تستوقفك العمليات والمشاريع الإرهابية التي تُدار ضد بلادنا بإصرارها الكبير وتفانيها اللا محدود في تدمير اقتصاد اليمن وإبقائه ضعيفاً فقيراً مستجدياً، لأن العمليات الإرهابية التي نُفذّت حتى الآن استهدفت السياحة والملاحة والتجارة والنفط.. وهي المجالات التي تشكل أهم مصادر الدخل الوطني، ويعوّل عليها بعد الله «المصادر وليس القاعدة» المساعدة في تحرير اليمنيين من كابوس الفقر والعوز والاستجداء، ومن ثم انعتاق اليمن في الحاضر والمستقبل من الحاجة إلى معونات ومساعدات الآخرين إخوة كانوا أو أصدقاء. استهدفت السياحة في اليمن بشكل ملحوظ، وكأن الأمر مدروس ومخطط له بشكل مسبق يتجاوز أهداف القاعدة وصراعها المشبوه مع الأمريكان، لأن الضربات التدميرية التي تقوم بها توجّه إلى عمق الخارطة السياحية في اليمن. فمرة تستهدف السياحة الأثرية والتاريخية، ومرة السياحة الساحلية والاستجمام، ومرة السياحة الطبيعية، وأخرى السياحة الدينية، وكل العمليات التي تمت استهدفت الأوروبيين وليس الأمريكان، مما يدفع بالتفكير إلى أن القاعدة بكل إرهابها في اليمن تنفذ مشروعاً مدفوع الأجر ليس له علاقة بصراعها المزعوم مع الأمريكان، لأننا لسنا عمقاً استراتيجياً ولا اقتصادياً لهم، ومصالحنا معهم لا يمكن مقارنتها مع مصالحهم عند غيرنا. ولا أعتقد أن ضرب السياحة في اليمن سيهز اقتصاد أمريكا ومن ثم سيحقق نصراً لتنظيم القاعدة وشيخها أسامة بن لادن، باعتبار كل عمل جهادي من هذا النوع نصراً مؤزراً للإسلام، وإعلاء لكلمة الله، ولو أدى ذلك إلى إفقار اليمنيين وتدمير حياتهم واقتصادهم. كذلك ما إن علم الأقرباء والبعداء بنفطنا الذي مازلنا ننتظر خيراته ومردوده وبشائره حتى أمطرنا بالعمليات والمشاريع الإرهابية لمشايخ القاعدة ومن يستأجرهم بين الحين والآخر، وقد حاول المجاهدون الجدد تدمير المنشآت النفطية ومشروع الغاز المسال في شبوة، لماذا لا ندري؟!. هل يريدنا الشيخ أسامة وخلاياه النائمة أو المخدرة في اليمن أن نبقى حفاة عراة فقراء معدمين، نستجدي هذا وذاك، نمد أيدينا صاغرين أذلاء لإخواننا في الله، ونجلس ننتظر السماء كي تمطرنا ذهباً وفضة ودولارات وقمحاً وأرغفة محشوة بالحشيش كتلك التي توزع على مجاهدين تحت الطلب في جبال افغانستان؟!. يبدو أن تنظيم القاعدة وشيخه ينظرون إلى اليمنيين على أنهم شعب لا حق له في الحياة الكريمة، الآمنة المستقرة، النامية، المرفهة، العصرية، الحضارية والمتطورة، بل عليه مكرهاً أن يعيش بنفس البيئة والحياة والإمكانات والوسائل التي عاشها الرعيل الأول من المسلمين قبل أربعة عشر قرناً، وإلا سيكون العقاب قاسياً وهمجياً. ترى هل بلغ حب تنظيم القاعدة للشعب اليمني حداً جعلهم في خوف دائم على دينه وأخلاقه حتى وصل الأمر إلى حماية اليمنيين من خطر السياح الأجانب وفتنة الشقراوات فوق سن الخمسين، ومن عفونة ونجس العملة الصعبة التي ستدرها السياحة وتسكن في الخزينة اليمنية، فعمد تنظيم القاعدة إلى تخريب وتدمير السياحة والمواقع السياحية والثقافة السياحية والحراك السياحي في اليمن؟!. ويبدو أن تنظيم القاعدة ملتزم بمشروعه الإرهابي ولو كلف الأمر إزهاق أرواح اليمنيين، وإفقارهم وتجويعهم، المهم أن تلهج ألسنة المسلمين «السذج» بالدعوات لينصره الله على أمريكا، وتتحدث وسائل الإعلام العربية والدولية، بل تضع خبر انتصارات وفتوحات تنظيم القاعدة وشيخه أسامة ونائبه الظواهري في «بلاد واق الواق» في المقدمة، وليفرح المسلمون لما تحقق من سبق إجرامي في حق اليمنيين والإنسانية، وكله باسم الله وبحجة حماية الدين والدفاع عن المظلومين في "طورا بورا". تمنيت لو أن المصدر الذي كان وراء الاتصال بإحدى الصحف ليخبرها ويخبرنا جميعاً بمسؤولية تنظيم القاعدة عن اغتيال السائحتين المسنتين البلجيكيتين، واليمنيين المسكينين في حضرموت، وبنشوة المنتصر الذي شرب الدم، لو أنه زادنا وضوحاً وزاد الموضوع إيضاحاً وجلاء وأخبرنا عن المقصد الإسلامي العظيم الذي يقف وراء الإجرام البشع في تلك العملية، والعمليات التي سبقتها في اليمن، والعمليات القادمة حتى نكون على علم بالمقاصد والغايات التي تخدم الإسلام والمسلمين، لكي يعلم اليمنيون جميعاً الأهداف العظيمة التي تجاهد القاعدة في سبيلها، وسنكون ممنونين لتنظيم القاعدة وشيخه والعبقرية التدميرية التي لم نر مثلها في تاريخ الإسلام. فلا نامت أعين اليمنيين يا شيخ أسامة.. أليس كذلك؟!.