فعالية بالعيد ال 11 لثورة 21 سبتمبر في سنحان وبني بهلول بصنعاء    العلامة مفتاح يلتقي القائم بأعمال وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار    القاتل الصامت يودي بحياة خمسة أطفال من أسرة واحدة في محافظة إب    قبيلة الخراشي بصعدة تقدم قافلة رمان للمنطقة العسكرية الخامسة    لقاء تشاوري بين النيابة العامة وهيئة الأراضي لمناقشة قضايا أملاك الدولة بالوادي والصحراء    سوريا تستسلم.. ونحن وراءها؟    اثنان من الحكام اليمنيين ضمن الطاقم التحكيمي لبطولة كأس الخليج للناشئين    المحافظ بن ماضي يستقبل نجوم شعب حضرموت أبطال ثلاثية الموسم السلوي ويشيد بإنجازهم التاريخي    ناطق شرطة تعز يتهم شقيق الشيخ المخلافي باعتراض حملة أمنية أثناء ملاحقتها متهماً باغتيال المشهري    صحة البيئة بالمنصورة تشن حملة واسعة لسحب وإتلاف "شمة الحوت" من الأسواق    انتقالي مديرية الضالع يكرم طلاب الثانوية المتفوقين للعام الدراسي 2024/2025    نائب وزير الإعلام والثقافة والسياحة ومدير صيرة يتفقدان أعمال تأهيل سينما أروى بصيرة    وفاة خمس نساء من أسرة واحدة غرقا في أبين    خبير طقس: اضطراب مداري يتجه تاثيره خلال الساعات القادمة نحو خليج عدن    عدن.. البنك المركزي يكشف عن استخدامات المنحة السعودية ومستقبل أسعار الصرف خلال الفترة القادمة    اليمن ينال العضوية الكاملة في الاتحاد العالمي للدارتس    تدمير ممنهج للكادر الجنوبي وبناء مؤسسات عائلية.. قرارات تفاقم الأزمات :العليمي.. وجه عفاش الآخر في الجنوب ..    صعّدت تهديداتها باغتياله.. هل حددت إسرائيل موقع عبد الملك الحوثي؟    هبوط جماعي للأسهم الأوروبية!    في برقية رفعها إلى قائد الثورة والرئيس المشاط بالعيد الحادي عشر لثورة 21 سبتمبر..    "إنهم يقومون بكل الأعمال القذرة نيابة عنا"    تدشين المحكمة العسكرية في شبوة بمشاركة قوات دفاع شبوة    خرتيت إخواني في تركيا: قتل "افتهان المشهري" أمر عادي    اجتماع للجان الفنية لدمج وتحديث الهياكل التنظيمية لوحدات الخدمة برئاسة الحوالي    براءة العلويين من البيع والتنازل عن الجولان لإسرائيل    ثورة 21 سبتمبر إنجازات عسكرية وسياسية استثنائية    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "13"    الراحلون دون وداع۔۔۔    الفائز بالكرة الذهبية 2025.. ديمبلي أم لامين جمال؟    اعدام 3 "عملاء" أمام حشد كبير في غزة    برشلونة يواصل ملاحقة ريال مدريد    نص كلمة قائد الثورة بمناسبة العيد الوطني لثورة 21 سبتمبر    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    قاضي: جريمة اغتيال المشهري خطط لها باتقان ونفذها أكثر من شخص    أحتدام شراسة المنافسة في نهائي "بيسان " بين "ابناء المدينة"و"شباب اريافها".. !    منتخب الناشئين يخسر أمام قطر في مستهل كأس الخليج    هيئة التعليم والشباب والرياضة تشيد بتنظيم البطولة الوطنية لكرة السلة وتتفقد أعمال الصيانة في الصالة الرياضية المغلقة بالمكلا    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء عبدالرحمن حسان    وزارة الإعلام تطلق مسابقة "أجمل صورة للعلم الوطني" للموسم الثاني    قراءة في كتاب دليل السراة في الفن والأدب اليمني لمصطفى راجح    الوفد الحكومي برئاسة لملس يختتم زيارته إلى مدينة شنغهاي بالصين    الإصلاح ينعى الشيخ عبد الملك الحدابي ويشيد بسيرته وعطائه    فخ المنحة السعودية:    التعايش الإنساني.. خيار البقاء    عبد الملك في رحاب الملك    إصلاح حضرموت ينظم مهرجاناً خطابياً وفنياً حاشداً بذكرى التأسيس وأعياد الثورة    السعودية تعلن تقديم دعم مالي للحكومة اليمنية ب مليار و380 مليون ريال سعودي    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    بمشاركة 46 دار للنشر ومكتبة.. انطلاق فعاليات معرض شبوة للكتاب 2025    الكوليرا تفتك ب2500 شخصًا في السودان    موت يا حمار    العرب أمة بلا روح العروبة: صناعة الحاكم الغريب    خواطر سرية..( الحبر الأحمر )    اكتشاف نقطة ضعف جديدة في الخلايا السرطانية    في محراب النفس المترعة..    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب علي الإرهاب في ظل العلاقات الدولية الراهنة
نشر في يمنات يوم 15 - 12 - 2011

1-العنف المضاد الإرهاب الدولي كانت إستراتجية الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية تتبنى سياسة الردع والاحتواء مع الاتحاد السوفياتي والدول المعادية الأخرى وتقوم هذه السياسة على نوع من تجنب الحرب والعمل على تسوية المنازعات بالطرق السلمية.
لكن بعد أحداث 11 سبتمبر تحولت هذه الإستراتيجية نحو إعطاء أولوية للحرب على الإرهاب وتبنى سياسة الحرب الوقائية لظهور تهديدات من جانب مجموعة مسلحة والعمل على توسيع دائرة الحرب لتشمل دول أخرى غير أفغانستان مع السعي لتشكيل تحالفات عسكرية متعددة الأطراف والتخلي عن سياسة العزلة.
وفي الوقت نفسه احتفظت السياسة الأمريكية لنفسها بحق استخدام الأسلحة النووية بشكل غير محدود ضد الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة دولا مارقة ترعى الإرهاب وتهدد السلم العالمي لامتلاكها أسلحة الدمار الشامل مثل العراق وكوريا وإيران، ولقد أدت هذه التغيرات في مفهوم سياسة الأمن الأمريكية إلى إعادة تحديد مهمة جهاز المخابرات وإمكانية استخدام مصادر المعلومات جديد وفتحت لإسهام القطاع الخاص للمشاركة في هذا المجال عن طريق تطوير التكنولوجية الأمنية مثل أجهزة كشف الأسلحة والمتغيرات، كشف عن الممارسات الفعلية عقب أحداث 11 سبتمبر عن استخدام مفرط للقوة العسكرية وتهديد الأمن القومي لعدة دول بحجة مقاومة الإرهاب لأن أمريكا اكتشفت أنها أمام عدو من نوع جديد يتمثل في شركة واسعة من التنظيمات الفرعية التي لا تحكمها هياكل تنظيمية محددة ولا تعمل في إطار خطة عسكرية لا يمكن توقعها.
لذلك عمدت أمريكا إلى سياسة الانتشار العسكري لمواجهة الإرهاب.
2- الحرب على الإرهاب : الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب حسب التبريرات المعللة هو القضاء النهائي على الإرهاب العالمي، ولكن هذه الأهداف اختلفت بحسب مرحلتين، ففي المرحلة الأولى كانت الأهداف المتوخاة من هذه الحرب مرتبطة بتشخيص العدو في أسامة بن لادن وأتباعه في تنظيم القاعدة بالإضافة إلى حركة طالبان التي اتهمت بتقديم الملاذ إلى الإرهابيين في أفغانستان، أما في المرحلة الثانية فقد تم توسيع الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب لتشمل أطراف جديدة من بينها العديد من الحركات والتنظيمات وحكومات الحول التي أصبحت توصف بأنها دول محور البشر بسبب سعيها لامتلاك أسلحة الدمار الشامل وعلاقتها المحتملة مع الإرهاب، لذلك يتعين التمييز بين مرحلة التشخيص الأولى للأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب وبين مرحلة توسيع الأهداف المتوخاة من هذه الحرب. لقد تميز الخطاب الرسمي الأمريكي عقب هجمات 11 سبتمبر بتشخيص العدو في الإرهاب متمثلا بشخص أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي تم وصفه بأنه تنظيم عالمي. ولكن تشخيص العدو سرعان ما شمل حركة الطالبان التي كانت حكومتها تسيطر عليها عمليا على أكثر من تسعين في المائة من أفغانستان ليتم وصفها بأنها حكومة مستبدة تقوم على التطرف ورعاية الإرهاب بتقديم الملاذ الأمني لإرهابي القاعدة الذين نفذوا هجمات 11 سبتمبر 2009 وقد ينفذون هجمات أخرى مماثلة ضد الولايات المتحدة أو حلفائها الأوروبيين.
وفي هذا الاتجاه حرص الخطاب الرسمي الأمريكي على التميز بين الإسلام وبين الإرهاب وذلك باعتبار أن الإرهابيين لا يمتدون الإسلام ويحاولون مصادرة الإسلام على حد تعبير الرئيس الأمريكي جورج بوش، وقد برز هذا التمييز إثر الضجة التي أثارها استخدام الرئيس الأمريكي لمصطلح الحملة الصليبية في وصفه للمعركة القادمة مع الإرهاب من جهة ولتنامي الاعتداءات على العرب والمسلمين القائمين في الولايات المتحدة الأمريكية. ولطمأنة الرأي العام الإسلامي تم التنويه بعلاقات الصداقة التي تجمع بين الولايات المتحدة والكثير من الدول الإسلامية، وتم التأكيد من كبار المسؤولين الأمريكيين والغربيين على أن الحرب على الإرهاب ليست حربا دينية ضد الإسلام وإنما هي حرب على الإرهاب مع الإبقاء الغموض الواضح بشأن التمييز بين الأصولية الإسلامية وبين الإرهاب.
لكن توسيع صفة العدو لتشمل أفغانستان على عهد حكومة الطالبان تم ربطه بحق الولايات المتحدة في الدفاع عن نفسها وعن حرية العالم بأسره، فبعد مقتل ثمانية جنود أمريكان في معركة شاهي كوت 2 مارس 2002 في شرق أفغانستان صرح الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة ستدافع عن نفسها بأي ثمن في الحرب الدائرة في أفغانستان وأن الدفاع عن الحرية قضية عادلة في مواجهة من يردون حرب الولايات المتحدة وحرمانها من الحرية فالحرب على الإرهاب حسب التصريحات الأولى للرئيس الأمريكي ووزير دفاعه رامسفيلد ستستمر سنوات أو عقود ولن تنتهي باحتلال منطقة أو بانهزام قوة عسكرية معادية وإنما ستشمل عملية ضبط سياسي وأمني واستخباري على المدى الطويل وتحقيق الشفافية في الأنشطة السياسية والاقتصادية والمالية في جميع الدول من أجل القضاء على الإرهاب مثل هذه الحرب المفتوحة لا يمكن تبريرها فقط بتهديد مصدر دولة نائية من محاور التدخل الأمريكي المباشر والمراكز الحيوية للمصالح الأمريكية في منطقتي الشرق الأوسط والشرق الأقصى، فأفغانستان التي اتهمت برعاية الإرهاب دولة بعيدة كل البعد عن امتلاك أي قوة عسكرية حقيقية فإنها معزولة دوليا ومدمرة بفعل حروب استمرت أكثر من عشرين عاما وضعيفة التأثير في محيط بيئتها الدولية والإقليمية.
وكل ذلك يعني بأن العدو الجديد لا يتمثل في دول معينة أو في جيش محدد أو في جماعة محددة ولا يقتصر على قوة ظاهرة وواضحة المعالم يمكن تحديدها جغرافيا وإنما هو عدو شرس قادر على ضرب الولايات المتحدة من جديد لا ينحصر في تنظيم القاعدة ولا في حركة الطالبان وإنما يشمل مجموعة كبيرة من الحركات والتنظيمات والعديد من الدول التي تعتبر شريرة في نظر الولايات المتحدة وتهمتها الإرهاب أو رعايته ودعمه أو إقامة علاقة محتملة معه. وهذا يعني أن الخطاب الرسمي الأمريكي لم يتغير من حيث جوهر فالولايات المتحدة وحلفاؤها ومن ضمنهم إسرائيل يمتدون الخير في الصراع مع الشر مع اختلاف في طبيعة العدو فقد حلت الأصولية الإسلامية محل الشيوعية وحلت بعض الدول الإسلامية بصفة خاصة محل الفاشستية والدول الشيوعية وكما الشأن بالنسبة للحرب العالمية الثانية أو فترة الحرب الباردة أو فترة ما بعد حرب الخليج، فإن الولايات المتحدة تواجه كعادتها دولا سماها الرئيس الأمريكي بدول محور الشر.
وهكذا فالحرب على الإرهاب وهي حرب حظيت بإجماع عالمي بما في ذلك إجماع الدول العظمى والقوى الإقليمية الكبرى وهي حرب بين الخير والشر وصراع بين العالم الحر والتطرف الإرهابي وبين الحضارة والهمجية وهي بالإضافة إلى ذلك حرب أصبح من الواضح أنها تستهدف أساسا استئصال الأصولية الإسلامية عبر القضاء على المنظمات والجمعيات والحركات الأصولية والإسلاميين المتشددين على امتداد العالم الإسلامي في مصر اليمن باكستان كشمير إندونيسيا والفلبين وغيرهما، كما أنها تستهدف من ناحية ثانية الدول المارقة أو المتمردة على إرادة الولايات المتحدة وهي دول توصف بأنها راعية للإرهاب أو المستقبل ويجوز العمل على قلب نظام الحكم فيها أو إضعافه بجميع الوسائل بما في ذلك الوسائل العسكرية كما حدت مع حكومة طالبان في أفغانستان.
هذا التوجه الجديد نحو توسيع الأهداف المتوخاة من الحرب على الإرهاب تأكد بخطاب الرئيس الأمريكي حول حالة الاتحاد يوم 29 يناير 2002 وبلغ دورته في إعلان الرئيس الأمريكي في ذكرى مرور ستة أشهر على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002 بأن الحرب على الإرهاب ستمتد بعيدا عن أفغانستان.
ففي خطاب ألقاه بالبيت الأبيض بمناسبة إحياء ذكرى مرور ستة أشهر على الهجمات المذكورة تعهد الرئيس الأمريكي بأن تستمر الولايات المتحدة في قيادة الحرب ضد الإرهاب العالمي حتى يتم القضاء عليه وتحقيق النصر ودعا كل دول العالم إلى أن تدرك أن الحرب ضد الإرهاب لها هدف مزدوج هو حماية حرية وأمن الولايات المتحدة والعالم المتحضر، مضيفا بأن الدول المتمدنة تدافع اليوم على أمنها المشترك وحث الرئيس بوش دول العالم على المساهمة والمشاركة في هذه الحرب قائلا إن الولايات المتحدة تتوقع من كل حكومة أن تساعد في القضاء على الإرهاب الذي يهدد جميع الدول والسلام في العالم وهكذا فخطاب 11 مارس 2002 كان الغرض الأساس فيه هو تصعيد التعبئة وسط الشعب الأمريكي من أجل مواصلة الحرب على الإرهاب في أفغانستان وخارجها فقد أوضح بأن إدارته مستعدة لمواصلة الحرب على الإرهاب لأطول فترة ممكنة طالما ظل هذا الأمر ضروريا هذا يعني أن التدخل العسكري والعمل السياسي والدبلوماسي سوف يستغرق وقتا طويلا وسيشمل أعداء آخرين للولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد أيام قليلة من هذا الخطاب صرخ الرئيس الأمريكي بأن بلاده دخلت مرحلة ثانية من الحرب على الإرهاب ستكون طويلة ولن تتعب منها وحدد إستراتيجية المرحلة الثانية من هذه الحرب بقوله إن إستراتيجية هذه المرحلة الجيدة تكمن في جعل كل إرهابي يعيش مطاردا عالميا وهارب ولا مكان يمكن أن ترتاح ويستقر فيه ولا مكان لإعادة تنظيم قواه ولا مكان يختبئ فيه ولا حكومة يختبئ وراءها، ثم دعا دول العالم والمجتمع الدولي إلى النظر بجدية بالغة إلى نظر الإرهاب ولذلك علينا منع انتشار أسلحة الدمار الشامل لأنه لا مجال للخطأ الهامش، ويجب ألا ندع فرصة متعلم من الخطأ أي عدم الانتظار حتى يضع هجوم إرهابي بسلاح كيماوي أو بيولوجي أو نووي.
3- الإستراتيجية الأمريكية لمحاربة الإرهاب الدولي : إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 شكلت لقطة تحول فاصلة في النظام الدولي بعد اجتماع قمة مالطا، حيث أصبح الإرهاب الدولي وفي حلته الجديدة الشكل الرئيسي للصراع المسلح على الساحة الدولية والبديل الراهن للحروب التقليدية، والمحفز الحقيقي في إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، التي لم تكتف فقط في شن حملة دولية واسعة ضده، بل ستتبنى موقفا تصاعديا في وقفه ومحاسبة الدول التي ترعاه.
ولعل الإستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب الدولي بعد 11 عشر من شتنبر انبثت على الاستخدام المكتف للقوات العسكرية حيث سارعت وبمجرد وقوع تفجيرات نيويورك وواشنطن بالتلويح بالقيام برد عسكري على هذه الأعمال الإرهابية ضد الأطراف التي تقف وراءها ومر المجتمع الدولي للاصطفاف وراءها في تحالف غير مسبوق في التحالفات الدولية يغلب عليه الجانب السياسي بالدرجة الأولى، كما يرتكز على التعاون والتنسيق في المجالات الأمنية والاستخبارية والمالية من أجل تعقب وضرب الجماعات والأطراف الدولية التي ترعاه وتأويه وتجفيف موارده المالية من أجل شل حركته.
ومن أجل تطبيق هذه الإستراتيجية سعت الولايات المتحدة الأمريكية وكما هو دأبها في إدارة الأزمات الدولية التي تدخل ضمن مصالحها وإستراتيجيتها على استثمار الشرعية الدولية من خلال الارتكاز على قرارات الأمم المتحدة لتتدخل بموجبها زجريا وبشكل عسكري أو غير عسكري في هذه الأزمات، أما الأمر يتعلق بإدارة أزمة كانت مستهدفة فقد نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في قيادة التحالف الأوروبي والدولي لمكافحة الإرهاب ودشنته في أفغانستان بناء على قرار مجلس الأمن رقم 1368 الذي صدر بالإجماع يوما واحدا بعد وقوع عمليات الحادي عشر من سبتمبر واستتبعته بإصدار قرار ثاني من مجلس الأمن القرار رقم 1373 بتاريخ 28 سبتمبر 2001 بضرورة مواجهة مخاطر الإرهاب الدولي بكل الوسائل السياسية والعقابية.
في تناعم تام مع السياسة الإسرائيلية الصهيونية في الأراضي المحتلة التي تعاملت مع القرار بالتفسير والفهم الأمريكي في ضرب البنيات التحتية للإرهاب دون تمييز بين الإرهاب الدولي وحق النضال والكفاح المشروعين ضد الاحتلال الغاضب من طرف الشعب الفلسطيني المناضل.
وباسم تطبيق الشرعية الدولية والتي تجسدها قرارات مجلس في موضوع العقوبات المفروضة على العراق وذات العلاقة بنزع أسلحة الدمار الشامل المزعومة توافرها لديه، سعت الولايات المتحدة الأمريكية للإضافة بنظام صدام حسين وخرق سافر للشرعية الدولية التي تحثها على إتباع الوسائل السلمية لحل الأزمات الدولية وعدم استعمال القوة في العلاقات الدولية أو التهديد باستعمالها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها، وكان تدخلها في العراق ساخرا من حيث خرقها قواعد الشرعية الدولية لعدم احترامها انتظار صدور قرار من مجلس الأمن يجيز استخدام التدابير العسكرية ضد العراق.
وعلى المستوى الداخلي ركزت الولايات المتحدة الأمريكية ومها حليفتها التقليدية بريطانيا على تطوير تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب وتشديد الإجراءات الأمنية على التدخل إلى الولايات المتحدة والإقامة بها كما تبنت الإستراتيجية الأمريكية في مكافحة الإرهاب على إصدار قانون جديد يجهز على الكثير من الحقوق الحريات الفردية. ويشدد من الإجراءات الداخلية اللازمة لمحاربة الإرهاب مثل الاعتقالات بدون إذن قضائي والمحاكمات العسكرية واعتراض البريد الإلكتروني ومواقع الانترنيت وغيرها، وكلها إجراءات تتعارض مع قيم الديمقراطية الكونية والعربية، هذا بالإضافة إلى التحرش ببعض الأنظمة السياسية لبعض الدول العربية والإسلامية للقيام بإصلاحات جدرية على نظمها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى نظم القيم والثقافة السائدة بها.
وبذلك انطلقت الخطوات العملية الموالية في محاربة الإرهاب الدولي على أكثر من واجهة استثمرتها الولايات المتحدة الأمريكية لغرب أفغانستان في المرحلة الأولى، ثم ضرب العراق ونظر لسياسة الإستراتيجية وتدابيرها الأمنية التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي واتجاه مختلف حلفائها التقليديين والجدد وكذا اغتصابهما للولايات المتحدة الأمريكية. كما أن عزم الولايات المتحدة الأمريكية على شن حرب على العراق لم يحملها التريث طويل لاستصدار قرار مجلس الأمن يسمح لها أو يسبغ شرعية على تدخلها وهو مطلب على الأقل كانت تطلب به الدول الممثلة في الأمم المتحدة باستثناء بريطانيا ولما فشلت في الحصول على هذا القرار سارعت إلى خوض الحرب دون قرار ودون شرعية دولية تمنعها من شن مثل تلك الحرب.
لقد بدأت الولايات المتحدة الحرب على كل من أفغانستان والعراق وصنعت نهايتها في المستنقع العراقي والأفغاني في تحد سافر منها لكل المبادئ العامة التعارف عليها دوليا، وأعطت لنفسها الحرية لشرعنة تدخلاتها من أجل إسقاط النظم السياسية والحرب الاستباقية هي من بين المبادئ التي أصبحت تستعمل في العلاقات الدولية بدعوى مكافحة الإرهاب والإعداد للخطر، وبذلك استطاعت الولايات المتحدة ممارسة القوة وخرق القانون تحت مبرر واحد وهو الحفاظ على الأمن الأمريكي والدولي لصلاحيات الأمم المتحدة خصوصا ما يخص شرعية اتخاذ التدابير القمعية من طرف مجلس الأمن الذي أحكمت السيطرة عليه وبدأت في تطبيق السيناريوهات المتعددة لمواجهة تبعات الحادي عشر من شتنبر ومحاربة الإرهاب الدولي.
وكانت الخطورة الأولى في هذا الاتجاه عملية الانتشار الاستراتيجي والتي تقضي برفع درجات الاستعداد العسكري للقوات الجوية والإستراتيجية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وتحريك الأسطول الأمريكي من قاعدته في نورفولك نهاية الشواطئ الأمريكية وبالخصوص مدنية نيويورك ونشر القوات العسكرية وشبه العسكرية على المواقع والأهداف الإستراتيجية داخل الولايات المتحدة الأمريكية مع تطبيق الإجراءات الأمنية المشددة على المطارات. كما أن الولايات المتحدة عملت إلى جانب هذه الإستراتيجية في مكافحة الإرهاب إلى القيام بخطوة أخرى كان لها تداعيات وتأثير بحيث أعدت الخطة لإسقاط النظام العراقي، وتدرعت بمجموعة من الأسباب حسب رؤية المحافظين الجدد على اعتبار العراق أحد دول محور الشر، ثم التزام العراق بالقرارات الدولية للتخلص من أسلحة الدمار الشامل ثم هناك قول بأن هناك روابط بين العراق ومنظمة القاعدة أخطر المنظمات الإرهابية والمسؤولة عن أحداث 11 من سبتمبر فضلا عن اعتبار النظام العراقي نظام استبدادي يحكم شعبه بالحديد والنار الأمر الذي استوجب إسقاطه واستبداله بنظام ديمقراطي عميل.
شنكاو هشام باحت في العلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.