يبدو أن آيات النظام الإيراني قد غرّهم الشعور بالقوة، وخلو الساحة الإقليمية من منافسين أقوياء نديين لهم، وتمتعهم بنفوذ مذهبي في البلدان العربية، وتفاقم الضعف العربي.. ساعد في ذلك غطرسة واستكبار الأمريكيين ضد الإنسان العربي وأرضه، وخروج العراق من كفة الضغط والترجيح الإقليمي إلى عربة للسباق الأمريكي - الإيراني اللا محدود. الغرور الإيراني المتزايد في الساحة الاقليمية لم يعد خافياً على أحد، وما جنوبلبنان وتزايد المد الإيراني في قطروالكويت، وادعاء ملكية البحرين للامبراطورية الفارسية إلا شواهد ظاهرة للتوسع المذهبي الشيعي المتطرف في النسيج الاجتماعي العربي على حساب الاحترام المتبادل والانتماء الواحد إلى الأمة الإسلامية، واحترام سيادة البلدان العربية المجاورة لها. كل ذلك يدفعنا إلى إعادة النظر والتفكير العميق في الترسبات الحضارية التي دفعت بالذئب الإيراني ليعوي باتجاه المنطقة العربية باعتبارها حسب تقليعاته وأحلامه القاتلة عمقه الطبيعي والاستراتيجي في صراعه ومواجهته للامبراطوريات الرومانية «الغربية» والعثمانية والأمريكية والصينية في العصر الحديث. التصريحات الهوجاء التي خرجت ومازالت تتسرب بين الحين والآخر من غرف الآيات الشيعية ومكتب المرجعية المذهبية للنظام الإيراني، وإن لم تكن بصفة رسمية، فهي قد عبّرت عن طموح وآمال المرجعية الرسمية لإيران النظام والمذهب معاً. وهي عبارة عن مطامع عقيمة لا تورث المنطقة والأمة الإسلامية المغلوب على أمرها إلا عنفاً وصراعاً وكراهية وضعفاً. صمت المرجعية عن دحض الهراء المتسرب من طاولات الآيات في الدوائر العليا للنظام والمذهب، وعدم الاهتمام بمشاعر وأحاسيس الشعب البحريني حيال تلك التصريحات الهبلاء يجعلنا نجزم بأن العدائية الحضارية والحقد التاريخي مازالا يسيطران ويوجهان العلاقة الإيرانية بالمنطقة العربية. ومهما بررنا أو تكلمنا عن أسلوب إيران في التعامل مع القضايا الدولية والإقليمية، وحاجتها لبعض المسكنات اللا أخلاقية؛ فلا يمكن أن يكون الإنسان العربي وأرضه الوسيلة السهلة لذلك الصراع. ثمة ما يدفعنا إلى الاعتقاد بأن الانتماء الإسلامي لبعض الدول وسيلة لا غاية، ويُفعّل كلما دعت الحاجة والضرورة والمصلحة الذاتية وتطّلب الأمر استنفار المسلمين شعوباً ودولاً للضغط فقط. أما إذا شعرت بعض تلك الدول بتعاظم وجودها وقوتها واقتصادها ونفوذها المذهبي؛ فإنها تدوس على الانتماء الإسلامي لتباشر مصالحها ومطامعها وأحلام توسعها، ولو كان على حساب كل القيم والأخلاق والأعراف البشرية. إن مهزلة الاجتياح العراقي لدولة الكويت الشقيقة ليس عنا ببعيد، واستمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية، وادعاء المراجع الشيعية المتشددة في إيران ملكيتها لأرض البحرين، واعتبارها المحافظة رقم «12» أمر يدعو إلى الضحك والبكاء معاً على أمة تأكل بعضها بعضاً!!. ستبقى البحرين بوابة الكرامة العربية؛ لا مساومة أو مهادنة أو تفريط فيها، ولتذهب أحلام الفرس التوسعية إلى الجحيم. [email protected]