يجدر بك وأنت تعمل على توسيع علاقاتك الاجتماعية ألا تغفل إقامة علاقة وطيدة مع أحد "حفاري القبور" لأنك لن تكون بمنأى عن عملية ابتزاز مقبلة ومساومة قد تكون خاسرة في نهاية المطاف لترضخ عندئذ لدفع ما يقارب ال15 ألف ريال نظير حفر قبر لأحد أقربائك. ما يدعو لهذا التنبيه هي حالات الابتزاز التي أصبح الكثيرون يشكون منها من قبل (حفاري القبور) والذين لا يهتزون لمشاعر الحزن الناتج عن هادم اللذات، بل يستغلونها لنيل أجر باهظ يتجاوز ما تم تحديده من قبل مكتب الأوقاف بأمانة العاصمة الذي أقر ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال فقط كأجر يدفعه أهل الفقيد لحفار القبر. ابتزاز حفاري القبور وفي هذا السياق يقول محمد أحمد العنسي أنه اضطر إلى دفع 12 ألف ريال بعد مساومة طويلة مع حفار القبور في مقبرة "ماجل الدمة" يحيى بن يحيى هادي العيني خليفة الحفار السابق أبي شنب. وهذا الأمر لم ينكره الحفار العيني الذي كان متواجداً، معتبراً أن الأجرة التي يتقاضاها تختلف من ميت إلى آخر.. وقال: "هناك من نطلب منهم عشرة آلاف ريال كحد أدنى أما من حالته ميسورة فلا تقل عن 15 ألف ريال. هذه الإشكالية لا ينكرها مكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة، فمدير المكتب محمد الأشول يؤكد تلقي المكتب بالفعل لكثير من الشكاوى بخصوص عمليات الابتزاز التي يتعرضون لها من قبل حفاري القبور، وقد تم تنفيذ حملة في رمضان الماضي تم خلالها حجز قرابة 26 حفار قبور ولم يتم إطلاق سراحهم إلا بعد تعهدهم بعدم المخالفة مرة أخرى. ويؤكد الأشول أن عمليات الابتزاز لا تزال موجودة.. لافتاً إلى أن المكتب تلقى عدداً من الشكاوى مؤخراً ضد حفار القبور في مقبرة النجيمات وعلى إثرها نفذ المكتب حملة تم خلالها حجز قرابة 15 شخصاً، داعياً المواطنيين إلى الإبلاغ الفوري عن المخالفين، مؤكداً أن المكتب لن يتهاون مع أي مخالف لم يلتزم بمقدار الأجر الذي حدده مكتب الأوقاف مسبقاً. الأزمة قادمة بقوة وتؤكد مؤشرات أن أمانة العاصمة أصبحت أكثر المدن اليمنية معاناة من هذه الإشكالية التي تؤشر أيضاً إلى أزمة مقابر فعلية قادمة بقوة في السنوات القادمة. وحسب تلك المؤشرات فإن عدد المقابر في العاصمة لا يتجاوز ال25 مقبرة أغلبها أصبحت ممتلئة وخاصة الكبيرة منها وأهمها مقبرة "خزيمة" و"ماجل الدمة" و"النجيمات" و"عشة الرعدي". والسبب كما يقول أحد موظفي مكتب الأوقاف أن المخططات السكنية خلال السنوات الماضية أغلفت حجز مساحات للمقابر فيها يواكب حجم الزيادة السكانية الأمر الذي عزز من الضغط والإقبال على المقابر القائمة فزاد ابتزاز العاملين فيها لمن يرغب في دفن جثمان قريب له.. بمعنى أن الواقع يشير إلى أننا قد نضطر إلى دفن موتانا في المستقبل في قبور جماعية. والأسوأ من ذلك هي الحال التي وصل إليها الكثير من المقابر في أمانة العاصمة جراء السيول وعمليات التوسعات السكنية التي أخذت تلتهم أجزاء منها وخاصة المقابر الواقعة في أطراف أمانة العاصمة ومنها مقبرة مذبح وعطان ومقبرة بيت العفيف في منطقة حدة ومقبرة السنينة التي أخذ بعض الأهالي هناك بالحفر فيها من أجل بناء مساكن. وفي هذا الجانب يؤكد مدير مكتب الأوقاف والإرشاد أن المكتب يعمل جاهداً على وقف تلك الاعتداءات إلا أن المعاناة من ذلك لا تزال قائمة بين الوقت و الآخر هنا وهناك. وأضاف "للأسف في بعض المناطق والمديريات يعتدي الناس على مقابر الآباء والأجداد ومنها على سبيل المثال لا الحصر مقبرة بيت العفيف في مديرية السبعين التي تم الاعتداء عليها من قبل قاطني نفس المنطقة. وقال الأشول: "عندما انتقلنا إلى هناك وجدنا أنها مقبرة قديمة وأخبرناهم أن من فيها هم دون شك آباؤهم وأجدادهم وبالكاد أقنعنا الذين يقومون بالحفر والبناء فيها بالتوقف" والسبب كما يقول هو غياب الرقابة الذاتيه لدى هؤلاء وضعف الوازع الديني الذي جعل الكثير يقول "الحي أبقى من الميت". السيول أيضاً كان لها دور أيضاً في طمس معالم الكثير من القبور وخاصة في مقبرة ماجل الدمة ما نتج عنه حفر قبور جديدة فيها. وفي هذا الجانب يؤكد محمد العنسي الذي يسكن جوار مقبرة "ماجل الدمة" أن قبر والدته أحد القبور التي هدمتها مياه الأمطار التي لا تجد منفذاً لها إلى الخارج. و قال العنسي: "أعتقد أن امتلاء المقبرة كان السبب الذي جعل حفار القبور في المقبرة يحفر قبر والدتي ليضع فيه ميتاً آخر ولم أعلم بذلك إلا في اليوم التالي". و أضاف: يفترض أن يكون حفار القبور عارفاً بالأماكن التي لاتزال فارغة، لكن للأسف فهم يهتمون بالمال فقط دون مراعاة لحرمة القبور. وعن المعالجات التي يجب القيام بها لمواجهة أزمة القبور الوشيكة وما تعانيه بعض المقابر الحالية من مشاكل مختلفة أوضح مدير مكتب الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة أنه تم إعداد خطة ذات شقين، الشق الأول يتضمن المحافظة على المقابر الحالية واستخراج بعض الأراضي الملاصقة للمقابر وضمها إليها، فيما يتضمن الشق الثاني التنسيق مع مكتب الأشغال العامة وأمانة العاصمة فيما يخص عدم إنزال أي مخطط سكني في أية وحدة جوار ما لم تكن متضمنة مقبرة. و يؤكد محمد الأشول أن أمانة العاصمة أصبحت تعاني بالفعل من شحة مقابر. مشيراً إلى ضرورة السعي لإنشاء مقابر واسعة في أطراف العاصمة نظراً لعدم وجود مساحات واسعة حالياً في أمانة العاصمة يمكن اعتمادها كمقابر كبيرة، منوهاً أن هذا الموضوع تم طرحه للنقاش مع قيادتي الوزارة وأمانة العاصمة. ويؤكد عملنا باتجاهين لكننا واجهنا مشاكل و صعوبات كثيرة وخاصة في المقابر القائمة نظراً للاعتداءات المتكررة عليها من قبل ضعاف النفوس. المقابر تحت السطو ومخلفات القمامة ورغم الجهود التي يبذلها مكتب الأوقاف في الحفاظ على المقابر الحالية إلا أن الأمر يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود يصاحبه وعي الناس بأهمية الحفاظ عليها حتى لا تبقى معرضة للسطو بين الحين والآخر وتحول أجزاء منها إلى مرمى للقمامة وحمامات هوائية للتبول وقضاء الحاجات كما هو الحال في مقبرة "ماجل الدمة" التي أصبحت مخلفات قضاء الحاجة في كل مكان ناهيك عن تحول الركن الشمالي الغربي منها إلى حضيرة للأغنام وخاصة في أيام الأعياد والمواسم وهو ما يؤكده الكثير من السكان المجاورين للمقبرة. والأسوأ من ذلك كما يقوله الناس هناك وهو الأمر الذي يؤكده مدير عام الأوقاف والإرشاد بأمانة العاصمة هو قيام بعض أصحاب البيوت المجاورة للمقابر بالعمل على مد أنابيب المجاري إليها وخاصة مقبرة "ماجل الدمة" ومقبرة "خزيمة" التي كانت المجاري تقسمها إلى نصفين. وتبقى الجهود قاصرة وتبقى جهود مكتب الأوقاف والإرشاد قاصرة عن وضع حد لكل تلك المشاكل التي لا تزال قائمة فيما يرجع الأشول السبب الرئيسي إلى وعي الناس بخصوصية المقابر وحرمتها، مشيراً إلى أن المكتب نفذ عدداً من حملات النظافة في المقابر ومنها في مقبرة "ماجل الدمة" حيث تم إخراج قرابة أربعة قلابات من القمامة والأوساخ في إحدى المرات. وعن جدوى تلك الحملات أكد الأشول أنها أتت بنتائج جيدة، حيث وعي الكثير من الناس بالقرب من تلك المقابر بضرورة الحفاظ عليها.. مشيراً إلى أنه تم تنفيذ عملية تسوير لمعظم المقابر القديمة مثل "ماجل الدمة" و"الصياح" و"عشة الرعدي" و"خزيمة".