الحمد لله القائل : (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) الأنفال . و الصلاة والسلام على رسوله القائل : (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى) متفق عليه من حديث النعمان بن بشير . أما بعد : فقد أصبح معلومًا للخاصّة والعامّة ما يَجْري لِإخواننا المسلمين في سورية كلّ يَومٍ مِن مجازر وسَفْكٍ لِدمائِهم ودماءِ شيوخهم ونسائهم وأطفالهم، واعتقالات يُسامُون فيها سوءَ العذاب، وهَدْم لِمُدُنُهم وقُراهم ومساجدهم وبيوتِهم على رؤوس أهلها، واقْتَحَامٍ لأحيائِهم وانْتِهَاكٍ لِحُرُماتِهم .. منذ نحْو عام ٍكامل من قِبَل النظام الطائفي الحاقد الذي بلغ به الاستهتار إلى حدّ أنّ زَبانِيَتَه أخزاهم الله، يُجْبِرون الضحايا على الكفْر وتأْليهِ رأسِ النظام بكلّ صفَاقة والسجود له، كما ظهَر ذلك في وسائل الإعلام، وقد وقفتْ مع النظام علانيةً روسيا والصين وإيران وغيرها .. تَمُدُّه بكل أنواع الدّعم الماديّ والمعنويّ والسياسيّ والإعلاميّ .. وبقيَّة الدول الكبرى تدعمه بالتَسَيُّسِ وتُراوِغ للمحافظة على النظام أو شيء منه لأنه أفضل لدولة اليهود .. كما صرَّح بذلك رئيس الوزراء اليهودي . في الوقت الذي لا يَنْفَكُّ فيه إخواننا يستغيثون، ويسْتَصْرِخون ولا مُجيب !! وإن الدفاع عن المؤمنين المظلومين ونُصْرتهم شرْعٌ قَدَريٌّ إلَهِيٌّ، وواجبٌ تكليفيٌّ على إخوانهم المؤمنين الآخرين في كل مكان شُعوبًا وحكوماتٍ ما أمْكَنَهم ذلك .. قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ، أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ، وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً، وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج . إنّ إخواننا في سورية بحاجة إلى خالصِ الدعاء وإلى صِدْقِ التأييد الإعلاميّ والسياسيّ والمعنويّ والماديّ .. ومن ذلك الغذاء والدواء والمال والسلاح والرجال، وكافة الإمكانات، مع السعي الحثيث لِقطْع كل أنواع الإمدادات وأنواع العلاقات مع النظام الحاقد , والتعجيل بطرد سفرائه .. ويجب أن يَنهض المسلمون في كل أنحاء الأرض دُوَلاً ومُجْتَمعاتٍ ومؤسّساتٍ وجمعيّاتٍ ولجاناً وأفرادًا وتكتّلاتٍ، بهذه الواجبات، وبكافة الفعّالّيّات المُمْكِنة لِلنُّصْرة قبل الفَوَات وفي أقرب الأوقات , ونطالب حكومتنا وجمعياتنا بالمبادرة الفورية إلى كل ما ذكرناه . ويجب ذلك بصورة مُؤَكَّدة على الدول المُجاورة لِسورية، وأن تفْتَح حدودها لِلاّجئين لِإيوائِهم وإيواء المجاهدين وكَفَالتهم، مع إِعْداد واسْتقبال المَعونات المذكورة، والدَّفْع بالرِّجال وبالمعونات .. القادمة منها، ومِن سائر دُول وشعوب المسلمين إلى داخِل سورية , ودعم الجيش السوري الحر بكل أنواع الدعم .. فهذه فريضةُ الوقت وواجبُ الساعة، ومَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فَرّج عن مسلم كُرْبة من كُرَب الدنيا فَرّج اللهُ عنْه كُرْبَةً من كُرَب يوم القيامة، والله يقول : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) التوبة . ويقول سبحانه : ( إنما المؤمنون إخوة) الحجرات . ويقول جلّ شأنه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) محمد . وقد بايَع الرسول صلى الله عليه وسلّم مَن كان معه مِن أصحابه في الحُدَيْبِيّة على الأخْذ بِثَأْرِ واحدٍ منهم وهو عثمان رضي الله عنه، عندما أُشِيْعَ أنه قُتِل .. ونعوذ بالله من أن نخْذُل إخواننا فيخذُلنا الله، ونناشد كافة علماء المسلمين تأييد هذه الفتوى، ولا حول ولا قوة إلا بالله ..