قد لا نكون في حاجة لحضور دعوة زفاف أو حفل عشاء دسم في فنادق «خمسة نجوم» بقدر ما نحن في حاجة لمن يدعونا إلى البكاء فالحياة بما تحمل من هموم وضغوط نفسية ومتاعب تجعلنا ننفس عنها بذرف الدموع بدلاً من كبتها، فنصبح محبطين لا يفصلنا عن «الجنان» سوى شعرة ولكن من منا يجرؤ على البكاء. لا أدري لماذا نكبت مرارة الألم عندما تتكالب علينا المصائب وتبلغ فينا الهموم حد الانفجار ،نخفي دموعنا عن الآخرين إنها ثقافة شرقية توارثناها أباً عن جد زرعت فينا منذ الطفولة بأن بكاء الرجل عيب. حاولت أكثر من مرة عندما ضاقت بي السبل ان اخلو إلى نفسي وافضفض عنها بالبكاء إلا أن محاولاتي باءت بالفشل ليس كبراً أو خوفاً من الشعور بالضعف ومع هذا أجدني كغيري من الرجال اتقن فن البكاء بصمت منتظر ساعة اكون فيها زبون قسم القلب أو من ضمن المطوبرين على علاج السكر المجاني غير المتوفر لدى مكتب الصحة. قالوا: أن دمعة الرجل غالية لا تضاهيها دمعة المرأة فالرجل يبكي عندما يصل إلى قمة اليأس والظلم والقهر، دمعته عزيزة وصادقة على عكس المرأة التي اعتادت البكاء بفضل ثقافتها الشرقية دمعتها طارفة وأشبه ما تكون بدموع التماسيح أي شيء يبكيها تحزن ،تبكي، تفرح ، تبكي. سألت أكثر من شخص متى آخر مرة بكيت؟ فلم أجد إجابة من أحد سوى أشخاص وجدتهم يبكون حد النواح من «هتورة» عسكري وظلم قاضي وتعنت مسئول في العمل وخيانة صديق وغدر الحبيبة هؤلاء وحدهم يُبكون الرجل.