من يدعي أن الديمقراطية والحريات حق مكفول للجميع، ليته يعلمنا كيف يمارسها اللصوص ومافيا الإرهاب الدموي. وكيف تصبح حقاً لمن كانت عقيدته انتزاع السلطة بقوة السلاح وبمليشيات القتل والتخريب!؟ من كانت ثقافته مغموسة بدماء آلاف الأبرياء، ومهاراته مستجلبة من مدارس «حروب العصابات»، ثم يعود ليطالب بالحق الديمقراطي في الوصاية على من ابقت يداه من أيتام وأرامل، فإن تلك هي إمارات إسقاط المجتمع في «عهر» الديمقراطية، الذي يلغي كل قيمة للإنسان، وكل حدود للأخلاق، وكل صفات الديمقراطية.. فإذا كانت الشعوب تناضل من أجل الديمقراطية هروباً من العنف السياسي، ومآسي الانقلابات ، والاغتيالات ، فكيف نبيحها حقاً لجنرالات المجازر ، وزعامات التنظيمات الدموية المسلحة ! ؟ وبأية شريعة سماوية يكون من حق القاتل فرض الوصاية على زوجة القتيل وأبنائه اليتامى .. !؟ اليوم، وفي جرأة غير مسبوقة، يعود إلى ساحة المناطق الوسطى في اليمن أولئك الجنرالات الذين ارتكبوا أبشع مجازر التاريخ اليمني ، ليطالبوا بحقهم الديمقراطي.. وليتحالفوا مجدداً باسم الديمقراطية، والحق الدستوري، وليخاطبوا أبناء المناطق الوسطى من ضحاياهم عبر المواقع الإلكترونية والصحف ، فيزفوا لهم بشرى عودتهم، من غير أن يتذكروا أن اليتامى الصغار قد كبروا، وقلوبهم مثقلة بأحزان الأيام السود، ونفوسهم تغلي من بؤس ما عانوا، ومن بشاعة ما شهدوا من قتل، وسحل في الشوارع، واغتصاب للأمهات، وإبادة شاملة حتى للشجر والبقر والأغنام.. ! جنرالات الجبهة الوطنية يقولون للشباب اليوم : إن النظام هو من كان يقتل ويخرب، لأنهم يعلمون أن هؤلاء الشباب لم يكونوا في تلك الأيام السود يدركون شيئاً من السياسة، إلا أنهم ينسون أن هؤلاء إن لم يشهدوا ذلك التاريخ، فإن التاريخ لاينسى أحداً، أو حدثاً، وقد وثق كل شيء بالتفاصيل.. وإن هؤلاء الشباب هم جيل ثورة المعلومات، وبنقرة واحدة في الإنترنت ستتعرى كل جنرالات الحرب، وتفتضح عوراتها ، ولن تجد ما يسترها في كل ممارسات الديمقراطية.. فأية ديمقراطية هذه التي يعودون بها إلى مسارح جرائمهم.. وأي ديمقراطية هذه التي يتحدث فيها القاتل باسم القتيل وأرملته وأيتامه !؟ تباً لكم ياهؤلاء وتباً لديمقراطيتكم ، إن كانت ستعيدكم إلى السياسة، وتنصبكم رموزاً لثقافة لم تتعلموها، وممارسات لم تجربوها، وإلى وطن لم تبنوا فيه حجراً واحداً، بل كنتم معاول هدمه، وتشريد أبنائه ، وسبي نسائه.. ! تباً لهذه الديمقراطية التي تنتهك الحقوق الإنسانية، وتتمادى في فرض سطوة المجرمين والطغاة.. تباً لكل ممارسة تحت شعار «الديمقراطية لا تأتي من رجل شريف ، يخاف الله ، ويتقيه في كل حين ، وكل فعل». تباً للديمقراطية إن كانت ستجعل أراذل القوم يمثلون اليمنيين أمام العالم، وتحول الجناة إلى قضاة ؛ والمجني عليهم إلى متهمين، وتقليب الحق باطلاً، والباطل حقاً، والعدل ظلماً، والظلم عدلاً، والمناضل خائناً، والخائن مناضلاً.. وتأتينا بالذئب وتقسم إنه أكل يوسف، وتعيد أبناء يعقوب أتقياء وشيوخاً بررة. منذ نحو ربع قرن لعق أبناء المناطق الوسطى جراحهم ، وكتموا بكاءهم من أجل الوحدة، والسكينة العامة، ومن أجل مستقبل أبنائها الأيتام، فما بال البعض من صناع المأساة اليمنية ينبشون الجراح ويتخيلون أن الديمقراطية تبيح لهم معاودة مزاولة نشاطهم، واستكمال الإبادة لمن فلت من أيديهم.. !؟ ألم يعلموا أن الضحايا سيستقبلونهم بالقول : تباً لكم ولديمقراطيتكم !!