لا شك بأن عهد الرئيس علي عبدالله صالح قياساً بما سبقه من عهود هو الأفضل مهما كانت الخلافات على السلطة والثروة بين الأحزاب والتنظيمات السياسية تدفعنا إلى الدخول في مكايدات ومزايدات ومقارنات ظالمة وغير منصفة للحقيقة.. ومهما كانت أزمة الارتفاعات السعرية مؤلمة لأولئك الذين تسحقهم البطالة ويمزقهم الفقر، إلا أن أحداً لا يستطيع القول إن عهد الرئيس صالح لم يكن أفضل من غيره من العهود السابقة التي تعاقب فيها سلسلة من الرؤساء الذين حكموا شمال اليمن وجنوبه قياساً إلى حجم المنجزات التي عمّت مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية على نحو نوضحه بالآتي: كانت الثورة ثورتين فأصبحت ثورة يمنية واحدة.وكانت الدولة دولتين فأصبحت دولة يمنية واحدة.وكان الجيش جيشين فأصبح جيشاً واحداً.وكان الوطن وطنين فأصبح وطناً واحداً.وكان الشعب شعبين فأصبح شعباً واحداً.وكانت الحقوق والحريات مصادرة فأصبحت مكفولة.وكانت التعددية الأيديولوجية والسياسية محرمة فأصبحت متاحة.وكانت المعتقلات السياسية مفتوحة فأصبحت مغلقة.وكانت الصحافة الحرة محرمة فأصبحت طليقة. وكانت الحقوق منتهكة فأصبحت مصانة.وكانت التنمية الاقتصادية والاجتماعية محدودة فأصبحت في مستوى أفضل.وكانت البنية التحتية منعدمة فأصبحت متقدمة. هكذا يكشف واقع اليوم أنه الأفضل من واقع الأمس بكل المقاييس الموضوعية، بل قل إنه لو قيض لأحد المناضلين الثوار الشهداء الذين قدموا حياتهم من أجل الوطن والمواطن الذين غادروا الحياة إلى الموت في مرحلة الشرعية الثورية التي سادت فيها الصراعات والحروب الدامية والمدمرة ورفعت فيها شعارات التحريم والتخوين على نطاق واسع في شمال الوطن وجنوبه التي ضاقت بها الأرض بما رحبت وسادت فيها السياسات القمعية وشعارات من “تحزب خان، ومن طلب السياسة دفع رأسه ثمناً لها” والمغالطات الوحدوية والديمقراطية في سياق الانقلابات العسكرية وما كان يعقبها من السجون والمعتقلات لوجد نفسه في حالة من الذهول الناتج عن حجم الفارق الكبير بين ما كان معروفاً ومعلوماً في حياته وبين ما استجد واستحدث بعد مماته من منجزات عملاقة في شتى مناحي الحياة.سيقول بصدق هذه ليست الحياة البدائية اليمنية التي غادرتها.وسيقول بصدق هذه ليست المدن اليمنية المتخلفة التي عرفتها.وسيقول هذه ليست اليمن المجزأة التي عشت مرارتها.وسيقول هذا ليس النظام السياسي الشمولي الذي قاومته.وسيقول هذه ليست الصحافة المستبدة التي علمتها.وسيقول هذه ليست المواصلات والاتصالات البدائية التي خبرتها.وسيقول هذه ليست المعتقلات المظلمة التي عشت مرارتها. وسيقول هذه ليست الحركة التعليمية والصحية البدائية التي كانت معروفة.سيقول كل شيء في الحياة كان مرفوضاً قد تغير إلى الأفضل. وسيقول إن حركة التغيير والتطور قد لامست كل مناحي الحياة؛ إلى درجة أشعر فيها وأنا من المناضلين الذين قدموا حياتهم من أجل حياة أفضل أن الرئيس قد عمل ما في وسعه، وأنه الأفضل من بين جميع الرؤساء، ولن يبالغ في شيء إذا قال إن ما كان يبدو مستحيلاً قد أصبح اليوم ممكناً، وإن معجزات ما تحقق من منجزات تقاس بما قبلها بغض النظر عما يكمن بعدها في المستقبل من طموحات تشعر أبناءنا الذين ولدوا وترعرعوا في عهد الرئيس صالح بعدم الرضا بما هو كائن قياساً بما يجب أن يكون لأنهم لم يعيشوا شيئاً من مرارة ما كان سائداً من المآسي المادية والمعنوية التي أرغمتنا على مقاومتها وتغليب الموت على الحياة رفضاً لما كان سائداً من المعاناة، وسيقول للذين يسيئون استخدام الحرية في كيل الاتهامات والإساءات إلى الرئيس صالح وعهده: إنكم جاحدون ودجالون لا يعجبكم العجب. وسيقول لمن يعرفهم من زملاء نضاله الذين اتفق أو اختلف معهم في الأمس من الذين ينكرون الحقائق ويقلبونها ويقدمونها معكوسة للشباب الذين لم يعيشوها: لقد كذبتم وأغلظتم في الكذب وأنتم تقولون لأحفادنا إن الأمس أفضل من اليوم، وسيطلب منهم أن يكونوا منصفين للتاريخ ويقولون الحقائق مركزة على السلبيات دون حاجة إلى نكران الكثير من الإيجابيات التي تحققت لأبناء الشعب؛ لأن المبالغة في التشاؤم نوع من المكايدة التي سوف تنعكس سلباً على الحاضر والمستقبل حين تكافئ المسيء وتعاقب المحسن والمصلح بصورة تجعل الإحسان والإصلاح يتراجع لصالح أولئك المفسدين الذين يتحملون جزءاً كبيراً مما لحق بالشعب من الأزمات والصراعات والحروب التي لا نتذكر منها بتجرد سوى الدماء والدمار والدموع. سيقول للذين يسمع منهم اليوم صرخات نقد مدوية تسمع لها جعجعة في المعارضة ولم نجد لها طحيناً حينما كانوا في الحكم: وماذا قدمتم أنتم لهذا الشعب اليمني الصامد والصابر بوجه التحديات أكثر من الذي قدمه علي عبدالله صالح؟! صحيح أن البعض كان له شراكة إيجابية في البداية لكنه انقلب عليها فيما بعد ووقف ضدها حسب سيرته الذاتية التي تقول بأنه حاول الانقلاب عليها بالقوة وإعادة عجلة التاريخ إلى الخلف. وستقول: إن البعض كان أصلاً ضد البداية مما حاول ركوب الموجة فيما بعد الانتقال العظيم من التجزئة إلى الوحدة، ومن الاستبداد والدكتاتورية إلى الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وان رصيده في الحكم لم يكن بمستوى ما يزعم اليوم وقد أصبح في المعارضة، وسيقول لهؤلاء: كفّوا عن المزايدة والمكايدة البيزنطية الجوفاء، وقولوا كلمة إنصاف مقرونة بما هو موضوعي وبنّاء من النقد العلمي. وسيختتم نصيحته للرئيس صالح بقوله: لتكن المسألة الاقتصادية هي الهم الأكبر لما تبقى من عهدك الزاهر والميمون مقرونة بالتخلص التدريجي ممن حولك ممن يسيئون استغلال ثقتك من الفاسدين والمفسدين والمنافقين الذين يسيئون لعهدك العظيم بما يقدمونه من مادة دسمة لأعدائك، أما تلك الأبواق المشوهة العائدة من القبور القادمة من الماضي التي تطالب بالعودة إلى ما قبل الثورة والجمهورية والوحدة فإن مصيرها الفشل المطلق ولو بعد حين من الوقت والجهد لأنها ضد الحياة وضد الحرية وضد التقدم وضد الشعب لا حصاد لها سوى الهزيمة.