عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م حشدت أمريكا تحالفاً دولياً، وهاجمت حركة طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان بهدف استئصال الإرهاب وتجفيف منابعه والقضاء على حركة طالبان والقاعدة. وبعد ثماني سنوات من الهجوم الأمريكي الأطلسي على أفغانستان هاهي طالبان تزداد قوة في جنوبأفغانستان، وتحديداً في ولاية قندهار، وكل يوم تكسب مزيداً من الأنصار في طول أفغانستان وعرضها، والقاعدة تعمل بهدوء وتدير حربها ضد التحالف الأمريكي في العراق وغيره، فما حققت تلك الحرب المشؤومة سوى تدمير أفغانستان وتوسيع نطاق الحرب داخل أفغانستان وذبح الأبرياء. وعندما قررت الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفاؤها مهاجمة العراق بدعاوى أثبتت نتائج الحرب زيفها، تمثلت بنزع أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها النظام العراقي وإسقاط النظام الديكتاتوري من العراق.. انهارت الدولة في العراق وانفلت الوضع الأمني، وفقدت أمريكا قدرة السيطرة على الوضع الأمني، ووجدت القاعدة من الوضع الناشىء في العراق أرضية خصبة لمقارعة الأمريكان، وأطلت الحرب الأهلية بقرنها، فتقاتل الناس على الهوية الطائفية التي غذتها مصالح دولية وإقليمية ونهر الدماء مازال جارياً. قبل يومين حركت أمريكا المدمرة «كول» إلى الشواطئ اللبنانية للتلويح بتدخل أمريكي جديد في المنطقة يستهدف الضغط على دمشق وحزب الله للقبول بالأجندة الأمريكية في المنطقة والأيام القادمة تنذر بأحداث جديدة ليس لها أي كوابح. ماشهدته وتشهده المنطقة فيما يتعلق بالوضع الداخلي لدول المنطقة وقدرتها على محاربة الإرهاب أو بالموقف الأمريكي ومحاولة فرض رؤيته في محاربة الإرهاب وحل القضايا الخلافية في المنطقة ينذر باستمرار الكوارث، وبالتالي فإن إعادة التفكير بالسياسة القائمة في محاربة الإرهاب وحل الخلافات بين دول المنطقة أصبح ضرورة ماسة مع تأسيس هذا التفكير على قاعدة المصالح القومية لدول المنطقة دون الرضوخ للضغوط الأمريكية في هذا الاتجاه. تتعرض اليمن لحملة ضغوط تستهدف ثنيها عن أسلوبها القائم على أساس الحوار مع المغرر بهم، ويرافق ذلك حملة ترويجية - للأسف - انساقت وراءها عدد من الصحف المحلية غير المسئولة التي تضع اليمن في خانة الدول الأكثر خصوبة لنمو تنظيم القاعدة مستندة في ذلك على انتشار السلاح في أيدي المواطنين والتضاريس الطبيعية الصعبة على طول شريطها الساحلي، ومع ذلك فإن السياسة التي انتهجتها الحكومة اليمنية في التعامل مع القاعدة باتباع الحوار كانت وسيلة ناجحة في فكفكة خلايا القاعدة قياساً بحجم التهويل المتعمد، فالفكر المتطرف الذي يسيطر على عقيدة عناصر القاعدة ناتج عن استغلال أوضاع اقتصادية وثقافية لهذه العناصر، ومعالجة هذا الوضع لن تأتي بالعنف والسيف، فالعنف يولد العنف لكن ما سينجح هو توفير فرص العمل المناسبة، وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمغرر بهم، وتصحيح المفاهيم الثقافية والدينية الخاطئة لدى هؤلاء عن طريق الحوار والإقناع، وهذا سهل لأن الدين الإسلامي لم يكن يوماً دين تطرف أو قتل.. التجرية اليمنية في التعامل مع قضايا الإرهاب والخلاف مع الجيران جديرة بالدراسة والإثراء على مستوى المنطقة بل والعالم، حتى يمكن نزع فتيل الانفجار وإعادة المغرر بهم إلى جادة الصواب وإيقاف شرارة الحرب التي تهدد المنطقة فالتطرف يقابله تطرف والحرب نتائجها كارثية، فهل تفكر أمريكا بعقلية الحوار مع الآخر حتى تجنب المنطقة ويلات الدمار والخراب.