الوعر قد توقفت في بدء السكة وذلك بإعلان كبار الفاسدين "خط أحمر". فالرئيس الذي لايحب مواصلة السير إلى آخر الطريق، ينظر إلى "المكافحة" من زاوية مغايرة تماماً، بإعتبار هذه الهيئة "أداة" لطمر التذمر من فساد نظامه هو وأعوانه إلى أجل غير مسمّى ريثما يَستكمل مشروع التوريث سيطرته، وهو سبق ان أوضح نهاراً جهاراً بعظمة لسانه، ولغاليغه شاهده عليه، بقوله أن محاسبة "الفاسدين الكبار" لاتتم في العالم كله...!!! وحتى اللحظة لا أحد يدري عن أي عالم كان فخامته يتحدث عنه؟ - ربما كان يقصد "عالم قصر النهدين" الممتد من بئر بيت زهرة إلى سرة بيت بوس! - نحن أبناء هذا الكوكب حقاً لانعلم! - المسألة هي هذه وليس سواها، وبعيداً عن الأوهام، ماذا بعد أن تم وضع الهيئة ببلاغة ضجيجها على المحكّ؟ وبعد التلميح الضمني لأعضاءها الذين صدقوا أنهم مطلوبون لهذه المرحلة، وتحذيرهم من "البحلقة" في مناظر فساد الحيتان الكبيرة... ألا يحق لنا التساؤل، بحق "البقرة الآلهة" عن أي "مكافحة فساد" تتحدثون؟ الآن وبعد أسوأ من مصائر نجوم أفلام الخلاعة "البورنو"، - في الصعود السريع والإنحدار الأسرع -، يجب على رئاسة وأعضاء ومنتسبي تلك الهيئة الكاريكاتورية، على نحو لا يقبل المناورة أو التأجيل، أن يعتذروا عن فشلهم، وعن مسؤوليتهم، ويستقيلوا من مناصبهم، وإعلان توبتهم من ذلك الدور الهزلي في مشروع آفل أو يكاد. وكذلك الخروج سريعاً من باب الطوارئ، هرباً من نظام كالنار، أكل الكثير ولم يتبق أمامه سوى أن يأكل بعضه، وإعلان توبتهم من مصافحة أيادي، - طالت أكثر بكثير من الفساد المادي -، وتلطخت بدماء كل الفصائل السياسية، ليصبحوا بذلك أعدآء كافة شرائح المجتمع اليمني. - مالم فإن من يظل على غيه من أعضاء تلك الهيئة، سوف يُحسب على دين وديدن الساسة الذين بات ذروة همهم الحفاظ على المناصب وتوريثها، ونهب أموال وموارد الدولة الذي لاشفاء منه إلاّ بالإستئصال، وتماديهم في جرائم جسيمة، وجرائم إبادة، وخيانات عظمى.