ادان التجمع الوطني لمناضلي الثورة ما حدث في عدن وحضرموت في 21 فبراير من احداث دامية وعنف . وحذر البيان من كوارث ، يمكن أن تصبح وشيكه الوقوع . وقال بيان صادر عن التجمع امس الاربعاء تلقى "الاشتراكي نت" نسخة منه لا نرى مبرراً معقولاً لجعل انتخاب رئيس الدولة مناسبة نحتفل بها. واوضح البيان ألم يفكر المنظمون بأن جو الإحتقان السائد في المحافظات الجنوبية، يوجب التسلح بالحكمة والرؤيّة والمسؤولية الوطنية. نص البيان : أيها الشعب اليمني العظيم: في بياننا السابق، بتاريخ 11 فبراير 2013م، أدنَّا العنف إدانة قاطعة وأدنَّا من يمارسه ومن يروج له ومن يستفيد منه. فالعنف، كما قلنا: "مدانٌ مدانْ، مهما كانت أسبابه ومهما كانت مبرراته، وسواءً مارسته جماعة من الجماعات أو حزب من الأحزاب أو مارسته السلطة نفسها، فنتائجه وخيمة على من يمارسه وعلى من يستجيب له وعلى الوطن بكامله". وقلنا في البيان نفسه: "علينا جميعاً أن نعي بأن الحوار لابديل عنه، فإما أن يتحاور اليمنيون الآن ويصوغوا معاً مستقبلهم، بصورة عقلانية مسؤولة، متجنبين دوامة العنف والدمار، أو أن يتحاوروا مجبرين، بعد مرحلة من الصراع والعنف وتدمير ماتبقى من مقومات الحياة الطبيعية وماتبقى من صفاء النفوس ووشائج القربى. فأيهما أفضل، أن نتحاور الآن، أم نتحاور بعد أن نمزق أنفسنا وندمر بلدنا؟". هذا بعض ماقلناه في بياننا السابق. واليوم نُفجع بما حدث في الحادي والعشرين من فبراير الجاري وفي الأيام التي تلته، في كل من عدن وحضرموت. ونخشى أن مايلوح في الأفق منذ حين، من كوارث ومحن، يمكن أن يصبح الآن وشيك الوقوع، بفعل أيادٍ يحركها الجهل والقصور والإندفاع الأعمى وسوء التقدير وضعف الإحساس بالمسؤولية الوطنية، تجاه الوطن وأبنائه، بمختلف انتماءاتهم. ولانستبعد أن بعض الأيادي تخدم، بوعي أو بدون وعي، أجندات غير وطنية، لجهات إقليمية أو دولية، وتعمل لمشاريع لاتخدم الوطن. ولأننا لانريد أن نغرق في التفاصيل الجانبية، التي تطفو على السطح، فتصرف النظر عما هو جوهري، إلى ماهو عرضي عابر، ولاسيما في ظل نقص المعلومات وتعدد الروايات وكثرة الإشاعات، التي من شأنها أن تؤجج العواطف وتحجب الرؤية وتحول دون الوصول إلى الحقائق المجردة، فإننا لابد أن نركز في تفكيرنا وفي مواقفنا على ماهو جوهري ومبدئي. وقد نحينا هذا المنحى في كل بياناتنا السابقة. ونحن على يقين من أنه سيأتي يوم تتضح فيه الخيوط المتداخلة وتنكشف القوى الخارجية وأدواتها الداخلية، التي تتعمد أن تخلط الأوراق وتدفع بنا إلى هاوية الصراع العبثي، الذي لن يخرج منه أحد معافى، سوى المنتفعين من معانات الشعوب وتمزق الأوطان. ويهمنا هنا أن نوضح موقفنا، من حيث المبدأ، من المظاهر الإحتفالية، التي درجنا عليها، والتي لاتحمل أية دلالات إيجابية ولاتعبر عن واقع الحال الذي نعيشه، منذ عقود من الزمن. ومنها مناسبة انتخاب رئيس الدولة. فنحن لانرى مبرراً معقولاً لجعل انتخاب رئيس الدولة مناسبة نحتفل بها. فكل العالم المتحضر ينظر إلى الرئيس، إما باعتباره رمزاً جامعاً للدولة، لايمارس أية سلطة فعلية (في النظام البرلماني)، أو باعتباره شخصاً مكلفاً، من قبل الناخبين، بإدارة السلطة التنفيذية لفترة محددة (في النظام الرئاسي). وفي كلا الحالتين لا تستحق مناسبة انتخابه، أن تتحول إلى عيد وطني يحتفي به الناس. وحتى الأعياد الوطنية، في العالم المتحضر، لايُحتفى بها كما نحتفى بانتخاب رؤسائنا، بل يُكتفى بجعلها عطلة رسمية، كأي عطلة عادية، فلامسيرات ولا مهرجانات ولاصور للزعماء ترفع ولا أعلام تنصب ولا أموال تنفق، ولا شيئ مطلقاً من هذه المظاهر العجيبة، التي ألزمنا أنفسنا بها، دون سبب معقول. إن هذا التقليد المتخلف لاتنتهجه إلا الشعوب المتخلفة والأنظمة الدكتاتورية، المتخلفة أيضاً. وقد حسبنا أننا تركنا الماضي وراء ظهورنا، فانتهينا مما كنا نسميه، في عهد الإمامة، عيد الجلوس، أو (عيد النصر)، الذي كنا نحتفي به ونشعل المشاعل في الجبال والشعاب، مبتهلين إلى الله، بسذاجة مفرطه، أن يحفظ الإمام وينصره. وعلى من ياترى ينصره، إن لم يكن علينا !!. وحسِبنا أننا خلفنا وراء ظهورنا احتفالاتنا السنوية بمناسبة تولي علي عبد الله صالح الرئاسة، قبل مايزيد على ثلث قرن، كانت كافية لنقل اليمن إلى مصاف الدول المتقدمة، فإذا بنا نتراجع، وينهش الفساد المنظم أجهزة دولتنا ومؤسساتنا التعليمية والصحية والإقتصادية، وكل أجهزتنا الخدمية، وتذهب ثرواتنا الوطنية إلى جيوب المنتفعين وإلى مصارف عبثية، لاتعود بالخير على الوطن والمواطنين. ومع ذلك واصلنا الإحتفالات بذكرى اليوم الذي بدأت فيه مسيرة علي عبد الله صالح، حتى جاءت ثورة الشباب. وبدلاً من أن نطوي صفحة الماضي، بكل مهازله، هانحن اليوم نكرر ماكنا نستنكره ونشمئز منه، فنواصل الإحتفاء بالرئيس الجديد؟ وكأن اليوم مجرد امتداد للأمس، وكأن ثورة الشباب السلمية لم تحدث والحراك السلمي قبلها لم يحصل وشعارات التغيير لم ترفع والشهداء لم تسقط. إن هذا السلوك المتخلف لايخدم الرئيس، فأعمال الرئيس وحدها هي التي يمكن أن تخدمه. كما أن هذا السلوك لايخدم المرؤوس، أي المواطن. إذ ما الذي سنستفيده، كمواطنين، من رفع صور الرئيس وملء الساحات بالهتافين والأمنيين، وانفاق المال العام، دون مسوغ ودون جدوى، في بلد فقير، يعيش على التسول؟ أما إذا انتهى الإحتفال بفاجعة، كالتي شاهدناها في عدن وحضرموت، فإن المناسبة، التي نريد أن نسميها (مناسبة وطنية) تتحول إلى مأتم وطني يدمي القلوب ويزرع الأحزان في كل بيت، سواءً بيوت الشهداء والجرحى أو بيوت المواطنين الطيبين على امتداد اليمن، الذين يحبون بلدهم ويحزنهم أن تسفح قطرة دم أو يسقط شهيد من أبنائها. فهل نتعظ، ونعمل على وأد هذه العادة السيئة، ونترك إنجازات الرئيس تتحدث عن نفسها، عندما ينجز، وإخفاقاته تتحدث عن نفسها، عندما يخفق، دون حاجة إلى إقامة الإحتفالات ونشر الزينات ورفع الرايات وتسيير المواكب وهدر المال العام؟ فذلك كله عبث غير مجدي. وقد يتساءل أي عاقل، لماذا جرى الإحتفال بعيد الرئيس في عدن، وليس في العاصمة صنعاء؟ ألم يفكر المنظمون بأن جو الإحتقان السائد في المحافظات الجنوبية، يوجب التسلح بالحكمة والرويّة والمسؤولية الوطنية، على أبواب عقد مؤتمر للحوار، يتطلب تأليف القلوب وتهدئة النفوس، بدلاً من صب الزيت على النار وإيجاد حالة من العنتريات والعنتريات المضادة، التي يدفع ثمنها المواطن اليمني، وتتيح للأيادي الخفية، التي تعمل على عرقلة الجهود الهادفة إلى تهيئة أجواء الحوار الوطني وإرساء أسس بناء الدولة المدنية الحديثة العادلة، الكفيلة بضمان مصالح وأمن ومستقبل اليمنيين جميعاً، تتيح لها أن تحقق مقاصدها، بكل سهولة؟ إننا نهيب بالرئيس، الذي حظي، في الإستفتاء على رئاسته، بإجماع شعبي لم يحظ بمثله رئيس قبله في اليمن، نهيب به أن يمسك جيداً بزمام الموقف، وأن لايسمح لأحد بأن يقدم على أي تصرف أو إجراء يؤذي المواطنين ويستفز مشاعرهم، وأن يكون رئيساً للجميع وجسراً متيناً يعبر عليه اليمن كله إلى بر الأمان. وأن يمثل صورة جديدة مشرفة للرئاسة في اليمن، في سلوكه ونهجه وإجراءاته وفي حرصه على دماء اليمنيين وأرواحهم ومصالحهم، لينسينا الماضي بكل أوجاعه. ونقول له: إحذر همس المغرضين وتضليل المضللين ومزاودة المزاودين، الذين امتلأت بهم دوائر التأثير على القرار السياسي في عهد علي عبد الله صالح وساهموا في إيصال اليمن إلى ماوصل إليه. وليدرك الرئيس أن اليمن واليمنيين جميعهم، بمختلف تياراتهم ومناطقهم ومواقفهم، أمانة في عنقه، فليتصرف من وحي هذه الأمانة. فإذا نجح فسيدَّعي كل مدَّعٍ بأن له نصيب في نجاحه، وأما إن أخفق فلن يتحمل أحد معه أوزار إخفاقه. والعاقل من اتعظ بغيره. الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى، ولانامت أعين المستهينين بدماء اليمنيين وأرواحهم ومصالحهم، الطامحين إلى بناء أمجادهم على جماجمنا وأحزاننا وبؤسنا التجمع الوطني لمناضلي الثورة صنعاء، في 26 فبراير 2013م