أحدث فكرة مبتكرة لاستخدامات الهاتف النقال أن تكون هذه العدسة الصغيرة أحد أشكال الفن السابع، حيث تم مؤخراً في مصر تنظيم مهرجان للأفلام القصيرة التي تم تصويرها بواسطة الهاتف النقال لعرض مئات من هذه الأفلام التي أذنت بفتح جديد في عالم السينما قد يكون لها شأن كبير في المستقبل.. ومن هذه الفكرة المبتكرة وقفت كثيراً خلال هذا الأسبوع أمام دعوة الأخ عبدربه منصور هادي، نائب رئيس الجمهورية للحكومة إلى دراسة تخصيص نسبة من موارد شركات الهاتف لصالح مرضى السرطان في اليمن. خلال السنوات التي أعقبت ابتكار الهاتف النقال اكتسحت هذه السلعة التكنولوجية في عالم الاتصالات أنحاء العالم، واستطاعت شركات الاحتكار في هذه الصناعة الجديدة جني ثروات لا تعد ولا تحصى. ومع ذلك فإن كثيراً من هذه الشركات لا تقوم بمسئولياتها الاجتماعية والإنسانية إزاء احتياجات المجتمع، بل إن بعضها أخذ يتجه نحو مزيد من اكتناز الثروات وإنفاقها في مشاريع سياسية. دعوة نائب رئيس الجمهورية كانت لماحة وذات دلالة، ففي اليمن مشكلة رئيسة تتفاقم يوماً بعد آخر؛ حيث مرضى السرطان يتكاثرون، ولا تجد الحكومة ما يعينها على توفير الإمكانات لمعالجة هذا السرطان المستفحل، خاصة أن هناك سرطاناً آخر هو الفساد الذي يلتهم مخصصات المرضى قبل أن تصل إليهم!!. كنت أتمنى ونحن مع حلول شهر رمضان الكريم الذي يحثّنا على قيم التكافل والتعاون أن تبادر قيادات شركات الهاتف النقال إلى الترحيب بفكرة نائب الرئيس الحاثة على دراسة تخصيص نسبة من موارد هذه الشركات لصالح المرضى. ففي نظري أن ذلك أنفع وأجدى من صرف جانب من ريع هذه الشركات على التنافس في شراء الذمم لدواعٍ انتخابية أو اكتنازها في بنوك خارج اليمن، خاصة الشركات العائلية التي احتكرت هذه الصناعة منذ عقود دون أن تقدم على مبادرة ذات وظيفة اجتماعية أو إنسانية للتخفيف من المعانات التي يعيشها المجتمع!. ومع حلول الشهر الكريم أقترح على حاملي الهواتف النقالة أن يصوموا قليلاً عن الكلام عبر هذه الهواتف حتى تستجيب هذه الشركات إلى دعوات حثها على القيام بمبادرات إنسانية للتخفيف من أعباء بعض فئات المجتمع التي ابتلاها الله بأمراض كالسرطان. وختاماً الحق يقال إن جمعية مكافحة السرطان التي يرأسها الحاج عبدالواسع هائل سعيد أنعم - كما أشار إلى ذلك وزير الصحة - قد قامت خلال الفترة المنصرمة بدور بارز في التخفيف من معاناة مرضى السرطان في اليمن. وهي بمثابة مبادرة إنسانية من القطاع الخاص تستحق التقدير، وكنا نتمنى أن تقتدي بها بعض البيوتات التجارية وكبار المستثمرين، ومنها شركات الهاتف في هذه المهمة الإنسانية التي تعتبر أكبر تجارة في كشوفات الآخرة.