هي أقوال أو أخبار أو أحاديث يختلقها البعض لأغراض خبيثة، ثم يتناقلها الناس دون التثبت من صحتها ودون التحقق من صدقها وهي مع خطورتها قد يصبح المرء الصالح بحسن نية مطية لها يروّج بعض الأخبار الشائعة والمكذوبة من حيث لا يدري. يقول أحد الكتاب الغربيين: الآراء الكاذبة كالعملة المزيفة ينثرها مجرمون عتاة، ثم يتداولها أناس شرفاء وتستمر على أيديهم الجريمة دون أن يعلموا ماذا يفعلون؟ ولذا جاءت توجيهات نبينا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في غاية الوضوح والبيان والقوة للتحذير من إشاعة أخبار لم يتبين صدقها من كذبها، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره إليكم قيل وقال» الحديث متفق عليه. وعن أبي داود من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «بئس مطية الرجل زعموا». وقال عبدالله بن وهب - رحمه الله - قال لي مالك: اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع، ولا يكون إماماً أبداً وهو يحدث بكل ما سمع، ويقول الإمام أبو حاتم ابن حبان - رحمه الله تعالى: اللسان سبع عقور إن ضبطه صاحبه سلم، وإن خلّى عنه عقره وبفمه يفتضح الكذوب. وتجاه ظاهرة الشائعات التي تفشت في وقتنا الحالي هذا فإنه ينبغي العودة إلى المنهج الشرعي والتثبت من الأخبار والمعلومات بقول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» الحجرات (6). وقال ابن الجوزي - رحمه الله: ما اعتمد أحد أمراً إذا هم بشيء مثل التثبت فإنه متى عمل بواقعه من غير تأمل للعواقب كان الغالب عليه الندم، ولهذا أمر الإنسان بالمشاورة لأن الإنسان بالتثبت يطول تفكيره فتعرض عليه نفسه الأحوال وكأنه شارد. بل إن أشد الناس تفريطاً من عمل مبادرة في واقعة من غير تثبت أو استشأرة خصوصاً فيما يوجبه الغضب فإنه ينزغه طلب الهلاك أو استتبع الندم العظيم. وأمام هذه الأدلة الدامغة فالأحاديث الشريفة والنصائح الطيبة وما قاله الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم نجد أن الشائعات الكاذبة والمدسوسة تأخذ جانباً خطيراً في الوقيعة بين الناس بسموم الكذب والافتراء والحقد والضغينة لأغراض دنيئة ومقاصد خبيثة بهدف الإساءة لفلان أو فلتان والحصول على الشيء الفلاني دون التفكير بما يسببه هذا العمل الدنيء من خطر على حياة ومستقبل الإنسان بل ومصير أمة بكاملها وحكومة منظومتها الإدارية والمدنية. هذه الشائعات المغرضة التي دائماً ما يروجها ضعاف النفوس بنوع من الخبث والدناءة لابد من التحري على مروجيها وكشف مقاصدهم وأعمالهم التي تسيء إلى المجتمع وتشوه جوهر ومضمون وقيم الإنسان للنيل من كرامته ودوره الإنساني ومن دون شك قلة قليلة تتهاوى وتسقط ضحية كذبها وزيفها فهي لاتعدو طواحين الهواء.