أعلنت الدولة الشهر الماضي البدء بتنفيذ مشاريع سكنية للمواطنين في العديد من المحافظات. وأجزم أن توفير منزل للمواطن هو من أبسط الحقوق التي ينبغي له الحصول عليها. وهذه الخطوة هي من أوجب واجبات الدولة تجاه مواطنيها؛ لأن السكن كما يقولون (وطن). وكان يتمنى المواطن أن يرافق هذا الإعلان نشر التفاصيل عن هذه المشاريع (خرائط توضح فئات المساكن، مواقع المشاريع الإسكانية، مساهمات المواطنين، فئات المستفيدين .. الخ) كي يعرف الدور الذي ينبغي عليه القيام به للحصول على السكن الذي يريد كما تفعل الشركات الاستثمارية في هذا المجال حين تقوم بتنفيذ مثل هذه المشاريع الإسكانية. وهذا الأسلوب هو الأسلوب العلمي الأمثل لإنجاح مثل هذه المشاريع العملاقة التي تقوم بتنفيذها مختلف دول العالم. إنه لشيء يفرح القلب أن تفكر الدولة ببناء مدن سكنية للمواطنين. وهذه الخطوة التي تم الإعلان عنها هي البداية الحقيقية للتفكير الجدي بالهم الأكبر الجاثم على نفوس غالبية اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم فجأة ضحية لأمزجة المؤجرين الجشعين. إن بعض المواطنين المستأجرين يقضي أياماً وليالَي من البؤس والهم بسبب صلف وتعنت المؤجرين واستمرار مضايقتهم بحجج واهية وغير منطقية، ولكن بدافع طبائع متغطرسة وأنانية من قبل المؤجرين. لقد رأينا بعض المؤجرين يتشددون كثيراً في تأجير الشقق والمساكن وفرض شروط مجحفة على المستأجرين.. ولا يترددون عن مضايقة المستأجر لأتفه الأسباب، وكذلك القيام بالتردد ما بين يوم وآخر على العين المؤجرة وتفقد مرافقها بأسلوب لا يخلو من الاستفزاز وجرح للمشاعر. فقد افتقدنا التراحم فيما بيننا وأصبحنا نتعامل مع بعض من منظور مادي صرف وبقلوب قاسية. وإذا أرادت الدولة - فعلاً - توفير منزل لكل مواطن فإن هذه القضية ليست مستحيلة وليست صعبة المنال. فالإرادة القوية لا تعرف المستحيل. وعليها فقط تخصيص الإمكانات اللازمة وتوفيرها وحُسن تسخيرها لتمويل مثل هذه المشاريع. وعلى الدولة إعداد خطط مُزَمنة لتنفيذ هذا المشروع الاستراتيجي العملاق وإيكال تنفيذه إلى مؤسسات مشهود لها بالنجاح وليس (الفشل والفساد) ، وعليها كذلك اختيار فريق متخصص ومشهود له بالعفة والنزاهة لمتابعة خطوات تنفيذ هذه المشاريع أولاً بأول؛ لأن تجاربنا علمتنا أن هناك أشخاصاً فاشلين وليست مشاريع فاشلة. وعلى القائمين على هذه المشاريع الاستعداد لمواجهة العديد من الإحباطات والتحديات التي ستقف أمام تنفيذ مثل هذه المشاريع. وقد يُفاجأون بغيرالمستحقين ينافسون المستحقين للحصول على مثل هذه المساكن.. وقد يُفاجأون ببعض المتنفذين والأغنياء والفاسدين ومن يمتلكون الدور والقصور يحشرون أنفسهم في كشوفات المستحقين. وهذا الصنف من الناس الذي لا يُعتبر مستحقاً للسكن إذا وجد نفسه بعيداً وبدون فائدة فهو قد يلجأ إلى افتعال المعوقات لإفشال هذه المشاريع. وهذا السلوك شاهدناه في حياتنا كثيراً. فهناك أناس لا يستحون من الله لأن بطونهم في انتفاخ دائم ولا نظن أنها ستشبع يوماً ما. إن الدولة تتحمل مسؤولية بناء مسكن صحي ومناسب لكل مواطن. فمعاناة المواطن في تزايد مستمر جراء جشع المؤجرين وعدم عقلانية بعضهم. فهي المسؤولة أولاً وأخيراً عن ذلك لأنها تمتلك كل الوسائل والإمكانات لإنهاء هذه المعاناة. وقد سبقتنا دول كثيرة في هذا الشأن وقامت بتوفير مساكن لشعوبها واتبعت في سبيل تنفيذ ذلك أكثر من وسيلة. ووضعت خططاً خمسية وعشرية وعشرينية لتوفير مسكن لكل أسرة. ونحن نستطيع فعل ذلك بعون الله وتوفيقه. ونتمنى أن ينتقل تنفيذ هذه الفكرة إلى المحافظات بدلاً عن القرارات والإجراءات المركزية. وختاماً نتساءل: لماذا غابت محافظة تعز عن الاستفادة من مثل هذه المشاريع الاستراتيجية ،وهي المحافظة الأكثر مساحة جغرافية وكثافة سكانية والأعلى نسبة في الفقر؟ مجرد سؤال؟ مصلحة جوازات تعز ! تعتبر مصلحة جوازات تعز أنموذجاً متميزاً لمؤسسات الدولة الناجحة في بلادنا. ففي هذه المصلحة تسير الإجراءات والمعاملات بكل شفافية ويسر وسهولة وبدون تعقيدات. ويكفي الزائر لهذه المصلحة أن يرى رسوم الخدمات المقدمة للمواطن والمقيم مثبتة على لوحة كبيرة وبخط بارز وواضح على مرأى ومسمع الجميع. هذه الشفافية يقف خلفها موظف دولة ناجح اسمه (علي ناصر حطروم). تحية لهذا الرجل وتحية لمدير مكتبه ولجميع العاملين في هذه المصلحة. وأتمنى أن تستفيد بقية المؤسسات الحكومية في محافظة تعز من أسلوب الأداء الحضاري والراقي الذي يشاهده الجميع في هذا المرفق الناجح. وتحية لكل المخلصين في جميع مرافق العمل والإنتاج. (٭) جامعة تعز [email protected]