حينما سمعت نباء استشهاد الرفيق العزيز المناضل مسعد احمد الحدي وقبله ببضع ساعات نباء استشهاد رفيق دربه حسن احمد الحدي - هذا الخبر الذي صعقني وهد مشاعري بعنف غير مصدق لما حدث ليس لانهما ماتا - فالموت حق - ولكن نعيب لتلك الطريقة البشعة والدنيئة الذي لجاء اليها ضعفاء النفوس المتجردين من القيم الانسانية للتخلص من خصومهم ولو لمجرد الاختلاف بالراي الذي لا يروق لقوى التخلف والظلام سماعه علماً ان هذين القامتين الوطنيتين منذ البداية الأولى لنشاطهم السياسي الوطني وضعوا حياتهم في خدمة الوطن والشعب التواق لغد مشرق ومزدهر تسود فيه العدالة الاجتماعية والأمن والسلام الاجتماعي وانني ومن خلال معرفتي وعلاقتي بهؤلاء الافذاذ منذ ما يقرب من ثلاثة عقود ونيف عهدنا فيهم خصال السياسي المحنك وصدق المشاعر والتواضع ونكران للذات مقدما الاخرين على نفسه في احلك الظروف وأصعبها. المناضلان مسعد احمد الحدي وحسن احمد الحدي ينتميان الى أسرة ال الحدي والمعروف عنها بالكرم والشجاعة ودماثة الاخلاق. قدمت هذه الاسرة العريقة الكثير من الشهداء على درب النضال الوطني منذ فجر ثورة سبتمبر واكتوبر وصولاً الى الوحدة والديمقراطية والدفاع عنها فقد كان للمناضلين الأوائل من هذه الأسرة الشيخ الشهيد ناجي محسن الحدي والشيخ الجليل يحي محمد الحدي رحمهم الله مأثر بطوليه في سبيل الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر عام 62 والنظام الجمهوري أبان الحرب الملكية الجمهورية التي دامت ما يقارب 7 أعوام حيث قاد معركه ضد فلول الملكية في منتصف ستينات القرن الماضي وفي منطقة العدين من محافظة-إب والدلالة على تلك المعركة زامل للشيخ يحي محمد الحدي يقول فيه: يا سلامي للرويشان ناجي من قبيله ماتهم المدافع با نكسر راس من كان عاصي وابن باشه ندخله سجن نافع. فقدمت هذه الاسرة رتلا طويلا من الشهداء في مختلف مراحل النضال الوطني ففي عقد السبعينات من القرن الماضي نالت هذه الاسرة النصيب الأكبر من التضحية والاستشهاد ودمرت منازلهم وقراهم بالكامل بفعل الحملات العسكرية الظالمة من قبل قوى التخلف والظلام. وفي منتصف العام الماضي من القرن الحالي وبفعل الأعمال الهمجية والحروب الغير عادلة دفعت تلك الاسرة الضريبة الأكبر في حادثة قرية شرعه التي راح ضحيتها ما يقارب 17 فرد معظمهم من النساء والأطفال الى جانب من استشهدوا في مواقع مختلفة إمثال الشهيد العقيد/ضيف الله احمد علي الحدي واخوه دكتور القانون الدولي مانع احمد علي الحدي والحق بهم اخوهم الأصغر حسن احمد علي الحدي الى جانب شهيد النضال السلمي مسعد احمد عبدالله الحدي وقبلهم بعدة إيام فضل احمد قايد الحدي هذا لا يعني ان اسرة بيت الحدي هي الوحيدة التي قدمت التضحيات والشهداء فهناك إن اسر اخرى عديده قدمت مثل هذ التضحيات والشهداء ودمرت منازلهم وشردوا منها غير ما يميز بيت الحدي ان لهم النصيب الأكبر في هذا المضمار. توثقت علاقتي بالشهيد المناضل مسعد احمد الحدي بعد معرفتي له عن قرب في منتصف السبعينات من القرن الماضي عندما أوكلت إليّ تدريس ابناء المنطقة في فترة احتدام الصراع حيث كانت عجلت التعليم قد توقفت لسنوات بفعل اضطراب الحياه السياسية في المنطقة كان التلميذ مسعد احمد الحدي ضمن الطلبة وكان عمره حينها لا يتجاوز العشرة اعوام كان اكثر الطلاب نشاطاً وشغوفاً للتحصيل العلمي الا ان الظروف والمتغيرات التي حصلت بعد اغتيال الرئيس القائد إبراهيم الحمدي وتصاعد اعمال العنف بالمنطقة دفع الكثير من الاسر والأفراد الى التشرد والنزوح وكانت وجهة الطالب مسعد احمد الحدي النزوح الى مدينة عدن، حيث وجد ضالته هناك لمواصلة التعليم في مدينة عدن التي كانت مزدهرة بالعلم والثقافة وكان النظام الوطني في تلك الفترة فاتح ذراعيه لمن يرغب في الدراسة بمختلف التخصصات بما في ذلك الدراسة في الخارج ذهبت وبصحبتي مسعد احمد الحدي الى عند الرفيق الشهيد جار الله عمر الذي كنت قد تعرفت عليه في عام 72م بعد خروجه من السجن الذي دام 3 سنوات عقب احداث أغسطس عام 68م المشئوم كان طلب التلميذ مسعد احمد الحدي ان ينال قصد من التعليم وكان ميوله للدراسة في مجال الاعلام والصحافة اعجب به المعلم جار الله عمر أشد الأعجاب وذلك لصواب طلبه في التعليم بعكس الأخرين الذين كان يقتصر طلبهم على السلام والمال لأن العلم هو الطلب المحبب عند جار الله عمر فقد اهتم كثيراً لإنجاح هذا الطلب والتحق مسعد احمد الحدي في كلية الأعلام وتخرج منها بامتياز وله العديد الكتابات الصحفية والمقالات وقد مارس هذه المهنة باحترافيه عالية هذه الميزة الأولى التي تفرد بها المناضل مسعد احمد الحدي عن غيره ( في طلب العلم وعزف عن الطلب للسلاح) وهذه الصفة تجسدت في حياته اليومية فقد كان دئماً يكره العنف وحمل السلاح ويميل كثيراً الى النضال السلمي تجسد ذلك عندما طلب منه للعودة الى المنطقة وممارسة العمل المسلح رفض ذلك الطلب بشده وقال لي يوماً اذا كان لابد من ذلك فان الأولوية للنضال تكون في صفوف المقاومة الفلسطينية أجدر وانفع حيث يكون حمل السلاح اكثر مشروعيه لمقاومة الكيان الصهيوني المغتصب للأرض العربية وعلى أثر قناعته هذه ذهب الى بيروت في مطلع الثمانينات من القرن الماضي مع مجموعه من المتطوعين للنضال في صفوف المقاومة الفلسطينية وخضع هناك للتدريبات العسكرية القاسية واجترح مواقف بطوليه ضمن جيش العمل الوطني التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حصل على عدة شهادات واوسمه منها وسام الشجاعة وحصل على ترقيه عسكريه ضابط في صفوف الجبة الشعبية وعضواً بارز فيها . الميزة الثانية التي تفرد بها المناضل مسعد احمد الحدي عن غيره (حيث اعطى الأولوية للنضال من أجل تحرير فلسطين قبل النضال في اليمن الذي كان العمل المسلح غير مجدي في التغيير الوضع ) وان النضال السلمي والحوار الديمقراطي هما الطريقة المثلى لتغيير الوضع الى الافضل بعيداً عن العنف لعواقبه الوخيمة. كان المناضل مسعد احمد الحدي ومنذ الوهلة الأولى لنشاطه السياسي والحزبي شديد الارتباط بالشهيد جار الله عمر ونشأت بينهما علاقه حميميه علاقه التلميذ المجتهد بالمعلم القائد فنعم المعلم ونعم التلميذ كانوا حافظين لمبادئهم وناكرين لذاتهم صابرين لشظف العيش وصعوبة الحياه وناضلا معاً من أجل حقوق الانسان وسيادة القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية كان لديهم مشروع وطني عظيم دفعوا حياتهم قرباناً لذلك المشروع الخالي من كافت اشكال الظلم والاضطهاد. كان الشهيد مسعد الحدي لا يتردد في تأدية المهام الوطنية المشروعة وان كانت في غاية الصعوبة سوأ في ارض الوطن او خارجه فقد ذهب في احدى فترات العمل الوطني الى مناطق شمال الشمال لمهمة التوعية والتثقيف والقاء المحاضرات لعناصر الجبة الوطنية حينها عاش في تلك المنطقة غايه في الصعوبة عزيز النفس يأبه ان يستجدي من احد شيء ولو كانت تلك الحاجه متعلقة بقيمه حياتيه وبعد ان أنها مهمته فضل ان يذهب هذه المرة للاغتراب في المملكة السعودية لكسب لقمة العيش ومكث فيها اكثر من عام ذاق مرارة الاغتراب بعيداً عن اهله ومحبيه ولأنه لم يكن مهنياً فلا مكانه للمثقف في الاغتراب فكان لابد من العودة الى الوطن وظل متنقلا بين منطقته والمناطق الأخرى وعدن حتى قيام الوحدة في عام 90م الذي ناضل من اجلها طويلاً استقر به الحال وعاد الى قريته واهله ولكن كانت الظروف القاسية تلاحقه باستمرار فلا ارض صالحه للزراعة ولأبيت يسكن فيه حيث دمر منزله اثنا الحملات العسكرية وبداء بعد عام 90م حياة الشقاء والمعاناة من جديد في اصلاح الارض وزرعتها وبنا منزل متواضع بمجهود ذاتي وبرغم من صعوبة الحياه وقساوتها الى انه كان اكثر نشاطاً وانضباط لتأدية مهام العمل الوطني في أوساط المجتمع ونشاطه الحزبي الذي تدرج في المناصب الحزبية الى ان وصل عضواً في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني وتحمل مسؤولية السكرتير الأول لمنظمة الحزب في إب الشرقية في احلك الظروف واصعبها و تعرض كثيراً للمضايقات والاغتيالات لأكثر من مره صمد وصبر وتحمل اعباء ومشاكل العمل الحزبي والجماهيري في تلك المنطقة الحساسة وفي ادق واصعب ظروف العمل الحزبي وبرغم من شحت الإمكانيات لديه وظروفه الصعبة الى انه كان جدير في تأدية المهام المناطة به. ومن الصفات التي كان يتحلى بها الشهيد مسعد الحدي كان جرياً في ابداء رايه ناقداً بشده للأوضاع المتردية ويقول كلمه الحق دون تردد او خوف مثقف وكاتب صحفي ومحاوراً من الطراز الاول يعطي الحجه والبرهان لأي قضيه دمث الأخلاق كريم ومضياف صبور وعزيز النفس معتمد على ذاته في كسب لقمة العيش فقد عاش شريف ومات فقير لا يمتلك غير كلمته الحرة التي كانت تفزع اعداء الحياه وتهز عرش أقبية الظلام والتخلف وكان طموح ومحب للأخرين ونصيراً ودود للمحتاجين والفقراء صاحب قيم ومبدأ شريف ابأ ان يفرط بهم قيد أنمله وعلاوة لما تقدم فأن الشهيد كان يعاني من أمراض متعددة نفسيه وجسديه من جراء ما تعرض له من اعتقال وتعذيب وظروف اقتصاديه واجتماعيه صعبه . لم يتمكن من دفع تكاليف العلاج واجراء عمليه جراحيه لاحد الأمراض الذي كان يعاني منها كما ان حزبه الذي ناضل معه منذ نعومة اضافره حتى نال الشهادة عجزان ان يقدم له العون لتجاوز تلك المعاناة المرضية وكان يرفض اي مساعده من الأخرين خارج حزبه لأنها كانت مشروطه بتخليه عن النشاط السياسي وحزبه الى ان ذلك كان من المستحيل عند رجل مثل مسعد الحدي الذي فضل ان يموت شهيد ويغادر الحياه دون ان يفرط بتلك القيم والمبادي النبيلة الذي ناضل واستشهد من اجلها فهنياً له هذ الشهادة وهذا الارث التاريخي النضالي الشريف . وبهذاء المصاب الجلل نسأل الله ان يتغمد روح الفقيد وكل الشهداء بواسع الرحمة والمغفرة. قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet