لقد آن لنا أن نفرح بهذا الخير العميم، وقد انقضى وقت العبادة، وحان وقت الجزاء؛ إنَّها إحدى الفرحتين قد حان وقتها، فأعطانا الله يومًا نفرح فيه لمنَّته علينا أنْ هدانا للطاعة ثم قَبِلها منَّا وأثابنا عليها، وختمها لنا بعيد يتجدَّد، نفرح فيه ونسعد، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “للصائمِ فَرحتَانِ يفْرحهما إِذَا أَفْطَر فَرِح، وإذا لَقى ربهُ فَرِح بِصومه” ، وللعيد فرحة بإكمال العدة واستيفاء الشهر ، وبلوغ يوم الفطر بعد إتمام شهر الصوم، فلله الحمد على ما وهب وأعطى ، وامتن وأكرم ، ولله الحمد على فضله العميم ورحمته الواسعة “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون”. فهذا العيد موسم الفضل والرحمة ؛ وبه يكون الفرح ويظهر السرور ، قال العلماء: “إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين”، وشرع النبي - صلى الله عليه وسلم- وتقريره إظهار الفرح وإعلان السرور في الأعياد ، قال أنس رضي الله عنه : “قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى ويوم الفطر”. فالعيد له مكانة خاصة في قلوب المسلمين وخلال أيامه ولياليه تكثر التهاني والتبريكات ، ويسود الود قلوب الناس ، وتعم المحبة والمودة والتسامح بين الجميع ، وتتلاشى الهموم والأحزان ، ويحل بديلاً عنها الفرح ، ويزور الصغير الكبير ، ويعطف القوي على الضعيف ، وتمتد جسور المحبة والتواصل، حيث يجتمع شمل الأقارب والأسر باللهفة والشوق ، والحب والصفاء ، في جو عطر تسوده الألفة والوحدة والتلاحم في أرجاء الوطن وتعتبر أيامه من أجمل المناسبات، وأسعد اللحظات التي تمر على الإنسان في حياته اليومية ، فأيام العيد تُعد منعطفا جميلا نستريح من خلاله عن العناء والشقاء، والروتين المعتاد ، ونسعد بأيامه ولياليه الجميلة فهو عيد يضمد جراح فراق الأحبة، ومرارة غياب من فقدوه ، ويلهب الحنين في كل نفس من نفوس اليتامى ، والمهمومين ، فهذا اليوم هو يوم الجوائز يوزع الله فيه الحسنات والأجور على من اجتهد في عبادته بالفرائض والنوافل، العيد فرصة لتحسين العلاقات وتسوية النزاعات وجمع الشمل ورأب الصدع وقطع العداوات المستشرية. ورحم الله من أعان على إعادة مياه المودة إلى مجاريها وجعل العيد لهذا العام عفواً وصفحاً وغفران “ وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم “ . ما أجمل أن يكون العيد فرصة لصلة المتهاجرين والتقاء المتقاطعين .إن الرجل الكريم هو من يعفو عن الزلة ولا يحاسب على الهفوة. فليس زعيم القوم من يحمل الحقد ..ليس كريماً ولا عظيماً ولا سيداً من يجمع الأحقاد , ويحمل الضغائن ويداوم على الجفاء والقطيعة “ قال رسوا الله صلى الله عليه وسلم “ وما زاد الله عبداً بعفو إلى عزا “ “وإذا التقى المسلمان فخيرهما الذي يبدأ بالسلام” ،كما يجب أن نتذكر في العيد إخواناً لنا من الأيتام والفقراء والمعوقين ومرضى السرطان وغيرهم ممن حرمهم قدرهم من مشاركتنا أفراحنا وذلك بإدخال البهجة والفرحة عليهم وإحساسهم بأننا معهم قلباً وقالباً سواء كان ذلك مادياً أم معنوياً. ولاننسى في هذا اليوم الدعاء لموتانا بالمغفرة والرحمة وأن يسكنهم الله فسيح جناته. كل عام وأنتم بخير , كم هو جميل أن نقولها للجميع الأصحاء والمرضى , أن نقولها لمن يحبنا او حتى من يكرهنا , فهذه سنة الحياة ليس كل واحد يحبك في هذه الحياة.. نقولها للجميع ونحن نمضي في العمل بتفاؤل في خير وطننا وأمن وطننا وسعادة مواطنينا.. فكم هي جميلة لحظات العيد ختاماً: أنثر ورود التهاني وأقول : كل عام وأنتم بخير وعيداً مباركاً علينا وعليكم. الله اكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد .