انقطاع كابل الألياف الضوئية في البحر الأحمر وعدم استقرار الإنترنت في الشرق الأوسط    منتخب الشباب يواجه عُمان في نصف نهائي كأس الخليج    انتقالي المكلا يتقدم ببلاغ للنائب العام يتهم بن حبريش بالتقطع لوقود الكهرباء (وثيقة)    الرئيس الزُبيدي يفتتح قسم الرقود ويضع حجر الأساس لأقسام طبية متقدمة بمستشفى عبود العسكري    محافظ عدن يتفقد مشروع مدينة الشيخ محمد بن زايد الطبية    الوزير البكري: نقدر عاليا دعم المملكة العربية السعودية للرياضة اليمنية    اعلام اسرائيلي: مسيرة تصيب مطار رامون وتعليق الرحلات الجوية    مركز الإنذار المبكر يعلن مواعيد الخسوف الكلّي النادر للقمر في اليمن    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    نتنياهو يريد تحويل العالم العربي وتركيا وايران إلى مستوطنة أمريكية    اجتماع بتعز يقر تنفيذ حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية والصيدليات المخالفة    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية    الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في مقاطعة دنيبروبيتروفسك    تدشين مشروع إنارة المدخل الغربي لمدينة عتق    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يناقش جملة من الملفات الخدمية والإنسانية في سقطرى    اليمنيون.. سفراء وطن بلا حقائب دبلوماسية.. شبانة محمد شفي.. وجه يمني يرفع راية الوطن في منصات بريكس الدولية    اللواء بحري محمد القادري:قدراتنا البحرية لا حدود لها    جرحى تعز ينظمون وقفة احتجاجية للمطالبة بصرف مستحقاتهم واستكمال علاج العالقين بالخارج    الإصلاح ..تضحية تصنع وطناً    فرقة للموساد في المهرة ولجنة أمريكية في عدن    حالة الطقس للساعات المقبلة    شهيد مشروع تصحيح مسار الثورة    الهجوم والهجوم المضاد    البوسنة تتصدر بسداسية.. والنمسا تكسب قبرص    رونالدو يتجاوز ميسي في عدد الأهداف بتصفيات كأس العالم    المنحة الإماراتية: بادرة كريمة لدعم الطلبة الجنوبيين في مسيرتهم الجامعية    ريتيجي ابن الأسطورة يبصم على الثامن مع الآزوري    باحث سياسي: قبل الغزو اليمني كانت "مساجد الجنوب لله وحده"    من عامل نظافة 7 سنوات إلى تحقيق شهادة جامعية بامتياز    الجيش السعودي يستهدف المناطق الحدودية    مايكروسوفت: انقطاع عدة كابلات بحرية دولية في البحر الأحمر (2)    سردية اللعبة المكشوفة.. هبوط وارتفاع العملة المحلية والأسعار    حرمان جيشنا وأمننا من مرتبات 17 شهرا وأموالنا تذهب للأوغاد    تصفيات كأس العالم: نيجيريا تبقي على حظوظها بالفوز على رواندا    اعتزال ميسي " ملئة الدنيا وشغلت الناس "... !    شرطة الجوف تستعيد سيارتين مسروقتين    وزارة الاقتصاد تكرم المخترع الراحل محمد العفيفي    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    بعد قليل .. انطلاق حملة تغريدات استمراراً للاحتفال بذكرى المولد النبوي    نسائية مديريتي برط العنان والمراشي تحتفي بذكرى المولد النبوي    ترحيل 2476 مهاجراً دخلوا البلاد بطرق غير مشروعة    قيادة الانتقالي تناقش ملفات الضرائب والكهرباء والأراضي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة الشيخ عبده حسين حبيش    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    أمسية للجانب العسكري بمحافظة إب بذكرى المولد النبوي الشريف    انتشار وباء الحصبة في إب وسط تكتم المليشيا    10 علامات تحذيرية تدل على انسداد الشرايين وتهدد صحتك    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    الصمود والمواجهة: إرادة تصنع النصر    حضرموت وعدن نالت أعلى نسب في عدد المبتعثين للدراسة في الإمارات    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    حل طبيعي .. شاي أعشاب يثبت فعاليته في السيطرة على سكر الدم    تحذيرات من تزايد وفيات الحصبة والكوليرا بتعز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من "المسألة اليمنية" الى "القضية الجنوبية" ... قرن من معضلات السياسة !!(12)

حضرت "المسألة اليمنية"، في التعاطي السياسي خلال القرن العشرين، على خلفية تنازعات الدول المتحكمة بإدارة البلاد بمجزؤاتها الجغرافية، التي اريد لها ن تكون معادلا هوياتيا فضفاضا، يسهل على قاعدته ادارة صرعات تبدأ ولا تنتهي.
فالدولة العثمانية ،التي كانت تسيطر "كدولة محتلة" على اليمنين الاعلى والاوسط وساحل تهامة الطويل، حين بدأت تنهار وقعت صلح "دعان" عام 1911مع الامام يحيي، اعطته بموجبه سلطات سياسية ودينية علي كامل الهضبة "الزيدية"، مؤذنة بذلك تحميل "المسألة اليمنية" بعدها الطائفي الصارخ ،بخلق جغرافيتين مذهبيتين في الوعي الشعبي.
وعشية الحرب العالمية الاولى، رسمت حدودا مع السلطات الاستعمارية الانجليزية عام 1913، اعترفت لها بإدارة عدن، وحق حماية المناطق التي تشكل عمقاً امنيا للمستعمرة البحرية، التي عُرفت في الادبيات لسياسية والتاريخية بالنواحي التسع.
انهزمت الجيوش العثمانية في الحرب، فأعيد تقسيم تركتها في المشرق بين اهم قوتين استعماريتين (بريطانيا وفرنسا)، غير ان بقايا جيشها في ولاية اليمن كان قد وصل الى مشارف عدن، بقيادة علي سعيد باشا عام 1918 ،مسقطا بعض النواحي التسع " بين تعز وعدن" بما فيها لحج ، غير عابئة باتفاقية مندوراس، التي نصت على انسحاب الجيوش المنهزمة، فكان رد الانجليز ضرب مدن الشمال بالطيران، ثم احتلال موانئ اللحية والصليف والحديدة والمخا وجزر كمران وميون.
وحين يئست السلطات الاستعمارية من توقيع اتفاقية الحدود الدائمة مع الامام يحيي وفشل بعثة "جاكوب" عام 1919 واحتجازها في باجل ،سلمت كل تهامة بمدنه وموانيه الى محمد علي الادريسي، ولم تستعيدها القوات اليمنية الا في 1924 بعد وفاة الادريسي، في ذات الفترة التي دخلت فيها القوات الى الضالع والشعيب والاجعود، ويعض مناطق العواذل والبيضاء، بمساعدة من سكانها .
استمرت الازمات الشديدة بين الانجليز والامام وصلت ذروتها في العام 1926 حين وقع الاخير معاهدة صداقة مع إيطاليا، تم اقامة علاقة دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي في 28. لكن في العام الاخير ستستخدم بريطانيا كل امكانيتها العسكرية والمالية وعلاقاتها لضرب معظم المدن بما فيها صنعاء، لإجبار قوات الامام مغادرة الضالع.
لم يرضخ الامام بتوقيع معاهدة صداقة مع الانجليز الا في العام 1934،التي ابقت الحال كما هو علية حسب الاتفاقية الموقعة مع الاتراك، تحت ضغط تداعيات اجتياح قوات الملك عبد العزيز ال سعود مدن تهامة ، و توقيع معاهدة الطائف، التي اخرجت نجران وعسير وجيزان من حكم الامام، وبقت النواحي التسع "المحميات" ضمن الحماية الانجليزية يمارس فيها معظم سلاطينها وامرائها سلطات قبلية، ويتمتعون بامتيازات الإعانات الشهرية ومراسيم الضيافة
والاستقبال. وبين معاهدات الصداقة واتفاقيات الحماية وصولا الى اتفاقية الاستشارات، وباستثناء بلاد العبدلي "لحج" وبلاد الفضلي "ابين"، ظلت النواحي التسع تخوم امنية في حسابات الانجليز، وما تنفقه على امرائها كان يبوب ضمن هذا السياق. وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها فبدأت تتشكل في عدن مظاهر حراك سياسي ،مهدت تاليا لظهور اصوات انعزالية ترى في عدن مدينة تخص العدنيين، وعبر عن هذا المنزع (الجمعية العدنية 1949) التي استجلبت اليها نخب المدينة، التي هي خليط من (القوميات والاعراق والديانات) التي سكنت المدينة، فكانت ترى هذه النخب ان عدن لا يمكن لها الا ان تكون لعدنيي "المخلقة" الانكليزية، وان الوافدين اليها من سكان المحميات وعرب المملكة المتوكلية ليسوا اكثر من عابرين استوجب وجودهم، بوصفهم قوى عاملة رخيصة، ذلك التصاعد العمراني والنمو الاقتصادي الذي شهدته المدينة بعد الحرب، وتحولها الى مركز قيادة متقدم في الشرق الاوسط. وبالمقابل اظهر (حزب رابطة ابناء الجنوب 1951) نزوعاً مناهضا لهذا الصوت، بخلق مساحة تشاركية اوسع من نخب الجنوب (سلاطين وزعماء قبليين وبرجوازية ريفية ومثقفين سياسيين)، فبدأ هذا التوجه اكثر وطنية وشعبية في انتمائه الجنوبي، الذي اصبح في أدبياته السياسية "الجنوب العربي" ، مختزلا التسمية التاريخية للإقليم الكبير الذي ظم" اليمن وعمان وحضرموت" في عدن والمحميات فقط، بوصف هذا الاقليم جزءا من الامة العربية والاسلامية، لا علاقة له بالهوية اليمنية. وردا على هذين الصوتين ،بدأت تتأطر المكونات المقصية والمهمشة من الوافدين في النقابات العمالية، التي تحولت في ظرف اعوام قليلة الى خزان بشري، يرفد القوى السياسية والكفاحية الجديدة المناهضة للاستعمار بالمئات من الاعضاء المتحمسين، الذين وقعوا تحت تأثير تبشيرات الخطاب القومي، الذي وعد الجميع بالوحدة والتحرر والرفاهية. لكن بالمقابل لم يمت الصوت الإقصائي والانعزالي بعد الاستقلال ، بل ظل كامنا في التحول ذاته ،وكان يعبر عن نفسه ايضا في اطار بنية الحكم الجديد، التي تسرب اليها على قاعدة التكيف. فكان يرى ،على عكس الوحدويين الفوريين، ان التمايزات الجوهرية بين الجنوب (التقدمي) والشمال (الرجعي)، تجعل من امر الوحدة معضلة حقيقية، دون ان انجاز التحول المنظور في بنية المجتمع في الشمال نحو الاشتراكية،
غير ان احداث يناير 1986 كشفت هول الكارثة، وان القشرة الخارجية للخطاب الايديولوجي، كانت تغطي على تناقضات قاتلة في تركيبة المجتمع القبلي في الجنوب، الذي انعكس على تنازعات السلطة على اساس مناطقي واضح. ومن نتائجها كان ذلك الفرز والاقصاء للمواطنين على اساس الهوية . هذا الزلزال ايقظ الناس من وهمهم الطويل، متيحا للتيار الوحدوي الفوري التعبير عن نفسه بقوة ووضوح، منقادا ببوصلة حلمه الرومانسي الثوري في الوحدة، التي ذهب اليها في ذروة التحولات في العالم، وعلى رأسها سقوط المعسكر الاشتراكي.
(يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.