وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    عصابة حوثية تعتدي على مواطن في إب بوحشية مفرطة    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احجز قبرك قبل موتك
أزمة القبور تطرق أبواب مدينة إب
نشر في الجمهورية يوم 08 - 02 - 2011

يجدر بك وأنت تعمل على توسيع علاقاتك الاجتماعية ألا تغفل عن إقامة علاقة وطيدة مع أحد «حفاري القبور» لأنك لن تكون بمنأى عن عملية ابتزاز مقبلة ومساومة قد تكون خاسرة في نهاية المطاف لترضخ عندئذ لدفع ما يقارب ال20 ألف ريال نظير حفر قبر لأحد أقربائك. ما يدعو لهذا التنبيه هي حالات الابتزاز التي أصبح الكثيرون يشكونها من قبل «حفاري القبور» والذين لا يهتزون لمشاعر الحزن الناتج عن هادم اللذات، بل يستغلونها لنيل أجر باهظ يتجاوز ما تم تحديده من قبل مكتب الأوقاف بمحافظة إب، الذي أقر سبعة آلاف ريال للكبار وثلاثة آلاف وخمسمائة ريال للأطفال فقط كأجر يدفعه أهل الفقيد لحفار القبور.أسعارمتغيرة
في مدينة إب وضواحيها قام مكتب الأوقاف والإرشاد بوضع إعلان على باب كل مقبرة يوضح فيها سعر القبر الواحد مع التفصيلات: الطفل (3500) ريال، والكبار (7000) ريال، وغالباً ما تتغير هذه الأسعار إلى الضعف عندما يستقبلك حارس هذه المقبرة أو تلك مبادراً «أتريد قبراً جاهزاً مع البناء؟» ويضيف لتوه: «القبر ليس غالباً تحصل عليه بهذا المبلغ المعلن، لكن ادفع (عشرين ألف ريال) تحصل على قبر جاهز أو (عشرة آلاف ريال) إذا كان الميت طفلاً، أما أسعار الإعلان فتخص المكان فقط في المقبرة، وعلى أهل الميت حفر وتجهيز القبر أو أن يتدخل حارس المقبرة في عمل ما للتجهيز.
في إحدى مقابر مدينة إب بادرني الحارس أثناء حضوري للحصول على قبر لجدي المتوفى بالسؤال: هل لديك «ميت»؟ وراح يشرح لي مميزات المقبرة التي يحرسها، ورخص القبور فيها على خلاف ما هو حاصل في مقابر أخرى في مدينة إب، وقال بالتفصيل «القبر عندنا للكبير جاهز ب(15000) ريال وعند غيرنا ب(20000) ريال، وأضاف الحارس: إن المقبرة التي يحرسها لم يعد فيها الكثير من المساحة لاستيعاب أجساد الموتى، لذلك أصبح السعر لا يمثل مشكلة أمام أهالي الموتى؛ لأن ذلك يمكن تجاوزه حتى وإن كان هناك ضيق في الحال، بل المشكلة لدينا في هذه المقبرة تكمن في صعوبة الحصول على القبر والتي لم يعد فيها متسع لجسد واحد.
والخوف هنا كما عبر عنه كثير من المواطنين الذين التقينا بهم هو أن يكون الوضع أصعب في المستقبل، ولن يجد الرجل أين يدفن أهله، وسيصبح الحصول على القبر أصعب من الحصول على أرض للسكن!
الكثيرون يتخوفون من وضع كهذا، لاسيما وأن المساحة في إب تزيد ضيقاً في كل شيء والأراضي المسورة والمخصصة للمقابر تكاد لا تكفي على المدى القريب، إنه وضع بائس كما يشعر به أبناء إب.
ابتزاز لحفاري القبور وارتفاع في أسعار القبور، وصعوبة في الحصول على القبر.. هذه الإشكالات لا ينكرها مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة إب، فمدير عام المكتب الأستاذ/ عبداللطيف المعلمي يؤكد أن هناك بالفعل كثيرا من المشاكل فيما يخص المقابر، سواء تلك المتعلقة بعمليات الابتزاز التي يتعرض لها المواطنون من قبل حفاري القبور أو فيما يخص الارتفاع في أسعار القبور.
ويضيف المعلمي: كما تعلمون أنه كانت تفرض مبالغ كبيرة تتراوح ما بين 15-20 ألف ريال مقابل حفر وتجهيز القبر، ولكننا عملنا في الفترة الأخيرة على تنظيم ذلك، وقمنا بتعليق الإعلانات على باب كل مقبرة والمحددة أجور الحفر والتجهيز للقبر وهي (7000) ريال للميسورين من الكبار و(3500) ريال للأطفال، أما الفقراء فيتم دفنهم مجاناً، ويتكفل مكتب الأوقاف والإرشاد بتوفير المساط ومتطلبات التجهيز والتكفين والقبر، وقد تم إلزام حراس المقابر بتلك التسعيرة بعد أن اعتمد لهم مقررات شهرية من مكتب الأوقاف، وقد قمنا بوضع أرقام تلفونات المكتب والمختصين في المكتب على تلك الإعلانات للإبلاغ عن أي مخالفة لتلك التسعيرة، وفي ضوء أي بلاغ يتم معاقبة المخالف، ولكن للأسف الشديد حتى الآن لم يتم الإبلاغ عن أي مخالفة أو التقدم بأي شكوى إلى المكتب.. وربما يكون ذلك عائدا لالتزام حراس المقابر وحفاري القبور بالتعليمات.
72 مقبرة في مدينة إب.. ولكن!
تؤكد مؤشرات أن مدينة إب أصبحت من أكثر المدن اليمنية معاناة من قلة المقابر، والتي تؤشر أيضاً إلى أزمة مقابر فعلية قادمة بقوة في السنوات القادمة. وبحسب تلك المؤشرات فإن عدد المقابر في مدينة إب وضواحيها (الظهار، المشنة، ريف إب، جبلة) لا يتجاوز ال72 مقبرة عدد منها أصبحت ممتلئة وخاصة الكبيرة.
والسبب يرجعه كثير من المختصين إلى المخططات السكنية خلال السنوات الماضية والتي أغفلت حجز مساحات للمقابر فيها يواكب حجم الزيادة السكانية، الأمر الذي عزز من الضغط والإقبال على المقابر القائمة فزاد ابتزاز العاملين فيها لمن يرغب في دفن جثمان قريب له.. بمعنى أن الواقع يشير إلى أننا قد نضطر إلى دفن موتانا في المستقبل في قبور جماعية.
والأسوأ من ذلك الحالة التي وصلت إليها الكثير من المقابر في ضواحي مدينة إب جراء السيول وعمليات التوسعات السكنية التي أخذت تلتهم أجزاء منها، وخاصة المقابر الواقعة كما ذكرنا في أطراف مدينة إب، ومنها مقبرة قحزة والظباري والوقش وغيرها، والتي أخذ بعض الأهالي هناك بالحفر فيها من أجل بناء مساكن. وفي هذا الجانب يؤكد الأخ عبداللطيف المعلمي مدير عام مكتب الأوقاف بالمحافظة بأن عدد المقابر في مدينة إب وضواحيها يصل إلى (72) مقبرة كلها قديمة، وأنه نتيجة لتزايد العدد السكاني والتوسع العمراني أصبحت مدينة إب وضواحيها بحاجة ماسة لمقابر جديدة، وفي هذا الإطار وتفاعل قيادة المحافظة مع هذا الموضوع فقد تم البدء بتسوير عدد (26) مقبرة بمشاركة كل من المجلس المحلي بالمحافظة ومكتب الأوقاف والإرشاد في مديرية الظهار ومديرية المشنة ومديرية ريف إب ومديرية جبلة، وقد تم البدء بالتنفيذ خلال عام 2009م وهذا العام 2010م، منها سبع مقابر جديدة، وقد بلغ إجمالي التكلفة التقديرية لتسوير تلك المقابر ما يزيد عن مائتي مليون ريال. بالإضافة إلى أنه تم إلزام مكتب الهيئة العامة للمساحة والتخطيط الحضري بتخصيص أراض لمقابر جديدة ضمن المرافق الخدمية لأي مخطط ووحدة جوار جديدة.
ويضيف المعلمي: رغم كل ذلك فالمدينة بحاجة إلى المزيد من المقابر الجديدة، وهنا أدعو الجمعيات وفاعلي الخير للعمل على شراء أراض وتخصيصها كمقابر وهي مبرة من أهم المبرات الخيرية.
50 % من المقابر تحت السطو
رغم الجهود التي يبذلها مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة إب في الحفاظ على المقابر الحالية، إلا أن الأمر يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود يصاحبه وعي الناس بأهمية الحفاظ عليها حتى لا تبقى معرضة للسطو بين الحين والآخر وتحول أجزاء منها إلى مرمى للقمامة وحمامات هوائية للتبول وقضاء الحاجات كما هو الحال في عدة مقابر بالعدين وجبلة وريف إب وبعدان.. ناهيك عن تحول بعضها إلى طرقات لسير السيارات كمقبرة الرضائي بالعدين، إضافة إلى تحولها إلى حظيرة للأغنام، خاصة مع حلول عيدي الفطر والأضحى، وهو ما يؤكده الكثير من السكان المجاورين لهذه المقابر.
وفي هذا الجانب يؤكد الأخ مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد أن المكتب يعمل جاهداً على وقف الاعتداءات على المقابر إلا أن المعاناة من ذلك لا تزال قائمة بين الوقت والآخر هنا وهناك. وأضاف: لقد بذل ويبذل المكتب كل ما بوسعه في سبيل المحافظة على المقابر، إذ قام بحصر وتوثيق كافة المقابر على مستوى المحافظة، والتي تزيد عن سبعة آلاف مقبرة.
ومن خلال الحصر تبين لنا وللأسف الشديد أن ما يقرب من 50 % من هذه المقابر معتدى عليها إما طرق أو مفاسح أو..أو.. إلخ، ويعود ذلك إلى ضعف الوعي المجتمعي بحرمة المقابر وأهمية الحفاظ عليها؛ لأن حماية المقابر والحفاظ عليها لا تقتصر على مكتب الأوقاف وحده، بل تقع على عاتق الجميع، شخصيات اجتماعية، وخطباء وعلماء، ومجالس محلية، وأجهزة محلية وتنفيذية والمجتمع نفسه.
المقابر قديماً
إن إقامة القبور أخذت عدة أنماط وتطورت بصورة تدريجية حسب الاحتياج، فقد كانت هناك قبور فردية وفي فترة زمنية أخرى انتشرت قبور تضم أفراد الأسرة جميعاً، بحيث تحفر حفرة كبيرة تشبه الغرفة الواحدة وفيها القبور الفردية لكل فرد في الأسرة، وهذا النوع كان سائداً في مناطق معينة من محافظة إب مثل بعدان والعدين والقفر.
بهذا الخصوص يقول عبداللطيف المعلمي مدير عام مكتب الأوقاف والإرشاد: إنه مع اتساع الحياة زاد عدد الأحياء وكذا الأموات الذين يحتاجون إلى قبور وانتشرت المقابر في أنحاء المدن والقرى المختلفة وحفظ الأحياء مواقع هذه المقابر وحافظوا عليها، ثم جاءت فترات تعرضت لخطر التوسع، وأصبحت مهددة بالخطر وهو ما جعل وزارة الأوقاف توجد قطاعاً يختص بهذا الأمر، وأوجدت ضمن هذا القطاع إدارات متخصصة بالمقابر، إلا أنها لم تكن كافية لإيقاف السطو الذي تتعرض له المقابر.
حماية وتسوير المقابر.. مسؤولية من؟
حرمة المقابر كبيرة ومكانتها عظيمة يجب أن يستشعر ذلك كافة المسلمين، خاصة وأن الرسول صلى الله عيله وسلم كان قد نهى عن زيارة المقابر، لكنه عاد واستدرك ذلك بقوله «كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة أو الموت»، أو كما قال.
لكنه ولحرمة المقابر نهى رسول الله عن زيارة النساء لعلمه بحال النساء، إذ يقمن بالبكاء والعويل ونتف الشعر وحث التراب على الرأس مما يزعج الموتى، فضلاً عن أن بعضهن قد تكون غير طاهرة، وهذا ما يتأذى منه الموتى، كما يتأذى منه الأحياء. ولهذا فالواجب المستحب أن تقوم الجهات المعنية بتسوير كافة المقابر درءاً ومنعاً لحدوث ظواهر معينة كالسطو عليها أو رمي القمامة وتحويل المجاري فيها…إلخ.
وهناك من يحمل المجالس المحلية مسؤولية الاهتمام بالمقابر وحمايتها وتحديد رسومها وتسويرها، ويكون دور مكتب الأوقاف إشرافاً فقط؛ لأن المجالس المحلية هي الأقرب من هموم ومعاناة المواطنين، وتمتلك الصلاحيات الكافية لإنجاز أي عمل تنوي القيام به.
بهذا الخصوص يؤكد مدير عام الأوقاف بأن هناك عددا من المقابر تم الاعتداء عليها وعددا منها معرض للاعتداء، وإمكانات المكتب لا تسمح بتسوير كل تلك المقابر لعدم وجود أوقاف مخصصة لذلك، كما أن قانون السلطة المحلية ولائحته التنفيذية قد أوكلت تحديد وتسوير المقابر للمجالس المحلية بالمديريات ومكاتب الأشغال، ورغم ذلك فإن مكتب الأوقاف يساهم بقدر الإمكان في تسوير المقابر ذات الأهمية سواء كانت في مدينة إب أو المديريات، هذا بالإضافة إلى أن المكتب يقوم بالتنسيق مع المجالس المحلية بالمديريات بالمساهمة في تسوير أهم المقابر الواقعة في إطار التوسع العمراني.. وهنا يبرز سؤال كبير هو: هل من المعقول أن تبقى مسؤولية الحفاظ على مقبرة تضم بين تربتها مئات وربما آلافاً من جثث الموتى مسؤولية جهة معينة، أم أن المسؤولية ستنتقل إلى أكثر من جهة للعمل معاً وفقاً لإمكانات وقدرات عالية تمكنها من تنظيم وتسيير العمل بصورة تليق بإكرام الميت؟!
التوسع العمراني
التوسع العمراني في مدينة إب وضواحيها آخذ بالانتشار، يرافق ذلك ارتفاع حاد بقيمة الأرض.. من هنا ولد الطمع والجشع لدى الكثير، فلم تكفهم أراض وقمم وتلال اللواء الأخضر التي تحن إليها الأنفس ويرتفع مزاد ثمنها إلى حد يسيل لعاب المواطن المسكين صاحب قطعة الأرض التي لا يملك على هذه البسيطة سواها فيوافق على البيع.. ومع ذلك لا يكتفي هؤلاء المنعمون بهذا فقط، فقد اتجهوا صوب مقابر الموتى إيماناً منهم أن الحي أبقى من الميت، فتم تحويل عدد من مقابر محافظة إب، وبالخصوص تلك المقابر الواقعة في أماكن حساسة إلى سكن شخصي دون أدنى خوف من الله.. والمحاكم مليئة اليوم بمثل هذه القضايا.
في هذا الجانب يؤكد مدير عام الأوقاف بأن مدينة إب من المدن ذات الجذب السكاني لمجموعة من المميزات؛ لذلك فالمدينة تشهد اتساعا عمرانيا هائلا يرافق ذلك ارتفاع في أسعار أراضي البناء، هذا بالطبع أدى بالجشعين إلى البناء على أراضي المقابر، وهذا يمثل اعتداء، ويتم التعامل مع هؤلاء عن طريق الضبط من قبل مدراء الأوقاف بالمديريات، ومدراء عموم المديريات والأجهزة الأمنية بالمديريات، وما استعصى عليهم فيتم إحالتهم إلينا، وبدورنا نحيل المعتدين إلى نيابة الأموال العامة، ومن ثم محكمة الأموال العامة، وكما قلنا سابقاً بأن قانون الوقف الشرعي قد شدد بالحبس ثلاث سنوات لكل من اعتدى على أي مقبرة، وقد تم إحالة ما يقرب من 60 قضية اعتداء على المقابر للنيابة ومحكمة الأموال العامة خلال الفترة الماضية من هذا العام فقط والمتابعة مستمرة.
ضم الأراضي
أما فيما يخص ضم الأراضي المجاورة للمقابر، وخاصة تلك المزدحمة في مدينة إب.. فيوضح المعلمي حديثه بهذا الخصوص بالقول: الأراضي المجاورة للمقابر لا يمكن ضمها بسهولة؛ وذلك لأنها إما أن تكون أوقافا لميراث قائم بحسب نصوص الواقفين ولا يجوز شرعاً ضمها إلى المقبرة، أو أرض حر مملوكة لأشخاص، وهذا يتطلب تعويضهم التعويض العادل، والجهة المعنية بالتعويض مكاتب الأشغال والمجالس المحلية بالمديريات.
التوعية المجتمعية
وتبقى جهود مكتب الأوقاف بالمحافظة قاصرة عن وضع حد لكل تلك المشاكل، التي لاتزال قائمة، ويرجع المعلمي السبب الرئيسي إلى قلة الوعي لدى الناس بخصوصية المقابر وحرمتها، مشيراً إلى أن التوعية المجتمعية بحرمة المقابر مهمتنا جميعاً.. فالخطيب عن طريق خطبة الجمعة والمحاضرات والندوات والدروس المسجدية، والتربية والتعليم عن طريق التوعية للطلاب والدارسين والمنهج الدراسي، والمجالس المحلية عن طريق إداراتها، كل فيما يخصه وهي ذات تأثير كبير؛ لكونها الأقرب من هموم ومعاناة المواطنين، وتمتلك الصلاحيات الكافية لإنجاز أي عمل تسعى إلى تنفيذه. وكذا الشخصيات الاجتماعية، والعقلاء بتقديم النصح للمعتدين على المقابر والعقوبات في الدنيا والآخرة، والإعلام بأنواعه عن طريق البرامج التلفزيونية والإذاعية والمقالات الصحفية والبروشورات التوعوية للدعوة إلى الحفاظ على المقابر ومنع الاعتداء عليها، وأجهزة الضبط بإعطاء قضايا الاعتداء على المقابر صفة القضايا المستعجلة، والاهتمام بضبط المعتدين وردعهم ليكونوا عبرة لغيرهم.
أماكن للمشردين والمجانين
المثير للدهشة وأنت تنتقل بين مراكز مديريات محافظة إب بغرض زيارة بعض المقابر، فإنك تلاحظ أن معظمها بدلاً من أن تكون مكاناً منزهاً من النفايات وما شابهها، فإذا بها تصبح المكان الآمن لمعظم المجانين والمشردين والبهائم والحيوانات الضالة، بل وفي بعض الأحيان مقلباً مناسباً للكثير من النفايات التي يلقيها السكان المجاورون لها تارة، وأحياناً المارة وعمال النظافة أنفسهم تارة أخرى.
ينبه سعيد عبداللطيف (مواطن) إلى أن الرسول (ص) قد أمرنا بإماطة الأذى عن الطريق وهو مكان عام، فما بالنا بالمقابر التي هي سكن الموتى، والمكان الذي يصير إليه كل إنسان..
أما القاضي زيد الهتار، فيذكرنا أن الرسول (ص) نهى عن المكوث أو المرور من المقابر؛ لأن ذلك يسبب أذى للموتى، وأن جمهور العلماء قد أكدوا من خلال الأدلة الصحيحة من السنة على وجوب اجتناب المشي على القبور أو الجلوس عليها؛ لأن ما يؤذي الحي يؤذي الميت، وهذا ما درج عليه سلف هذه الأمة، وأخذت به عنهم جميع الأجيال الإسلامية اللاحقة على اختلاف مذاهبها.. في هذا السياق يؤكد حمود آل قاسم أن المقابر لم تتحول إلى أماكن للمجانين والمشردين إلا في ظل غياب الاهتمام بها من قبل الجهات المعنية في مكتب الأوقاف في المحافظة والمديريات، إلى جانب الإهمال الشديد الذي تلقاه من المجالس المحلية بالمديريات والتي لم تلتفت نحو هذه الظاهرة منذ أمد بعيد، الأمر الذي يعني أن الموتى لم تعد لهم تلك المكانة العظيمة التي كان يستشعرها الآباء والأجداد، حيث لم يكن أحد منهم ليمر بجوار المقبرة إلا وقرأ الفاتحة والدعاء والأذكار التي حث النبي (ص) على قراءتها عند المرور بالمقابر.
ويضيف آل قاسم: بالنسبة للمشردين والمجانين ووجوده بالمقابر، فهذا يعود إلى عدم وجود وعي لدى المجتمع والجهات المختصة من أن حرمة المقابر أشد وأنكا فيما لو بقي فيها هؤلاء المشردون الذين يتم تعقبهم ومتابعتهم في الشوارع والأرصفة، ويتركون حين يأوون إلى المقابر، وهذه ظاهرة خطيرة قد شجعت بعض الأسر المعدمة والفقيرة على انتباذ أماكن قصية في المقابر وبناء عشش من الصفيح والطرابيل والخيام ليتخذوها أماكن سكن لهم.
معالجات
وعن المعالجات التي يجب القيام بها لمواجهة كل ما ذكر حول القبور من ابتزاز حفاري القبور والسطو على أراضي المقابر وأزمة المقابر وما تعانيه بعض المقابر الحالية من مشاكل مختلفة، يختتم عبداللطيف محمد المعلمي مدير عام مكتب الأوقاف بمحافظة إب حديثه عنها قائلاً: لقد قام المكتب بإعداد خطة ذات شقين، الشق الأول يتضمن المحافظة على المقابر الحالية والعمل على توسعتها باستخراج بعض الأراضي الملاصقة للمقابر وضمها إليها وبطرق مشروعة، فيما يتضمن الشق الثاني التنسيق مع مكتب الأشغال العامة بالمحافظة ومكتب الهيئة العامة للأراضي والتخطيط الحضري فيما يخص عدم إنزال أي مخطط سكني في أية وحدة جوار ما لم تكن متضمنة مقبرة. وأشار المعلمي إلى ضرورة السعي لإنشاء مقابر واسعة في أطراف مدينة إب؛ نظراً لعدم وجود مساحات واسعة حالياً في مدينة إب يمكن اعتمادها كمقابر كبيرة، منوهاً إلى أن هذا الموضوع سيتم طرحه للنقاش مع السلطة المحلية.
ويؤكد المعلمي بأن مكتب الأوقاف يعمل وفق الإمكانات ويحاول أن يحد من هذه الظاهرة عبر مختلف الطرق، لكننا وللأسف الشديد واجهنا مشاكل وصعوبات كثيرة، وخاصة في المقابر القائمة؛ نظراً للاعتداءات المتكررة عليها من قبل ضعاف النفوس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.