اوردنا في الحلقة السابقة عدداً من مواقف قيادات الحزب تجاه الحرب في عمران والتي عبروا فيها عن قلقهم مما آلت اليه الاحداث من تطورات تنذر بعواقب وخيمة تهدد العملية السياسية بنسفها , ودعوا الاطراف المتحاربة بالتوقف عن استخدام السلاح والكف عن ممارسة العنف , وفي هذه الحلقة سنواصل التذكير بمواقف أخرى للحزب , وكيف تعاطى مع ما يجري في عمران . لم يكتف الحزب بما كان قد اعلنه عدد من قياداته من مواقف تجاه الحرب الدائرة في عمران برغم انه كان قد اعلن موقفه منها فور اندلاعها وسبق وان ذكرناه في حلقة سابقة ولم يعتبر ذلك كافياً , ليقف بعدها متفرجاً , ففي 19/ 6/2016م عقدت أعلى هيئاته القيادية وهما الأمانة العامة , والمكتب السياسي , اجتماعا مشتركاً لهما , وكانت حينها قد دخلت المواجهات المسلحة مرحلة خطرة , وصدر عن هذا الاجتماع المشترك بيان وجهت فيه قيادة الحزب الدعوة مجدداً الى ضرورة وقف هذه المواجهات فوراً وطالبت رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ان [يدعو القوى السياسية المختلفة الى لقاء فوري لمناقشة التداعيات في عمران واتخاذ قرارات حاسمة بشأنها تكون ملزمة للجميع , وليتحمل الجميع مسؤوليته إزاء هذه المخاطر المحدقة باليمن والعمل على تجاوز هذه التداعيات الناشئة بالأساس عن خلل جوهري اصاب العملية السياسية ولابد من تجاوزه ] كما دعا البيان الى [ ضرورة ايجاد حل حاسم في نطاق مخرجات الحوار الوطني الذي يجب ان تلتزم به كل الاطراف ] . كانت هذه دعوة الحزب الذي وجهها وأطلقها في بيانه الصادر عن الاجتماع المشترك اوردناها بنصها , وتكمن اهمية هذه الدعوة في امرين هامين من وجهة نظرنا تضمنتهما هذه الدعوة ولهما مغازي عدة : - الامر الاول : دعوة القوى السياسية المختلفة لمناقشة التداعيات , وإيجاد حل حاسم في نطاق مخرجات الحوار الوطني تلتزم به كل الاطراف. وأهمية هذا الامر هو ان الحروب عادة ما تهدف الى اقصاء الاطراف المعنية , وجزء واسع من فئات المجتمع والتي هي معنية بالمشاركة في مناقشة المشكلات ووضع الحلول لها , فيتم اقصائها لينحصر بحث القضايا الوطنية على الاطراف المتحاربة المتمثلة بقوى النفوذ السلطوية التي تخوض صراعاً من الاستيلاء على السلطة والانفراد بها , والاستحواذ عليها لصالح المنتصر فيها , او على اقل تقدير وفي أسوأ الاحوال التوصل فيما بين القوى المتحاربة الى تسوية يقتسما بموجبها السلطة , عبر التفاوض فيما بينها في لقاءات ثنائية مغلقة . وهذا ما كان يخشى منه الحزب الاشتراكي ,فسارع بدعوته الى رئيس الجمهورية تلك مطالبا اياه بان يقوم بدعوة كافة القوى السياسية الى اجتماع , وإشراكها في مناقشة التداعيات واتخاذ قرارات حاسمة بشأنها ولكي يتحمل الجميع المسؤولية . فما معنى ان تلجأ اطرفاً بعينها الى السلاح في تقرير مصير البلاد ؟؟ معنى هذا انها تنقلب على الاجماع الوطني , وترفض نتائج ما توصل اليه مؤتمر الحوار الوطني فأي لقاءات ثنائية فيما بينها وأى اتفاقيات ستتمخض عنه مفاوضاتهما بالتأكيد ستكون غير ما تم التوافق عليه بالإجماع وبالتأكيد سيكون تجاوزا لوثيقة مخرجات الحوار وخروجاً عنها . لذلك كانت دعوة الحزب تؤكد الى جانب مشاركة كافة القوى السياسية ضرورة ان تكون الحلول في نطاق مخرجات الحوار الوطني . بالطبع فانه في الوقت الذي كانت الدعوة موجهة الى رئيس الجمهورية هي بذات الوقت موجهة لكافة ابناء وفئات المجتمع وقواه السياسية التي انخرطت وشاركت في مؤتمر الحوار لتتخذ الحيطة والحذر وتتحلى باليقظة . فقد كانت الدعوة معلنة عبر بيان الى الراى العام ينبهه لما يحاك ويدبر في الغرف المغلقة ولما يجري في الخفاء وما يخطط له بهدف تصفية المطالب الشعبية والالتفاف عليها ومصادرة ارادتها ولِما يتم تفصيله من مقاسات لحدود مطالب ثورة التغيير , وجعل التغيير في سقف محدد لا يتجاوز ولا يمس المصالح الغير المشروعة لقوى النفوذ والهيمنة , والتي تكونت خلال عقود مضت وجعل التغييرلا يتجاوز هذا السقف. وهذا برأينا ما هدفت اليه حملة التشويه الاعلامية وما جعلت اطرافها يتخذون من الحزب هدفا لها وكيل التهم الجاهزة له , وتصنيفه تارة مع هذا الطرف او ذاك . هكذا رافقت الحرب الدائرة في عمران , حربا اعلامية ابتزازية ضد الحزب , الغرض منها استقطابه مع بقية القوى السياسية المتمسكة بمخرجات الحوار ودفعه دفعا للاصطفاف الى صف احد الاطراف المتحاربة او على الاقل تصويره وإظهاره لدى الرأي العام منحازا لأحد الاطراف وبالتالي يسهل التشويش على مواقف الحزب فتصل الى الرأي العام على غير حقيقتها وخصوصا جماهير الحزب وأعضاءه وبالتالي تودي الى انقسام قاعدته الجماهيرية وأنصاره و كذلك أعضاءه , وتوزعهم الى طرفي القوى المتحاربة . كانت الحملات الاعلامية تمارس تضليلا للرأي العام وقلباً للحقائق وبشكل فج . ليسهل بذلك إحداث الانقسام في المجتمع , قسم منه يتم استقطابه الى هذا الطرف وقسم الى الطرف الآخر فتضيع الحقيقة جراء ذلك وتصبح مخرجات الحوار في خبر كان, والويل لمن يطالب بتنفيذ وثيقة الاجماع الوطني بعد ذلك . اما الامر الثاني في الدعوة ويشكل براينا اهمية وله مغزى ايضاً هو حين اشارت الدعوة الى ان التداعيات [ تداعيات الحرب في عمران] والتي اوضح البيان ان منشأها في الاساس ناجم عن[خلل جوهري اصاب العملية السياسية ولابد من معالجته] كانت هذه الاشارة المقتضبة لها دلالاتها العميقة وفي غاية الاهمية , فالحرب الدائرة في عمران , وما سوف ترتبه من نتائج ومخاطر محدقة باليمن , هي نتيجة لتراكم عدد من الاخطاء التي تُعمِد ارتكابها سواء في فترات سابقة تعود في في بعضها الى ما قبل الحوار وفي اثناء التحضير له في اللجنة الفنية او ارتكبت اثناء مسيرة الحوار وفي نهايته تحديداً , وأسفرت هذه الاخطاء او جزء منها وأدت الى هذه التداعيات التي دعا الحزب الى العمل على تجاوزها. مؤكداً انه لن يتم تجاوزها او ايقافها لمجرد الرغبة في ذلك , بل بالبحث عن اسبابها والتفتيش عن جذورها , والحزب الاشتراكي يدرك جيداً منشأ هذه التداعيات , وقد سبق وان حذر منها في مناسبات ومحطات كثيرة . إن ما ألمح اليه الحزب في بيانه وبإشارة مقتضبة وسريعة من ان هذه التداعيات ناشئة في الاساس عن خلل جوهري اصاب العملية السياسية سبق ان نبه الحزب من خطورة اقترافه , وحين تم اقترافه ظل يطالب مراراً بإصلاح هذا الخلل الذي سيكون من نتائجه الاطاحة بالعملية السياسية او تعريضها لعدد من المخاطر على اقل تقدير. كان هذا الخلل متمثلاً وبالتحديد بالتدخل في مسار الحوار والذي مرَّر بأدوات سلطوية في مخالفة صريحة للوائح المنظمة للحوار قضايا ذات اهمية لصالح بعض الاطراف السياسية ومن هذه القضايا : القضية الجنوبية وشكل بناء الدولة . وهذا ما وقف الحزب ضده حينها , وما خاض معركة بشأنه , لكنه للأسف خاضها وحيداً بعد ان تخلت جميع الاطراف والقوى السياسية وتركته يخوضها منفردا , وفي ظل تخلي جميع القوى السياسية عن مسئوليتها في الدفاع عن النظام الاساسي لمؤتمر الحوار الوطني والقواعد التي تنظم عمله , وقد تم حسم تلك القضايا بتسوية طبخت وتمت خارج الاجماع ودون مشاركة اعضاء مؤتمر الحوار , ما مثل خللاً اعترى مسار الحوار , ومع ذلك ظل الحزب يؤمل بتجاوز ذلك ويدعو الى رفد العملية السياسية بعوامل تدعم نجاحها وتهيئ الشروط لتصحيح هذا الخلل . وطالب بضرورة فتح الباب امام العوامل الايجابية الداعمة لنجاح العملية السياسية وحذر من ان تجاهل ذلك سيؤديالى [ان الذي سيملأ مساحة الفعل هي العوامل السلبية التي تتربص بالعملية السياسية من كل جانب ] كان ذلك ما اوضحه الدكتور ياسين في كتابه (عبور المضيق).. وفعلاً فان ما ملا مساحة الفعل هي العوامل السلبية التي لطالما ظلت متربصة بالعملية السياسية والتي وظفتها القوى الرافضة لنتائج الحوار ونَفَذت من خلالها وذهبت الى الحرب بدلا من ذهابها الى تنفيذ وثيقة الحوار . وفي الحقيقة كانت قد ارتكبت اخطاء كثيرة في مسيرة الحوار كما اشرنا , كان اكثرها متعمداً , ومدروسا , تعود في بعض منها الى ما قبل الحوار وأثناء التحضير له , سنحاول تناولها في وقتٍ لاحق لعل الصورة تكتمل عن ما كانت تخطط وتسير وفقاً له الثورة المضادة حتى نالت مبتغاها. وقبل ان نختم حلقتنا هذه نود ان نؤكد ان الاخطاء التي رافقت مسيرة الحوار الوطني كانت بمثابة الالغام التي اراد البعض زرعها في طريق الحوار وكانت تهدد بنسفه كلياً في أي لحظة وفي أي وقت , ولقد اسهم الحزب الاشتراكي اليمني إسهاماً كبيرا في تجنب السير في طريق تلك الالغام , وكان يمضي بالحوار الى غاياته وبعيداً عما يمكن ان يؤدي الى تفجيره , ولقد نجح في ذلك ايما نجاح . وهذا ما سيسجله التاريخ له ولو بعد حين . وللحديث بقية تابعونا قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة @aleshterakiNet