يأتي يوم العيد.وكل عام يعود هذا اليوم والمظاهر والاستعدادات تدل على أنه سلوك شكلي وليس مضموناً لفظياً، فحين نصحو من النوم ونفتح أعيننا نسبتشر بأن هذا اليوم هو يوم العيد وقد أكملنا جميع الاستعدادات اللازمة من ملبس ومأكل ومشرب وهدايا متنوعة وكثير منا قد أنفق ماله وأهدر وقته الثمين في شهر رمضان أو قبل موعد عيد الأضحى لقضاء متطلبات يوم واحد فقط أو بالأحرى ساعات معدودة فهو مناسبة مكلفة وشاقة ومجهدة من مظاهر اللباس الفخمة والولائم الباذخة والتهاني المتكررة في أيام العيدين الفطر والأضحى دون طعم أو مذاق صادق تجعل منه يوماً ثقيلاً على النفس لا سيما ممن تجبرهم المجاملات الالتقاء بأشخاص ربما يكونون قد أساءوا إليهم أو ظلموهم أو استولوا على حقوقهم. فبعض العائلات بينها مشاحنات ومنازعات على إرث لم يبتُّ فيه أو استولى عليه الأقوى ومع ذلك يحضرون في المكان المعد للعيد وما يسمونه العواد وتراهم يتبادلون الابتسامات الصفراء والسلام البارد، ويعود بعضهم مكسور الخاطر يشعر بالقهر إذا كان مظلوماً وبالحزن إن كان مهموماً وإن حضر مجاملة فإن الملل يخنق أنفاسه فالعيد لا يعدو كونه يمثل لديه ارتباطات متكررة ومنهكة ومرهقة. إننا حقاً نأمل أن يكون يوم العيد أي عيد الفطر أو الأضحى سعيداً بكل المقاييس بحيث ينعكس هذا العيد على المرء ويشعر بالسعادة والهدوء النفسي ويصبح فرصة طيبة للتخلص من الحسد والغيرة وإزالة ما في النفس والصدور من الكراهية وحل الكثير من المشاكل الأسرية وتقوية أواصر العلاقات ويكون العيد يوماً للتسامح والعفو وتجاوز الكثير من السلبيات والأخطاء التي صدرت من الأخرين ومناسبة للترفع عن الكبرياء والغرور وإحلال التواضع والبساطة في كل التصرفات. هذا على المستوى الأسري أما على المستوى العام فلابد أن يكون للمجتمع في هذا اليوم نصيب من أفراحنا حيث يحسن بنا زيارة دور الأيتام ومشاركتنا وابناؤنا لهم فرحتهم ومنحهم الهدايا البسيطة التي تشعرهم بأنهم ضمن منظومة انسانية واجتماعية وكذلك زيارة رعاية المسنين ومشاركتهم ذكرياتهم في أيام العيد وإدخال البهجة على قلوبهم ولاننسى معايدة السجناء الذين فرضت عليهم العقوبات أن يبقوا في السجون ولا نغفل المرضى في المستشفيات الذين حال المرض دون مشاركتهم لأسرهم فرحة العيد ويبقى الذين غادروا دنيانا وسكنوا القبور حيث كان وجودهم في الأعياد السابقة يشرق بالحب ويطفح بالبشر فيضيئون دروبنا ويشرقون في صدورنا ويحلو العيد بقربهم وحولهم ويشكلون لنا شلالاً من الأمل والعطاء. وطالما هناك حياة وأعياد لابد أن نفسح مجالاً واسعاً ورحباً للسعادة وموقعاً في قلوبنا وأن نجعل للبهجة مرتعاً بين جوانحنا وأن نسمح للسرور بالتضوع في نفوسنا ونستقبل العيد..كل عيد بتفاؤل واستبشار وفرح.. وكل عيد وبلادنا الجمهورية اليمنية بأمن وخير وسلام ونفوسنا أكثر صفاء وتفاؤلاً ونتذكر إخواننا في المناطق المحتلة في فلسطين الحبيبة والعراق الشقيق بلاد الرافدين ولبنان الذين يمر عليهم العيد عيد الأضحى المبارك وهم يكابدون الويل والعذاب والتنكيل والحصار والقتل على أيدي جلاوزة العدو الصهيوني والاحتلال الاجنبي ولكنهم بذلك يسجلون ملحمة التحرير قريباً بإذن الله والنصر القريب.