الأربعاء , 13 سبتمبر 2006 م ضرورة أن يتدخل علم النفس في عصر ينبغي أن يحترم فيه العلم لمعالجة أزمة الثقة التي يعيشها الجيل الطالع، فهذا الجيل شبه ضائع، غير محدد الهدف، غير واضح الميول، يعيش عمراً أكبر من عمره، بينما يختفي المرح والإحساس بجمال الحياة. وأحسب أن هذا الجيل هو الجيل العربي في كل مكان؛ غير أنه أكثر وضوحاً في بلادنا إن المرء يخشى أن تحرق المراحل سلباً فلا يستطيع هذا الجيل أن يشعر بمرحلة المراهقة، ثم مرحلة الابتهاج بخطاب الطبيعة.. وكان جيلنا يرفض بشكل مطلق أن ينفق فترة ما بعد الظهر في المنزل، في القرية أو المدينة، بل يكره أن يعيش ساعة أو بضع ساعات منعزلاً يتأمل، فالتأمل مرحلة عمرية متأخرة.. كان الوقت مفرقاً بين سلوات، وضحكات، وبهجات، وربما كان المنزل للنوم وحسب ولا نعرفه إلا عند النوم، فماذا جرى لشبابنا اليوم ينكفئ على نفسه، قد ذهبت منه نضارة الشباب، ونضارة العمر، واختفت من وجهه الابتسامة وصوت الضحكة الرنانة، وعلت تقسيمات وجهه هموم وسهوم وكآبة، وأصبح أشبه بجيل من الخيل الأصيلة حشرت في «حوش» ضيق ، فلا تستطيع الجري، فضلاً عن السّبق ، فتظل حركتها محصورة ذهاباًَ وإياباً بين مقدمة ومؤخرة لا تستطيع فكاكا؟!. قلت، ربما أساعد في تحصيل حاصل علماء النفس وهم يبحثون هذه الظاهرة، ويكاد هؤلاء العلماء يذهبون إلى أن الأمر واضح في أنه يحتاج لباحث اختصاصي، فهذا الجيل العربي يعيش حالة من الكفر بالمستقبل الذي لم يعد مجهولاً، وأنت عندما تدفع أطفالك إلى التحصيل والدرس، فإن الصغير منهم يخرج لك لسانه، ولست تحسد على هذا الطفل أو تحقد عليه، وإنما سرعان أن تعود إلى نفسك فتجد لإخراج اللسان سبباً مقبولاً، ولم يعد أطفالك يتذمرون منك لأنك لم تنجز لهم بيتاً ينقذ ما بقي من ماء وجوههم الذي تجففه أولاً بأول مطالب الحياة وهي كثيرة، فأطفالك يقدّرون ما تعانيه ويشعرون بأنهم سبقوك إلى التفكير بالحلول العاجزة. إن الثقة بالنفس تتطلب شجاعة، والشجاعة تتطلب إمكانات، وأحياناً إذا وجد واثق من نفسه، فإما هبة من الله أو أنه مغامر متهور.