عندما كلفت بتغطية الاحتفال باليوم العالمي للمياه الذي أقامته الهيئة العامة للموارد المائية الخميس الماضي انتابني شعور بالأهمية القصوى للاحتفال بهذا اليوم الذي يتساوى مع أهمية حاجتنا للماء في الحياة التي لن نستطيع العيش بدونه. وبرغم أنه يوم خميس وكل الناس نيام آثرت على عيوني نومها وفضلت الذهاب لتغطية هذا الحدث، وعلى بعد أمتار قليلة من باب منزلي وصلتني رسالة إلى هاتفي عبر الشبكة الذكية ليمن موبايل مفادها التذكير بأهمية الحفاظ على المياه، الأمر الذي أثلج صدري وهو ما يدل على حرص الجميع على الحصول على مياه شرب نقية والحفاظ عليها من العبث. وصلت إلى مقر الاحتفال وشاهدت معرض الإنجازات الذي أقيم في حديقة السبعين وحرصت كل جهة مائية على اصطحاب معداتها وسياراتها الفارهة وموظفيها ، تجولت في خيمة العرض واستمعت إلى شرح من بعض المهندسين عن بعض الأجهزة الحديثة التي سنتحدث عن بعضها لاحقاً. المهم جاءت فرقة الرقص الشعبي ورقص الشباب وموظفو المياه ورقص المهرج (مستر روبان) ووزعت القبعات والفانيلات التي تحمل صورة روبان وشعار الهيئة،التي كلفت خزينة الدولة الملايين، بالإضافة إلى البالونات الهوائية التي تساوت بعدد زهور حديقة السبعين الجميلة ،كل تلك الهيصة للاحتفال بيوم عالمي يأتي بالسنة مرة. وبعد ان شاهدت العجب العجاب غادرت الحديقة إلى اقرب سوق للقات من اجل (نكيف ونكتب تقريراً عن بالونات وقبعات مستر روبان) ومن ثم توجهت إلى المنزل لتناول الغداء، جهزت أحباري ومسجلتي وبياض مسطر لكتابة التقرير، لكن جاءتني فكرة ربما لخبطت كل شيء وهي أن أقوم بالاستحمام من أجل الوصول إلى قمة الانتعاش وكله على شان التقرير. وهنا كانت الطامة التي قصمت ظهر.....؟ وشتتت كل أفكاري فخزانات المياه الرئيسة(تتسع لحوالي 500 لتر) قد صفرت، وكمان (دباب)الكوثر الاحتياطية بسبب أن مشروع المياه يصل إلى حارتنا أسبوعيا لكن بالقطارة فالضغط ضعيف جداً ولا تستطيع أن تملىء (حبة شملان أو حدة)إذا كنت على ارتفاع مترين ونصف كما هو الحال بالنسبة لي، حتى لو استمريت تراقب وتطلع وتنزل إلى الصبح كما أفعل أسبوعيا دون أي فائدة أو قطرة ماء ،وبعد مراقبة 24ساعة وسهر يوم كامل أبحث عن وايت والأمر لله من قبل ومن بعد. هذا الوضع سائد في حي القادسية بأمانة العاصمة والتي تتبع مائياً المنطقة الثانية ومشروع القادسية، ومعظم سكان الحي البسطاء يعانون منه إلا من فتح الله عليه وعمل خزاناً أرضياً، فالحال ربما لا يختلف إلا في الفاتورة. أرجو أن لا يغضب أي مسؤول أو موظف يعمل في قطاع المياه وخاصة المسئولين لأنهم يعلمون بهذه المعاناة في هذا الحي بالذات ابتداء من الكاشف الذي يتحفنا بفواتير أرقامها مخالفة لأرقام العداد وقراءاتها دائا مقدرة، ومن ثم الطوارئ ومدير المنطقة ومدير المؤسسة المحلية الذي تفنن في حديث سابق عن نسبة الضغط وحجم الاستهلاك وإصلاحات وصيانة وسترون قريباً وغيرها من الكلام المعسل الذي لا يروي ضمأ عطشان. وقبل أن أنسى الحديث عن الأجهزة الحديثة التي شاهدتها ووصف احد المهندسين تقنياتها واستخداماتها ووظائفها ...الخ. أفضل جهاز(مازل يلمع) محمول على سيارة فارهة (بالطبع من المصنع ) حدثني ذلك المهندس الكثير عن الجهاز المتطور وسرد مواصفاته ووووووووإلخ ، لكن قبل ان ينهي حديثة قال"مع الأسف لم نستخدم الجهاز إلا مرة واحدة). وهو موجود مع سيارته في المخزن دائما باستثناء كل يوم عالمي للمياه منذ ثلاث سنوات، أضاف والعهدة على الراوي إذ لم يستطع تركيب رقم للسيارة ليتم الانتقال بحرية، وأردف ربما يريدون أن يسلموا السيارة فيما بعد لأي واحد. هذا فقط من إنجازات اليوم العالمي للمياه. خلاصة الموضوع بعد أن جلست بجوار أدواتي، لأكتب التقرير وجدت أني سأكذب أولاً على نفسي وثانياً على القارئ، وحينها طارت الأفكار وقررت أن أكتب هذا المقال كجزء من الاعتذار للنفس وللقارئ الغلبان الذين جعله العطش يصدق كل شيء يكتب عن المياه.. فعذراً للإطالة وعذراً للجيران الذين ظللت أتسبب في إزعاجهم يوماً كاملاً أسبوعياً. لكني سأظل مناوباً على مراقبة مياه المشروع أسبوعياً وسأحاول استعارة أدوات قياس الضغط وسأسمع خرير الماء وسأظل أحلم بأن المياه آتية لا ريب وستفتح خراطيم المشروع وسترتفع أكثر من مترين ونصف وستصل إلى كل أسطح منازل الغلابة في هذا الحي.. وسأبقى منتظراً للحلم.