حقيقة منصرفة عن أذهان أهل اليمن .. لا تستحق اهتمامهم .. لا تستدعي انتباههم .. لا تمس وجدانهم .. لا تحرك عاطفتهم ولا تثير مشاعرهم .. وليس ذلك بمستغرب في زمان أُصبنا فيه بالشتات الذهني وفقدان الذاكرة .. وذكر الله ! حقيقة غابت عن بالنا في غابة الأنانية والمصالح الشخصية .. والنزعات العنصرية العرقية والمناطقية .. وطُمست في صخب وضوضاء وتضليل الإعلام الصحفي والفضائي .. الحكومي والمعارض .. وتلاشت في دوامة الإرهاب .. الإرهاب بإسم الدين وبإسم الوطنية .. فلا دين بقى ولا وطن لنا .. ولا رب رضا عننا ! اليوم .. ونحن نرقب عاقبة أمورنا .. وسوء خاتمتنا .. وتوشك أُمُنا أن تكون هاوية .. في ما لاندري ما هي .. دعونا إذن نستبين هذه الحقيقة .. وان نعرف ما هي ! أنها حقيقة ما جرى لأبناء وأهالي عدن .. في صبيحة يوم الاستقلال الوطني عام 1967م .. هذه الحقيقة لا تختلف عن حقيقة اول جريمة قتل حدثت في تاريخ البشرية .. فهي بدورها اول جريمة نكراء حدثت في تاريخ الثورة اليمنية المعاصرة .. ومن المفارقات العجيبة حقاً إن أول جريمة قتل حدثت في تاريخ البشرية كانت أيضاً في عدن ! كان ذلك عندما هم قابيل بقتل أخيه هابيل الذي قال له ) لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما انا بباسط يدي إليك لأقتلك إني اخاف الله رب العالمين . إني أريد ان تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين ( .. ولكن قابيل لم يتردد في قتل اخيه .. ولما أدرك فعلته النكراء فر هارباً إلى جبل صيرة .. هكذا تقول الأسطورة .. ليحتمي في جوفة من غضب الرب ! وهكذا فعل تنظيم الجبهة القومية ( قابيل العصر الحديث ) .. أو لنقل (قابيل الثاني) .. عندما استولى على السلطة في عدن .. صبيحة يوم الاستقلال الوطني عام 1967م .. قام تحت الشعار الثوري ( تصفية الجهاز الإداري للدولة حتى العظم ) بتسريح أبناء عدن من وظائفهم خاصة القيادية والعليا .. وبدون أية حقوق .. وتبع ذلك تصفيات دموية وإنكار الهوية العدنية والاستيلاء على الأملاك الخاصة والتهجير وطرد الأسر والعائلات العدنية إلى خارج حدود مدينة عدن ! ولا شك أن قابيل الثاني كان يختلف عن جده قابيل الأول الذي قتل أخاه لأسباب خاصة .. أما قابيل الثاني فالنزعة العنصرية والمناطقية التي بداخله هي التي كانت وراء تصفية – ليس الجهاز الإداري للدولة فقط – بل تصفية عدن كلها .. من أبنائها واهلها ! مع إن عدن ليست يافع .. وليست ردفان أو الضالع .. وليست صعدة ولا صنعاء .. وليست لأي قبيلة من القبائل ! عدن ستبقى عدنية .. عدن ( عين اليمن ) .. محروسة بعين الله .. وعين اهل اليمن ( الأرق قلوباً والألين أفئدة ) .. وكلنا في عدن عدنيون .. شاء من شاء .. ومن لم يشأ .. عليه أن يرحل !