أعترف أن مهنة الصحافة لم تكن واردة في خلدي أو أجندة مستقبلي وأنا في ريعان الشباب عندما كنت في المرحلة الثانوية. كان المسرح كل تفكيري، وحلمي تركز حينها بأن أكون «مخرجاً مسرحياً» تيمناً وتقليداً لأخي رحمة الله عليه المخرج المسرحي فيصل علي عبدالله، الذي أسس المسرح الحديث في اليمن مطلع السبعينيات من القرن المنصرم غير أن الحلم تبدل عند أول زيارة لي لجمهورية مصر العربية «القاهرة» العاصمة، مطلع السبعينيات من القرن الماضي وتحديداً في مايو عام 3791م لألتحق في دورة مسرحية نظمها اتحاد العمال العرب، لمدة ستة أشهر. في القاهرة وأنا في بداية ربيع العمر، سرقتني الصحافة عن المسرح كانت عيوني تتصفح في الساعات الأولى من صباح كل يوم عدة صحف أبرزها «الأهرام» «الجمهورية» «الأخبار» ناهيك عن المجلات الأسبوعية والدورية..وجدت في هذه الصحف حينها فطوري الصباحي من المعلومات المهمة والأخبار الصادقة وشاهدت صوراً بالأبيض والأسود للعديد من المنجزات التي هي اليوم بعد أكثر من ثلاثة عقود شواهد تاريخية لعظمة الإنسان المصري الذي يعشق وطنه حتى وإن اختلف مع قادة وساسة هذا الوطن.. هذه الصورة التي استدعتها ذاكرتي اليوم وأنا في العقد الخامس من العمر ورحلة تزيد عن ثلاثة عقود من العمل في رحاب صاحبة الجلالة «الصحافة» سببها مانقرأه اليوم في زمن الوحدة والديمقراطية وحرية التعبير في الكثير من صحفنا المحلية سواء حكومية - وأقصد تمول بصورة أو بأخرى من الحكومة - أو صحف حزبية ومستقلة وتجارية تتجاوز كما أشير في آخر احصاء المائة صحيفة ومجلة.. كل صباح تتصفح عيوننا أخباراً تصيبنا إما بالاحباط والخوف أو الدهشة.. أخبار لا حقيقة فيها إلا الإثارة التي تسيء للوطن الذي ننتمي إليه، وتشوه الحقائق التي هي على أرض الواقع.. وكل ذلك إما بهدف ابتزاز السلطة للكسب المادي غير الشريف وإما تنفيذاً لما يملى على هذه الصحف من الخارج لزعزعة الأمن والاستقرار في وطن أقسم بالله أنه ورغم مايعانيه من مشكلات وتحديات اقتصادية وتنموية وتخلف ثقافي لدى الكثيرين هو وطن جميل استطاع خلال سنوات الوحدة المباركة أن يخرج من النفق المظلم إلى ساحة النور وشيد على جسده المنجزات العملاقة وأبرزها منجز الطرقات وتعزيز نهج الديمقراطية التي وفرت هذه المساحة من الحرية في التعبير لدى الصحف التي استغلت سماحة الديمقراطية وسعة صدرها في التهكم على الديمقراطية نفسها، قبل الإساءة إلى الصحف نفسها.. أعرف جيداً كبرى الدول ذات العراقة في انتهاج الديمقراطية لديها ضوابط تحمي الديمقراطية من اساءة الصحف ونحن في اليمن وإن غاب عنا حتى الآن وجود «ميثاق شرف» للعمل الصحفي والإعلامي فلدينا قانون للصحافة والمطبوعات والنشر يتوجب العودة إليه كمرجعية بعد أن فقدنا صوابنا في التعامل مع أخبار الوطن الذي ننتمي إليه. أحزاب المعارضة العريقة في العالم ومنها مصر على سبيل المثال لاتتجاوز حدودها في الإساءة للوطن كما هو حاصل في اليمن..فهل نفيق ونتذكر أن هذه الصحف أصبحت «اكسباير» غير صالحة للاستخدام ليس فقط الآدمي بل حتى الحيواني.