تنهمك كثير من المؤسسات والوزارات في نقاشاتها وندواتها حول «توصيف» المشاريع أو بلورة مفهوم إصلاحات المرحلة القادمة ، أو بحث أهمية هذه الخطوة أو تلك ، فيما واقع الحال فيها يزداد سوءاً.. وفي الوقت الذي تغرق تلك الجهات في جدلها العقيم ، كان في الطرف الآخر من المعادلة جهات تركت الحديث لغيرها ، وانهمكت بالعمل ، وتطوير مرافقها ، وتوسيع معدلات انتاجها .. ووقفت وزارة النفط والمعادن في مقدمة طابور هؤلاء الذين لايستحقون من أقلامنا غير وقفة تقدير وإعجاب بهذا الجهد العظيم الذي يقدمونه للوطن ، ولشعب اليمن بمختلف شرائحه.. اقلامنا التي تعودت تقريع الفساد ، وتعقب الاختلالات والظواهر السيئة عندما تعقبت مسيرة وزارة النفط بقيادة الأخ المهندس خالد محفوظ بحاح لم تجد حلقات نقاش وندوات على الفاضي ولاشعارات معلقة في مداخل الوزارة .. بل وجدت ارقاماً انتاجية ، وتحولات ليس على مستوى التوسع في أعمال التنقيب بل حتى على مستوى يمننة الوظائف رغم أن القطاع النفطي قطاع غني ويحتاج إلى أيدٍ عاملة ماهرة ومتخصصة ، وهنا يكمن موضع إعجاب آخر في أن معالي الوزير لم يغرق كما فعل آخرون بخطط الإنتاج وطرح المناقصات بل أولى مسألة البطالة اهتماماً كبيراً من خلال استيعابه للكوادر الوطنية.. وعلى من لايعلم الحقيقة أن يدرك أن سر النجاح يكمن في الإيمان بإرادة الكادر الوطني وليس العكس إطلاقاً. حتى اليوم لم تتحدث وسائل إعلامنا عن ظواهر سلبية مقلقة في وزارة النفط.. وبالتأكيد أن هذا لايعني بالضرورة عدم وجودها إطلاقاً.. لكن الذي يمنعنا من أي تطرق لذلك هو أننا نرى أمام أعيننا عملاً وجهداً مشرفين وحراكاً دؤوباً للارتقاء بهذه المؤسسة الاستراتيجية إلى افضل مايمكن الوصول إليه.. وبتقديري أن أمراً كهذا يكفي جداً لتأمن أية مؤسسة شرور أقلامنا.. فتحية لمعالي الوزير ولكل الكوادر المتفانية في وزارة النفط. هناك مؤسسات أخرى لاتقل تفانياً عن وزارة النفط وسنأتي على ذكرها يوماً ما.. وهؤلاء جميعاً لاينتظرون الإشادة بهم في صحيفة لأن مايهمهم ضمائرهم .. فما بال مؤسسات أخرى نسمع طبولها ومزاميرها ولاندري متى ستأتي بالعمل الذي يقنع الآخرين بأنها ليست أوكاراً للفاسدين ، ولا الكسالى والمتقاعسين عن القيام بمسؤلياتهم في الزمن الذي يراهن فيه الجميع على تفجير نهضة جبارة تصبح الضمانة الأكيدة لأبنائنا..! إلى متى نبقى نستمع إلى بعض المسؤولين وهم يعيدون اسطوانة الشعارات ، والوعود ، وعبارة «لدينا خطة» و«نحن بصدد تنفيذ» وغيرها من العبارات التي زهقنا من سماعها ، ومل المواطن منها حتى بات البعض يظن أن كل مايسمعه هو «كذب» ويعمم السوء على المسؤولين الشرفاء دون أن يعلم أن هذه المسائل نسبية ، وليست حالة عامة.. وأن اليمن مليئة بالشرفاء المخلصين الذين يفكرون به وبمستقبل أبنائه ربما أكثر مما هو يفعل ذلك.. وهنا كم كنت أتمنى لو أن الأخ وزير المالية بدلاً من قطع مخصصات التدريب لبعض الوزارات أو مخصصات بترول السيارات على وكلاء وزارات وغيرهم أن يتبنى قرار منع إقامة حلقات النقاش والندوات في فنادق الدرجة الأولى ، ومنع الولائم التي تقيمها هذه المؤسسات على هامش الفعالية ، مقابل استغلال قاعات بعض المراكز أو الجامعات أو المؤسسات الثقافية والاجتماعية لعقد مثل هذه الاجتماعات في حالة تعذر إقامتها داخل نفس المؤسسة. فمن واقع تجوالي كصحافي في هذه الورشات والاجتماعات أؤكد أنها أصبحت مجرد مظلات للتغطية على فشل كبير أو فساد مستفحل ، ولمجرد أن تذكر الصحافة اسم ذلك المسؤول فلا ينساه أحد ، أو يتخيل أنه «راقد».. وبالقلم العريض :«دعاية إعلانية» لا أكثر ولا أقل.. سامحهم الله.