يوم أمس أقامت جامعة صنعاء حفلاً تكريمياً لعالمين جليلين في مجال الدراسات الطبية والدراسات الأدبية واللغوية. والعالمان اللذان تم تكريمهما هما الأستاذ الدكتور/عبدالعزيز المقالح الأديب العالم الانسان الذي هو في غنى عن التعريف ، فهو الذي عّرف باليمن وبثقافة اليمن وبعلماء اليمن وأدبائها وكتابها وشعرائها وحضارتها ، ومن خلال الدكتور/المقالح عرف العالم كله اليمن مهد الحضارات ومنبع التاريخ العربي .. وأما العالم الآخر فهو الدكتور/عبدالله الجنيد وهو باحث وأستاذ أكاديمي مشهور بأبحاثه الطبية وبنبوغه العلمي ، على مستوى اليمن والعالم العربي والمؤسسات الطبية العالمية في حفل جائزة جامعة صنعاء للأساتذة الذي يرعاه فخامة الأخ الرئىس/علي عبدالله صالح تكريماً للعلم وتشجيعاً للتطور العلمي والمعرفي الذي ينبغي أن يواكبه أساتذة الجامعات ، في هذا الحفل القيت عدد من الكلمات من قبل الذين رعوا هذا الحفل وأشرفوا على تنفيذه. وقد حضر الاحتفال عدد كبير من طلاب الاستاذين الجليلين المقالح والجنيد ومن أصدقائهما وزملائهما والمحبين والمريدين. وفي كلمته التي وجهها إلى المحتفلين أكد الدكتور/المقالح المعاني الطيبة التي يعكسها هذا التقليد الذي سنته جامعة صنعاء للاحتفاء بالعلماء المتميزين في انجازاتهم العلمية والاكاديمية من أبنائها. وقد تركت كلمة الأستاذ الدكتور/عبدالعزيز المقالح أثراً بالغاً في نفوس الحاضرين وذلك لأنها صادرة من رجل نادر وفريد في مجتمعه ،رجل حمل كل الصفات الانسانية النبيلة وتجمعت فيه كل الفضائل. لم يعبر الدكتور/المقالح في كلمته عن ابتهاجه بالجائزة التي قدمت له ولكنه أكد معنى انسانياً ووطنياً وأكاديمياً في تلك الكلمة.. يقول الدكتور/المقالح: إن أفضل تكريم يقدم للعلماء هو أن تعيد الحكومة النظر في موضوع تقاعد أساتذة الجامعات وخاصة أولئك الذين بلغوا سن النضج العلمي والاكاديمي والفكري وهذه الملاحظة التي وردت في كلمة الدكتور/المقالح ملاحظة بالغة الأهمية.. لأنها تعكس مشكلة كبيرة تواجه الجامعات اليوم. لقد أقدمت الحكومة على فرض قانون التقاعد على جميع المنتسبين إلى وظائف الدولة ، هذا القانون يحيل كل موظف بلغ أحد الأجلين 35سنة عمل ،60سنة عمر إلى التقاعد وليس هناك اعتراض على تطبيق هذا القانون في الجانب الاداري نهائياً لأن هذا معمول به في جميع الدول تقريباً وإن وجد شيء من التفاوت فهو يسير. ولكن الاعتراض ينصب على تطبيق هذا القانون على الجانب الاكاديمي والعلمي في الجامعات ، لاتوجد مقارنة بين عمل الاداري وعمل الاكاديمي .. الاداري جهد عضلي وقوة وصحة وعافية .. والاكاديمي جهد فكري ونضج علمي ومعرفي لايرتبط بسن ستين سنة.. بل على العكس من ذلك فكلما تقدم السن بالأكاديمي ازداد عمق رؤيته الفكرية للمسائل العلمية ، هذا هو الأمر الذي أراد أن يؤكده الدكتور/المقالح في كلمته إلى الاحتفال ويشير إلى أهمية توقيف اجراءات التقاعد التي تجرى لبعض أساتذة الجامعات. وفي كلمته في هذه المناسبة أشار رئىس جامعة صنعاء إلى أنه في حال قيام جامعة صنعاء بتنفيذ قانون التقاعد فإنها ستحيل هذا العام أكثر من أربعين أستاذاً وفي العام القادم أكثر من مائة وأربعين استاذاً إلى التقاعد وهذه كارثة كبيرة ستحل بجامعة صنعاء في حالة إفراغها من الأساتذة. ومثل جامعة صنعاء بقية الجامعات اليمنية هناك أعلام وعلماء أجلاء ستفقدهم الجامعة بموجب قانون التقاعد وقد أثار هذا الموضوع لغطاً كبيراً ودار جدل واسع بين النقابات الجامعية والحكومية ونحن نتمنى أن يتحول هذا اللغط إلى نقاش موضوعي هادئ وأن يؤخذ في الاعتبار ماتطبقه جميع الجامعات سواء منها الجامعات العربية أم غير العربية في موضوع التقاعد. جامعة صنعاء من أعرق الجامعات العربية وقوانين الجامعة من أرقى القوانين، وجامعة صنعاء ذات صلة وثيقة بجامعات مصر والعالم العربي ، والمتخرج من جامعة صنعاء يلقى قبولاً في أي جامعة للدراسات العليا ولايلاقي أية عقبات بسبب السمعة الاكاديمية الرفيعة التي بناها رجال تولوا أمر هذه الجامعة ومن أشهرهم الاستاذ الدكتور /عبدالعزيز المقالح. لسنا بحاجة إلى صرف جهد كبير في معرفة كيفية تطبيق قانون التقاعد على أساتذة الجامعات، انظروا إلى قانون أي جامعة عربية أو غير عربية ترغبون في النظر إليه ، كل هذه المعضلة التي أصبحت هاجساً يقض مضاجع الاساتذة .. أما مايتردد على مسامع الناس من أن هناك دكاترة جامعيين لاتتوفر فيهم الكفاءة ولايجوز بقاؤهم في الصرح الجامعي بسبب تدني معارفهم العلمية واضمحلال التحصيل العلمي ، فهذا امر صحيح ولايمكن انكاره ، ولكن هذه مسألة أخرى لايجوز ان نستحضرها اثناء منقاشة قانون التقاعد في الجامعات لأن هذا نوع من خلط المسائل وهو خلط لايجوز سواء أكان بنية حسنة أم بنية سيئة. لأن الاستاذ الذي لايرقى إلى مستوى الصرح الجامعي لايجوز بقاؤه سواء بلغ سن التقاعد أم لم يبلغ. هناك معايير لتقييم الأساتذة وهناك اجراءات قانونية صارمة لمثل هذا النوع من الاساتذة، ومن حق الحكومة أن تطرح على الجامعات مثل هذه القضية، قضية الاساتذة غير الاكفياء وان تتابع اجراءات تطبيق القوانين بحقهم، لأنهم يلحقون بالجامعة والمجتمع أضراراً سيئة ، لكن لايجوز للحكومة ان تخلط المسائل ببعضها وأن تحتج على ضرورة تطبيق قانون التقاعد بحجة وجود اساتذة ضعفاء وسيئين لايستحقون ان يكونوا في الجامعة.. هذه مسألة وتلك أخرى وبين المسألتين بون شاسع وإجراءاتهما القانونية مختلفة تمام الاختلاف. نتمنى ان تستجيب الحكومة لصوت الجامعة وان يكون صوت الجامعة هادئاً وصادقاً وموضوعياً وشفافاً حتى تستجيب الحكومة لهذا الصوت. تحية لأستاذنا الجليل الاستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح. ومبروك لجميع الأساتذة الأجلاء الذين تشرفت الجوائز بأسمائهم وأبحاثهم .