عندما تحين دورة انتخابية لإحدى منظمات المجتمع المدني وخاصة المنظمات الكثيرة عدداً و الكبيرة نشاطاً وحضوراً في الساحة نرى الحشود وطبول حرب الديمقراطية تقرع ويشعر المرء كأننا في قرون غابرة وعلى طريقة «اختصم العرب وظلوا اربعين عاماً في حرب داحس والغبراء وهما فرسان أخذت بحميتهما القبيلتان اللتان تمتلكهما » ونحن اليوم هكذا نصنف الديمقراطية وكأنها صهوة خيل لن نصل إلا عبرها لمآربنا ونفصل ثوب الديمقراطية بما يناسب قدرتنا وخبرتنا .. وللأسف دخل الجميع في وطيس حرب الديمقراطية رجالاً ونساء في مختلف المنظمات والجمعيات خيرية ونقابية وأهلية.. خاصة أن العولمة اليوم قد فرضت شفافية المعلومة سواء في نقاش وحضور الانتخابات لعدد كبير من الأعضاء أو التسريب للصحافة من الفعالية ذاتها أو من طرفي العملية الحربية (الديمقراطية) وتسير العملية الديمقراطية الحربية وينصر من ينجح في العملية. المهم يسير المنتصر على صهوة نجاحه الديمقراطي المزعوم وإذا به يجد الصعوبات ويكتشف معاناة سلفه المهزوم ويعيش صدمة النصر فلا يستطيع العمل لانتهاء فورة الانتخابات والبهرجة الإعلامية ومناخ الديمقراطية وكما يقال «راحت السكرة وجاءت الفكرة »، مقر الجمعية أو فرع الاتحاد هادئ صامت لا تجد فيه أي نشاط وهكذا ينتكس العمل خاصة إذا لم تكن بيئة العمل من هيئة إدارية وطاقم عمل متفاعلين وقابلين به/بها بصرف النظر عن الانتماء الحزبي فقد تحدث الهجمة من عناصر حزبية من نفس النسيج أو كانت في فترات سابقة وعلى المتضرر أن يخرج وخاصة القديم/ة من هذا الإطار ويفتح له نشاطاً مماثلاً خاصة إذا كان له من الخبرة والقدرة والعلاقات الاجتماعية والسياسية والمجتمعية. هذا وضع خطير ومسيء للتجربة الديمقراطية . وإذا كان الأمر في إطار تجديد الدماء فليشترك الراغبون الجدد منذ وقت مبكر ويتواجدوا في النشاط الجماهيري حتى لا يكونوا أجساماً فيروسية نكرة ويظهروا طفرة !! هذا تصرف مشين لا أظن أن الواقع والأمانة تحتاجه كما أنه شيء مخزٍ أن يمارس عمل منظمات المجتمع المدني فما بالنا بالأحزاب والتنظيمات السياسية وما يجري فيها من تناحرات بدعوى الدفاع عن القيم إلى حد الاقتتال الكلامي ويغيب عنهم أن الله سبحانه وتعالى خاطبنا نحن اليمنيين خاصة والمسلمين عامة «وأمرهم شورى بينهم» على أن الخصوصية الأكبر هي تلك العملية الديمقراطية الكبرى التي قمنا بها وذكرنا بها سبحانه وتعالى بأن امرأة هي صاحبة العملية الديمقراطية وهي ملكتهم آمرتهم لنسميها ما شئنا وهي تتشاور معهم ومع سليمان عليه السلام. أريد أن أقول شيئاً مهم هو أن الديمقراطية والشفافية لم تأت إلينا من النظام العالمي الجديد ألم تأتنا من بنات أفكارنا ؟ ونحن نناضل من أجل الحقوق السياسية والظهور الحزبي العلني ؟ ألم تأتنا الديمقراطية من موروثنا الديني «وشاورهم في الأمر» .. أم هو استئساد وتسلط يخرج كثيراً في ممارساتنا في البيت والشارع وللأسف يتم مأسسة ذلك في الحياة العامة، في الوظيفة العامة، وفي منظمات المجتمع المدني وهكذا نخسر في حياتنا المدنية الحزبية والجماهيرية كفاءات وخبرات يخسرها الحق العام والتجربة الديمقراطية التي نمارسها بديكتاتورية وتسلط وكأننا نقدم بعضنا قرباناً للديمقراطية دون اعتبار لماضينا وقيمنا ندوس .. نقسو كثيراً على بعضنا البعض!