في طريق العودة من صنعاء إلى تعز أمس، وتحديداً في منطقة ضيّقة وسط نقيل السياني، وعلى ارتفاع نحو 2500م عن سطح البحر توقفت مئات المركبات والسيارات والناقلات لعدة ساعات جراء حادث مروري أغلق الطريق في الاتجاهين.. وكان أكثر الذين أصابتهم الدهشة مجموعة سياح كانوا يستقلون حافلة، فلقد كان منظر السيارات وهي تقف في صفوف متراصة في طريق ضيّق وعلى هذا الارتفاع الشاهق لفترة طويلة مبعثاً لدهشتهم وتساؤلاتهم وحيرتهم وكل ما يتفتق في أذهانكم من عبارات الانبهار. حيث كانت تساؤلاتهم عما إذا كان ثمة طريق أو منفذ آخر، وماذا يحدث لو طال الأمر لصعوبة فتح الطريق، وكانوا أيضاً يتساءلون عن وضع الأطفال والنساء المحشورين داخل مركباتهم لساعات طويلة؟!. وتعبيراً عن غرابة الموقف فقد قام الكثيرون من السياح بالتقاط الصور التذكارية لأغرب موقف ربما مر في حياتهم وهم محشورون في منطقة شاهقة وطريق اسفلتي لا يسمح بمرور أكثر من سيارتين فقط!. أنا واحد من المسافرين دوماً عبر هذه الجبال نقيل «سمارة» و«السياني» ونفس الحال في الطريق من صنعاء إلى الحديدة عبر جبال شاهقة وطريق ضيق بناه الصينيون في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي عندما كانت السيارات لا تتجاوز العشرات والمسافرون لا يتعدون المئات. نعم أنا واحد من المسافرين الذين يتذكرون هذا الحال المزري للطرقات الطويلة عندما يستوقفهم حادث مروري وما أكثرها أو موقف كالذي شاهدته أمس من توقف حركة المرور لساعات في «السياني» وما يعني ذلك من توقف الحياة تماماً وتعطيل دورة النظام وإرباك برامج المسافرين. يبدو أن المسئولين عن الطرقات بين المدن اليمنية يعيشون في مناطق نائية عنها، ولا يمتلكون ما يقدمونه لتحديث ما هو قائم أو شق وسفلتة طرق جديدة تواكب المتغيرات الكبيرة التي شهدتها اليمن، مع الاعتراف بأن شبكة طويلة وحديثة قد أقيمت منذ إعادة تحقيق وحدة الوطن لربط المحافظات ببعضها الآخر. إلا أن استثناء هذه الطرقات عبر الجبال الشاهقة في برامج وزارة الأشغال والطرقات بحاجة إلى وقفة جادة لتوسيعها وتحديثها وبما يواكب تزايد حركة الانتقال للبشر والتجارة بين مراكز عواصم المدن كثيفة السكان والعاصمة صنعاء. فهل يمكن أن نقرأ قريباً عن مشاريع في هذا المجال، واعتماد استخدام الأنفاق للتغلب على هذه الحالة التي لم تعد صالحة أو آمنة لأن يتنقل البشر عبرها؟!. أخيراً ألمح السياح وقد بدأت حافلتهم بالتحرك البطيء بعد ساعات من توقفها وقد اعتلت الابتسامة وجوههم وأخذوا يصفقون فرحاً بنزول الفرج بعد حالة انبهار ستترك أثرها في ذكرياتهم وهم يروون لأطفالهم: لقد علقنا في جبل «السياني» باليمن لعدة ساعات!!.