النص الكامل وفيديو كلمة الرئيس العليمي في القمة العربية 33 بالبحرين    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    تمييز وعنصرية.. اهتمام حوثي بالجرحى المنتمين للسلالة وترك الآخرين للموت    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    موقف بطولي.. مواطنون يواجهون قياديًا حوثيًا ومسلحيه خلال محاولته نهب أرضية أحدهم.. ومشرف المليشيات يلوذ بالفرار    إصابة مواطن ونجله جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات شمال لحج    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    أسباب أزمة الخدمات في عدن... مالية أم سياسية؟؟!!    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    من يقتل شعب الجنوب اليوم لن يسلمه خارطة طريق غدآ    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    أوقفوا هذا العار.. إعلان إسرائيلي غاضب ضد ''توكل كرمان'' بسبب تصريحاتها الجريئة عن حرب غزة    انهيار جنوني .. لريال اليمني يصل إلى أدنى مستوى منذ سنوات وقفزة خيالية للدولار والريال السعودي    عاجل: قبائل همدان بصنعاء تنتفض ضد مليشيات الحوثي وتسيطر على أطقم ومعدات حوثية دخلت القبيلة "شاهد"    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    هل تتجه المنطقة نحو تصعيد عسكري جديد؟ كاتب صحفي يكشف ان اليمن مفتاح اللغز    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    نجل قيادي حوثي يعتدي على مواطن في إب ويحاول ابتزازه    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    تطور مفاجئ.. فريق سعودي يقدم عرضا ضخما لضم مبابي    اختتام البرنامج التدريبي لبناء قدرات الكوادر الشبابية في الحكومة    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استعدادا لمواجهة البحرين.. المنتخب الوطني الأول يبدأ معسكره الداخلي في سيئون    بائعات "اللحوح" والمخبوزات في الشارع.. كسرن نظرة العيب لمجابهة تداعيات الفقر والجوع مميز    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    بمشاركة أهلي صنعاء.. تحديد موعد بطولة الأندية الخليجية    نيمار يتصدر معدل صناعة الفرص في الدوري السعودي رغم غيابه! (فيديو)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    دعوة مهمة للشرعية ستغري ''رأس المال الوطني'' لمغادرة صنعاء إلى عدن وتقلب الطاولة على الحوثيين    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    قطع الطريق المؤدي إلى ''يافع''.. ومناشدات بتدخل عاجل    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    ثنائية هالاند تُسحق ليفربول وتضع سيتي على عرش الدوري الإنجليزي!    وفاة امرأة وطفلها غرقًا في أحد البرك المائية في تعز    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    أسرارٌ خفية وراء آية الكرسي قبل النوم تُذهلك!    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    اشتراكي المضاربة يعقد اجتماعه الدوري    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر غريبة من زمن الغرباء .. !!
نشر في الجمهورية يوم 24 - 09 - 2007

أتذكر أننا عندما كنا صغاراً كنا نعطي للكبار أقدارهم ونعظمهم ونحفظ لهم مكانتهم في نفوسنا ونستهدي بهم ونستمع إليهم ونوقن أن ما عندهم من التجارب يكفي لأن يجعلهم متميزين عنا ومقصودين، ولذا فكنا نرى أنفسنا نكبر ونحن صغار؛ فقط لأننا نُكْبر الآخرين ولا نستهين بهم؛ بل كثيراً ما نهابهم ونخاف منهم لعظيم قدرهم عندنا.
رغم أننا جئنا في مرحلة كان التحصيل الثقافي فيها غير ميسور كما هو الحال في هذا الزمن، فلا كتب كما نشتهي .. ولا انترنت، ولا صحف ميسورة تتناسب مع دخولنا وأذواقنا وهمومنا ولا ورش عمل ولا محاضرات وندوات وأمسيات وصباحيات ولا فضائيات ولا تلفزيونات، والإذاعات ليست متيسرة بالقدر الذي تيسر فيما بعد.

ثم جاء زمان على الناس رأينا فيه الصغار عقلاً وعمراً وقدراً يشمخون بأنوفهم ليطاولوا الثريا بكل غباء وجهالة واستكبار، فلا قدر للناس عندهم حتى لو كان هؤلاء الناس هم آباءهم وأمهاتهم واخوانهم وأخواتهم ومعلميهم وحكامهم وقاداتهم ومرشديهم وموجهيهم.
وحده جورج دبليو بوش هو المعظم عندهم من رجال العالم، ووحدها كوندليزا رايس هي المعظمة من نساء العالمين، ثم كل من يطوفون حول البيت الأبيض من الخلائق التي قبلت أن تتخلى عن قيمها وأديانها وكرامتها لصالح سادة العالم الجديد.

القيم التي يفاخر بها هؤلاء ويحتكمون إليها ليست قيم السماء التي أنزلها الله على عباده من خلال الرسل الكرام وخاتمهم الرسول الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وليست الكتب المقدسة والشرائع التي تصلح شئون الخلق وتنظم حياة البشر على سطح المعمورة.. وليست التشريعات الجادة التي تراعي مصلحة المجموع وتحفظ حقوق الخلائق بعدل وإنصاف وتوازن، ولا حتى ما اتفقت عليه إرادة البشر من عهود ومواثيق تحفظ للعالم توازنه خصوصاً بعد الحرب الكونية الثانية، ولكن قيمهم هي قيم القوي الغالب المنتصر المهيمن الذي يقول قوله ويكره الناس على القبول به كرهاً؛ لا يهتم لمصلحة أحد غير مصلحته، ولا يصغي لنداءات أحد من العالمين غير نداءاته، ولا يحفظ حرمة أحد من الخلائق إلا خواص مواطنيه.

الزمن الذي نحن فيه زمن حرية الكفر، ولكنه ليس هو زمن حرية الإيمان، حتى العلمانية التي ظل العالم الغربي يقدسها كطريقة سلوك ويعرّفها بأنها فصل الدين عن السياسة، وفصل الدين عن الدولة، لم تعد هي تلك العلمانية التي تتيح لك أن تختار طريقة حياتك الخاصة في عالمك الخاص وفي بيتك ومحيطك العائلي ولا يمنعك إلا من أن تفرض ذلك على غيرك، هذه العلمانية أصبحت غائبة عن عالمنا المعاصر، فالعلمانية التي نشهدها اليوم تفرض عليك أن تختار الطريقة التي يختارها لك عدو عقيدتك وعدو طريقتك في الحياة، ويمنعك حتى من عرض طريقتك أنت وعقيدتك أنت أمام عينيه ناهيك عن أن تفرضها عليه.

عليك أنت كرجل أن لا تلبس العمامة، وعلى المرأة أن لا تلبس الحجاب كما هو الحاصل في تركيا العلمانية منذ أوائل القرن العشرين وبعد سقوط الخلافة الإسلامية.
وذلك لأن علمانية الوجود تنخدش بلبسك العمامة ولبس زوجتك وأمك وأختك وابنتك الحجاب الشرعي.. ولكن العالم يكون في أفضل حالاته وفي منتهى كمالاته إذا لبست أنت القبعة.. أو رميت العمامة فقط .. والأمر كذلك إذا نزعت امرأتك الحجاب وأرسلت شعرها الفتان على كتفيها، ورفعت من مستوى الانكشاف لمساحات الجمال والفتنة في جسدها المغري.. ذلك يكون مقبولاً ومستحباً وموجباً لمقامات عالية تنالها وحظوة غير عادية في كل الأوساط العالمية من هيئة الأمم المتحدة وحتى أدنى مستوى من مستويات الدولة التي تقطن فيها؛ ذلك أن الاحتفاء بمثل تلك المسالك هي دين العصر الذي يحكمه بوش وتحكمه قيمه.

من حيث المبدأ لست ممن يقيم تقديره للناس على مظاهرهم وما يلبسون ومالا يلبسون سواء كانوا رجالاً أو نساء.. فرب محتجبة ومنتقبة هتكت ما بينها وما بين ربها من الستر، وخلعت عنها رداء الحياء ولم تأبه بشيء من قيم وأخلاق ودين.. ورب سافرة لم تلبس البرقع ولا ضربت بخمارها على جيبها، رفعت نفسها عن مراتع الرذيلة والأراذل، وأبعدت نفسها عن مواطن الشبهة والتهمة.. ويظل التقييم قائماً على تكامل الظاهر والباطن، فإذا كنا نفضل أولات الباطن العفيف الطاهر حتى لو كان ظاهرهن غير مقبول عرفاً وشرعاً.. على الباطن غير العفيف وغير الطاهر حتى لو كان ظاهرهن مقبولاً عرفاً وشرعاً، فإننا نرى في تكامل الأمرين عين الكمال.

ويظل قولنا صحيحاً أننا في عالم ينقلب على نفسه.. ويتنكر لقيمه.. ويسمح بحريتك في أن تكفر ويمنع حريتك في أن تؤمن، والناس يتقبلون ذلك بغير إنكار.. أنت في الغرب العلماني يمكنك أن تذهب إلى الكنيسة كل نهاية أسبوع وتمارس طقوسك التعبدية كما تشاء، ويمكنك أن تلبس ملبس دراويش المسلمين أو عبّاد الهندوس، وتغطي جسد امرأتك من رأسها حتى قدميها كراهبات النصرانية وتنشئ حزباً سياسياً دينياً وتسميه حزباً ديمقراطياً مسيحياً.. بل يمكنك حتى أن تنشئ حزباً نازياً أو فاشياً، ويمكنك أن تفتتح مدرسة دينية تعلم فيها العقائد التوراتية والإنجيلية .. وبدون أدنى نكير .. ولكنك في دولة علمانية مثل تركيا .. أو حتى تونس .. مثلاً .. لا يمكنك أن تلبس إلا ملبساً يقرره الحاكم بأمره مثل مصطفى كمال والحبيب بورقيبة .. حتى يصل تدخله إلى حد أن يمنعك من أن تصوم رمضان.. وتؤذن للصلاة بلغة غير لغته العربية .. ولا يمكنك أن تنشئ حزباً دينياً ولا حتى ترفع شعارات دينية.. ولا يمكنك أن تفتتح مدرسة دينية بعد الآن فأنت تمارس الإرهاب والتحريض عليه.

وفي الأخير فإننا في عصر عليك أن تلعن فيه كل شيء في مجتمعك من الحاكم إلى الأستاذ إلى رجل العلم والدين.. إلى شيخ القبيلة .. إلى المدرس .. إلى الكاتب والمفكر.. إلى عضو مجلس النواب، وتصفهم بكل وصف مشين وغير لائق، وتسخط على كل شيء في مجتمعك.. الديمقراطية والانتخابات.. والتعليم.. والفكر والقيم .. والعلوم والتشريعات والقضاء، وتعلن على رؤوس الأشهاد أن كل ذلك شر مستطير قبل حدوثه ومع حدوثه وبعد أن يحدث.. ولا حرمة له وليس عليك أن تطيع أحداً منهم ولا تنصاع إلى أي تشريع أو توجيه أو حكمة مصدرها شعبك وحكومته، وعليك أن ترفع أمور السياسة والمعارضة إلى الأمم المتحدة والكونجرس الأمريكي وتطلب منه أن يعلم الجميع أنه لا شيء هنا صالح، ولا شيء في عالم أمريكا فاسد وتقنع الناس بذلك.

إياك أن تخالف هذه الحقائق والطرائق فتكون ظلامياً وديكتاتورياً.. وستكون سيد قومك بعد ذلك وعضو مجلس الحكم الذي ينتظره المعارضون المتأمركون بعد أن تتمزق دولتك وتصير شظايا.. ويصبح الوطن أوطاناً.. وتجيء أمريكا وسفيرها لتعيد بناء العالم الذي أنت فيه على أفضل النماذج المشهودة "العراق، افغانستان، لبنان، الصومال، فلسطين".
وهكذا فلقد كنا كباراً عندما كنا صغاراً، ورأينا أقواماً كلما كبرنا صغروا.. حتى الوصاية.. فطوبى للغرباء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.