اعتذرت مؤخراً قناة «الجزيرة» الفضائية لدولة الاحتلال الاسرائيلي؛ لأنها أي القناة وصفت عميد السجناء العرب لدى اسرائيل ب«البطل» بينما تراه اسرائيل «مجرماً» بل إن مدير قناة «الجزيرة» اعتبر المحرر الذي أطلق صفة «البطل» على «القنطار» بأنه غير مهني وتنقصه «الحيادية»!!.. يا أخي.. هذا «الاعتذار» هزَّ كياني، وظل يلاحقني حتى امتدّت أصابعي لتسطير هذه الأحرف.. متسائلاً: هل المهنية الإعلامية أن ننعت أبطالنا الذين يقاومون الاحتلال الاسرائيلي وجور بطشه ب«المجرمين»؟!. وأن نزيف الحقائق لمجرد أن «اسرائيل» اعترضت على هذا الخطاب الإعلامي فنقول لها: متأسفون جداً، لأننا خدشنا حياء الدولة العبرية الوديعة والمسالمة والمسكينة ووصفنا «سمير قنطار» بالبطل بينما هو في نظر المهنية الإعلامية مجرم ويستحق السجن لأكثر من ثلاثين عاماً أخرى في إحدى زنازين الاحتلال؟!. حقاً لقد اختلطت لدي مفاهيم هذه المهنية الاعلامية؛ وكأن من يقاوم عدوان «اسرائيل» وجرائمها البشعة في الأراضي المحتلة هو «مجرم» يستحق العقاب، بينما جنود حكومة الاحتلال الاسرائىلي وهم يدمرون منازل الفلسطينيين ويقصفون بيوتهم بمثابة سياح يقومون بنزهة ترويحية لا يجب وصفهم في هذا الإعلام ب"المجرمين والقتلة!". ألم أقل لكم إنها معادلة عجيبة وظريفة في آن واحد.. فكيف لقناة فضائية بمستوى وحجم «الجزيرة» وهي تساوي في «مهنيتها» بين الجلاد والضحية، والمقاوم الذي يذود عن كرامته وأرضه وحقوقه وبين جنود الاحتلال الاسرائيلي وهم يسرحون ويمرحون في أراضي ليست لهم، ويصبون جام بنادقهم الأتوماتيكية على رؤوس الأطفال، ويكسرون عظامهم، ومع ذلك فإن «الحيادية» و«المهنية» الإعلامية تقتضي أن نرش الورد في وجوههم وهم يتمخطرون فوق أرضنا.. مرددين على مسامعهم عبارات الاعتذار والأسف لأننا وصفنا رجلاً مثل «سمير قنطار» ب"البطل" وهو مجرم وستين مجرم في نظر اسرائيل؟!. فعلاً إنها البلية بعينها.. وشر البليه ما يضحك!!. درويش يؤرخ للرحيل صدقت أني مت يوم السبت، قلت: عليّ أن أوصي بشيء ما فلم أعثر على شيء.. وقلت: عليَّ أن أدعو صديقاً ما لأخبره بأني مت لكن لم أجد أحداً وقلت: عليَّ أن أمضي إلى قبري لأملأه، فلم أجد الطريق وظل قبري خالياًَ مني وقلت: عليَّ واجب أن أؤدي واجبي: أن أكتب السطر الأخير على الظلام فسال منها الماء فوق الحرف.. قلت: عليَّ أن آتي بفعل ما هنا، والآن لكن لم أجد عملاً يليق بميت فصرخت: هذا الموت لا معنى له. عبث وفوضى في الحواس، ولن أصدق أنني قد مت موتاً كاملاً فلربما أنا بين بين وربما أنا ميت متقاعد يقضي إجازته القصيرة في الحياة. محمود درويش