من المفارقات العجيبة أن أصبح القبر، البيت الحقيقي للإنسان مهما كان كبيراً أو صغيراً، خاضعاً للتسعيرة، وأصبح سعر القبر يشبه تذاكر المسرح أو السينما “بلكون ووسط ومقعد خلفي” فسعر القبر يبدأ بسبعة آلاف ريال، ثم النصف للفقير، وثلاثة آلاف ريال للفقير الذي أصبح يطارده الإيجار حتى إلى القبر!. { أنا أسأل: منْ الذي وضع هذه التسعيرة؟! فإذا كانت الأوقاف؛ فإن الوزير مطلوب منه أن يجيب عن السؤال الآتي: هل القبر الذي صدرت في حقه التسعيرة ملك خاص أو عام، هل دخل الاستثمار مجال القبور؟!. { وأحسب أن هذا حق للمستثمر؛ ولكن في بلد لا توجد فيه أوقاف، علماً أن الأوقاف له من الأموال الموقوفة ما هو مخصص لبناء المقابر، ومن حق الوزير أن يطالب بالمقابر التي باعها ورثة الموقفين أو باعها ربما موظفو الأوقاف. { أهل اليمن خيّرون ومباركون بدعوة نالتهم من سيد الكائنات محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، والإيمان يمان والحكمة يمانية، وهذه شهادة أصدق الخلق وأكرمهم على الله. { وما يُزعج حدّ الاستفزاز هو أن تصدر تسعيرة للقبور؛ فهذا أمر ينبغي أن يلتفت إليه الإخوة المسؤولون في الأوقاف، على الأقل ليُسامح الفقير، ونجنبه مشكلة التفكير في القبر بينما لايزال حياً فلديه من الهموم الدنيوية للأسف ما يشغله عن الآخرة!!. { وهنا نذكّر أهل الخير بأن الآخرة خير وأبقى، والاستثمار الأخروي أفضل عند الله من جمع المال، وقد رأيت دعوة سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام تتحقق في أهل اليمن عندما رأيت مقابر فسيحة يوقفها «الموقفون» من أهل الخير في قلب العاصمة صنعاء؛ مع أن مواقعها يمكن أن تجلب مليارات وليس الملايين!!. { في المدن الرئيسة أصبح التنافس كبيراً في جمع العقارات، وأصبحت المدن تضيق بفراغ المكان، لم يعد هناك فراغ؛ فالازدحام اكتسح كل شيء. { فهلا أناس من أهل الخير يوقفون مقابر للموتى الذين لم يعودوا يجدون أماكن ليناموا فيها؟!.