جاء الإعصار الماطر الذي ضرب حضرموت والمهرة ليدمر إنجازات عقود من التنمية في المحافظتين المنكوبتين.. وكون ماحدث قضاء من الله عز وجل وقدر فإننا نُسلّم ونحمدالله الذي لايُحمد على مكروه سواه. إن سرعة التفاعل مع الحدث والاتجاه إلى الإنقاذ والإيواء سيكون له ولاشك أثر ايجابي في تخفيف الخسائر البشرية والمادية. وكان لمسارعة القوات المسلحة عبر طائراتها المروحية صدى طيب لدى المنكوبين . والمطلوب المساهمة من قبل الجميع وعدم انتظار العون من الغير دون تحريك ساكن من قبلنا. وهذا الحادث يمثل ابتلاء واختباراً حقيقياً لمدى تعاوننا في مثل هذه الكوارث. وأعتقد أن الحصر الحقيقي للأضرار سيساعد في وضع الخطط المناسبة لإعادة تعمير ما خربته السيول ولكن يجب البدء في عملية إصلاح الطرق وتوفير المؤن الضرورية للمتضررين والقيام بحملة تبرعات تشمل كل أبناء الوطن سيسهم إلى حد كبير في تجاوز هذه المحنة. بقي أن نقول: إننا ونحن نعيد بناء المشاريع الحيوية في المحافظتين كالطرق وغيرها لابد أن نضع في الحسبان حدوث مثل هذه الكوارث مستقبلاً وبالتالي فإننا نمنع أو نخفف من الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تحدث. لقد حذر بعض العلماء من حدوث زلزال كبير وبدلاً من أخذ هذا التحذير على محمل الجد فقد سخر البعض من هذه التحذيرات وكان ما كان. المهم الآن مواجهة الأضرار وعدم الانشغال بتوجيه التهم لبعضنا البعض واستخدام مفردات كلوا وأخواتها.. وقد سمعت البعض يتفلسف بتكييف الحدث بالقول: إنه عذاب وعقوبة بينما يرد الآخر بأنه رحمة وأن المياه الجوفية ستتوفر لسنوات قادمة مثل هؤلاء لن يقدموا شيئاً بمثل هذا الجدال العقيم. ولعلهم تناسوا أن الابتلاء يكون بحق المؤمنين بالنقم كما يكون بالنعم قال تعالى : «ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنالله وإناإليه راجعون». البقرة «551». لقد عُرف اليمانيون بالتعاون والبذل في أوقات الأزمات والشدائد وهو أمر يدعو إليه الدين الحنيف ويحث عليه. ولذا فإننا نأمل أن تتضافر كافة الجهود من كافة المحافظات لدعم جهود الإغاثة التي تقوم بها الدولة والحكومة واستقطاع راتب يوم من كافة الموظفين سيوفر نوعاً من السيولة اللازمة وقد بادرت بعض شركات القطاع الخاص بالاعلان عن ذلك وهي خطوة لاشك أنها ستتبعها خطوات، وهذا دأب المؤمنين الذي قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى». إن التعاون يأتي بالمعجزات وهو من اللطف الذي نسأل الله تعالى أن يهبه لنا، فنحن لانسأل المولى عز وجل رد القضاء ولكن نسأله اللطف فيه وأرى أن احتواء آثار المصيبة بالتعاون نوع من اللطف. وإذا كان هذا هو الواجب المادي الذي يلزمنا المساهمة به فإن الدعاء بالرحمة لشهداء هذه الكارثة واجب علينا أيضاً وأرى أن تقام الصلاة على أرواحهم في كافة مساجد الجمهورية والدعاء للمصابين بالشفاء العاجل وأن يعوض الله على المنكوبين ماهو خير. فالدعاء مع الصبر الجميل عاقبته الخير والبركة.. ونحن لانقول إلا مايرضي ربنا، فإنا لله وإنا إليه راجعون. ونسأله الرحمة للشهداء والعون على تجاوز المصيبة إنه سميع مجيب.