في هذا العيد، تشعر بأنك فقدت شيئاً مهماً من حياتك التي تعودت عليها، هنا ينتابك الحزن والأسى من جانب والخجل من جانب آخر. نعم والله، خجل ينتابك وانت تقفل بابك بمفتاح وتحتجب عن أصدقائك ومعاريفك ورفاقك وربعك متوارياً في الخلف، لا تستقبل المهنئين والزوار كعادتك التي جُبلت عليها.. ماذا علينا فعله ازاء هذا الوضع..؟ لا شيء، ما عدى الاعتذار عن هذا التقصير القسري الذي وجدنا أنفسنا فيه جميعا.لكن هذا الوضع الطارئ على الرغم من فداحته يكشف لنا حقيقة مهمة، تجلت أمامنا ونحن في قلب المعاناة، ألا وهي تلك المتعلقة بعملية التواصل مع الغير، سواءً عبر الهواتف أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي، إذ وفر العلم والتطور التكنولوجي فرصاً واسعة للتعامل مع ظروف البشرية الطارئة اعتماداً على الوسائل التكنولوجية التي ابتكرها الإنسان وما برح يطورها يوما عن يوم. إن هذه الابتكارات المذهلة، قد وفرت للبشرية امكانيات لا حدود لها في التعامل مع الكوارث الطبيعية وساعدت على مواجهتها والتقليل من خسائرها وأضرارها، وقبل كل شيء، ما يتعلق بسبل الحفاظ على حياة البشر. في العصور السحيقة، عاشت الناس في جماعات منغلقة على ذاتها، في حيز جغرافي ضيق بمعزل عن الاخر- إذا توفر الماء والصيد البري- اعتماداً على روابط الدم والمصلحة البدائية الأولى, المتمثلة في البقاء ومواجهة اعباء الحياة، ومن ثم تطورت حياة الناس، ومع تطورها وتزايد حاجة الانسان المتنامية باستمرار، انتقل البشر الى اطوارا أخرى من أشكال التنظيم الاجتماعي، أكثر استجابة لذات الحاجة الإنسانية وسيستمر الحال كذلك الى ما لانهاية - حتى يرث الله الأرض ومن عليها - وفق نظريات التطور البشري. اليوم عالم القرية الرقمية وفر إمكانيات هائلة لا حدود لها, للتأقلم مع الظروف, مهما كانت بشاعتها وكارثيتها، وما وسائل الاتصال والتواصل الى دليلا ساطعا على ذلك القول, الأمر الذي يحتم علينا توجيه كل مقدرات المجتمعات في المقام الأول نحو العلم.. تخيلوا فقط، أن يأت يوما ما، ويتعرض كوكب الأرض لكارثة لا تبق ولا تذر، تقضي على سُبل الحياة المعتادة، يومها ستتمكن الامم التي امتلكت ناصية العلم من مواجهة الكارثة بوسائلها المناسبة، بمافي ذلك مغادرة الأرض نحو كوكب اخر - كثير بلدان لديها برامج علمية كبرى لدراسة الفضاء المحيط وسُبل ظروف العيش خارج كوكبنا الارضي - فيما ستنقرض الامم المتخلفة كما انقرضت الديناصورات وغيرها. هكذا تمض الحياة، فيما نحن لانزال نقتل بعضنا البعض في سبيل الاستحواذ على حقوق بعضنا البعض بموجب مفهوم الغلبة او بموجب خرافات الحقوق الحصرية الممنوحة لهذه الجماعة أو تلك... أخيراً اليكم بعض مما قاله الشاعر الكبير نزار قباني رحمة الله تغشاه، في يوما ما، وهو يصف احد الاعياد: يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا واستوطن الأرض أغراب وأشباحُ يا عيد ماتت أزاهير الرُّبى كمداً.. وأوُصِدَ الباب ما للباب مفتاحُ ... كل عام والجميع بخير