29/10/2006 ودّعت مؤسسة «الناس» مؤسسها.. وهل نبالغ عندما نقول «مؤسسة».. حلم بالمؤسسة الكبرى، فأسس مؤسسته الصغرى.. من الناس.. أصدر للناس صحيفة «الناس» بعد أن نفذ إلى عقول القراء وقلب من عرفه عبر مجلة «نوافذ» المفتوحة على الجميع وللجميع.. وفي «نوافذ» تخرج جيل رائع، ورائد، من الإعلاميين الذين لمعت نجومهم في سماء الإعلام اليمني: "نصر طه مصطفى، سعيد ثابت سعيد، حميد شحرة، نبيل الصوفي، محمود ياسين، عادل الأحمدي، عبدالإله حيدر، محمد مشراح" وغيرهم.. اتجه كل منهم إلى حيث يرى نفسه ومعه من أراد التوجه معه في سبيل تعزيز الحريات الصحافية، وترسيخ المهنية العالية في الفنون الصحافية: التحقيق، التحليل، المقال. «نوافذ» كمشروع فكري لم يتمكن من الصمود ضمن إطار المركز اليمني للدراسات الاستراتيجية، لكنه استمر عندما جعل حميد شحرة النوافذ ضمن مبنى مؤسسة الناس التي تكونت بفعل إصدار صحيفة الناس عام 2000م ،والتزمت بالتنوع الذي فرضه اختلاف انتماءات القائمين على الصحيفة: حميد شحرة «إصلاح» محمد الغباري «ناصري» مروان دماج «اشتراكي». والتزامهم بالتعددية في الرأي والموقف جعل الصحيفة وسطية نوعاً ما، وكونت لقاءً إعلامياً مشتركاً سبق تلاقي أحزاب المعارضة سياسياً. أما حميد الإنسان فاتسم بالشهامة وخلط بين مرارة الواقع وحلاوة السخرية.. ولعل الزملاء الذين حضروا التضامن مع الزميل/جمال عامر وصحيفة الوحدوي في مقر نقابة الصحافيين بصنعاء عام 2000م يتذكرون مقترحاً إيجابياً اقترحه حميد بصوت عالٍ من وسط القاعة حتى يسمعه النقيب السابق/محبوب علي وهو في المنصة.. أن بدلاً من التضامن قولاً وكتابة لا يشبعان جوع الرجل ولا يسدان حاجته، فلتصرف النقابة مبلغاً مالياً مساعدة له.. وصُرفت المساعدة.. عاش عملياً ومنفتحاً.. ولهذا فلح ونجح.. عُرِف دؤوباً.. وربما - إلى أن يتأكد - كان هو الصحافي المحلي الوحيد الذي اقتحم الأبواب الموصدة في شارع السبعين وظفر بحوار خاص مع فخامة رئيس الجمهورية في الذكرى الرابعة والعشرين على انتخابه. وذكياً في تناوله للقضايا السياسية الحساسة: كاللجنة الخاصة باليمن في السعودية متى تتحول إلى لجنة عامة. وافاه أجله، وصُرِعت الابتسامة عندما شوهد وهو يوارى الثرى.. والأمل أن يستمر نهجه في مؤسسته، وألا يكون الأجل قد قاربها هي أيضاً، فهذا اختبار صعب لا بد من اجتيازه باقتدار لإثبات أن المأسسة صارت سلوكاً يومياً.. والفردية إلى اندثار.. ليكن استمرار «الناس» عزاءً جميلاً للناس في حبيب الناس. [email protected]