لماذا يحدث هذا.... وماذا تريدون مني...؟ أتريدون مني أن أبني كل شعاراتكم الفارغة قصوراً مزخرفة من الحروف والفواصل وحروف الجر... ونهتِك أستار اللغة ليحدث على جرائه كل هذا الهدم لكلمات بناها الكذّابون... والجُبناء والمراؤون الخُبثاء. لماذا يحدث هذا.... ماذا تريدون مني؟ أتريدون مني أن أُردد خلفكم كالببغاء أم أمكر كالثعالب... لأرضي "الأنا" العليا في داخل نفس كل منكم. ليحدث كل ذلك.... الرقص على النواح... فكيف أترنم وأنوح في آن واحد. لماذا يحدث كل هذا... وماذا تريدون مني؟ أتريدون مني أن أُشبع جوع فضولكم... وقلوبكم تختلج عطشاً للخراب والشتات ليحدث كل هذا المد والجزر في آن واحد. لماذا يحدث كل هذا... وماذا تريدون مني...؟ أتريدون مني أن أنتزع المواقف منكم؟ انتزاعاً ليحدث كل ذلك التعري لحقائق تفقدكم الكثير من الهيبة والاحترام. لماذا يحدث كل هذا... وماذا تريدون مني؟ أتريدون مني أن أحبكم وقد أضرّ بي الحب... ولم ينفعكم. ليحدث اليوم كل هذه السيول من الكره.. والشقاء.. والبغضاء والتي لا تجرف معها سوى القضبان اليابسة ولا تهدم سوى المنازل المتداعية. لماذا يحدث كل هذا...؟ وماذا تريدون مني؟ أتريدون مني أن أريكم ما أقبح ملامحكم بعد بكائكم على ذلك الذُل والانكسار... ليحدث على جرائه وصف دقيق لشعور رؤوسكم التي أصبح لونها كالرماد، وأعينكم كالحفر المظلمة، وشفاهكم كصفرة أوراق الخريف. لماذا يحدث هذا... وماذا تريدون مني...؟ أتريدون مني أن أريكم قسوتكم وأنتم تطعنون بالحضن الذي احتضنكم ليحدث كل ذلك القطع للأنامل التي تلمستكم بحنان. لماذا يحدث هذا... وماذا تريدون مني...؟ أتريدون مني أن أكون وادياً متدفقاً حاملاً أسرار الجبال إلى أعماق البحر... لأعيد إليكم كل شيء يبقيني فيكم... كيف وأجسادكم ترتجف بين أنياب الخونة وأيديكم ترتعش تحت أقدام الخراب.... ليحدث كل تلك المستنقعات الخبيثة التي تبث الحشرات في أعماقها وتتلوى الأفاعي على جنباتها. لماذا يحدث كل هذا... وماذا تريدون مني...؟ كل ذلك يستفزني... يستفزني لدرجة الزلزلة...... فما رأيت أمةً تعشق الموت وتنبذ الحياة أمثالكم، لذلك بدأت أشرع في الكتابة فتستوقفني علامات الاستفهام لأقف أمامكم وأسأل...... لماذا يحدث كل هذا... وماذا تريدون مني...؟