حرص الأشقاء خلال الفترة الأخيرة على إعلان مواقفهم المساندة لليمن الواحد المستقر، وهو أمر يستحق التقدير والتثمين لأنها مواقف تعبر عن وفاء لهذا المنجز الحضاري الكبير الذي يهم اليمن والعرب معاً. ومن الغريب أن بعض اليمنيين ممن فقدوا صلتهم بالوطن ينادون بالانفصال، وقد استحقوا غضب الشعب ولعناته لدعواتهم إلى إثارة هذه الفتنة الخطيرة الغارقة في وحل التآمر الرخيص. ليس ثمة وحدوي في العالم أو مواطن من المحيط إلى الخليج إلا واستهجن كل قائل بعودة تاريخ اليمن المعاصر إلى الوراء. لقد أشاعت الوحدة اليمنية ظلالاً من الثقة والاعتزاز على امتداد البلاد العربية باعتبارها منجزاً حضارياً جاء وسط الملمات والأخطار التي تتهدد الكيان الحضاري للأمة. ومن حق هؤلاء الأشقاء أن يثوروا في وجه أصحاب أصوات النشاز المنادية بالانفصال، بل من حقهم أن يصبوا لعناتهم على دعاة تفتيت وحدة الوطن ومحاولة إعادته إلى مربعات التجزئة والاقتتال والتخلف. لقد استهجن الأشقاء العرب تلك التصرفات والمواقف المسيئة للوحدة.. وعبروا عن غضبهم لدعوات الانفصال وأحداث التخريب وبث الفتنة وإيقاظ نعرات الطائفية والشطرية والقروية.. فضلاً عن أن مثل هذه الأعمال تتعارض مع قيم الشعب اليمني الحضارية. خوف الأشقاء على هذا المنجز العروبي المشرق في حياة الأمة ينطلق من قلق على أن هذه الدعوات الانهزامية التي تظهر بين الوقت والآخر لتغذية الانفصال ودفع اليمن إلى المجهول غير منفصلة عن المخططات القديمة والحديثة لتقطيع أوصال الأوطان وتفتيت عراها وتغذية نوازع الانفصالية والتجزئة وتمويل مشروعات الفوضى والتخريب حتى تتمكن هذه القوى الاستعمارية من تمرير مخططاتها الهادفة إلى الهيمنة على مقدرات هذه الشعوب. الحقيقة الساطعة أن الوحدة اليمنية كانت - وستظل - عصية على رموز الانفصال ودعاة الفرقة والشتات، وستبقى مشروعاً للأمل الوحدوي ومبعث فخر واعتزاز كل يمني وعروبي. وإن مبعث هذه الثقة أن وحدة اليمن - رغم هذه التحديات - قد اشتد عودها وترسخت مؤسساتها، وليس أدل على ذلك سوى الإصلاحات القائمة في الفصل بين السلطات وترسيخ التعددية السياسية والحزبية وقيم العدالة والمساواة وتوسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار واحترام حقوق الإنسان والرأي والرأي الآخر والمرأة والالتزام بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحليات. من حق الأشقاء أن يخافوا على الوحدة اليمنية، وأن يقلقوا على مستقبلها، ومن واجبنا تجاههم أن نطمأنهم بأن الوحدة مصانة وثابتة وأن كل الأطراف السياسية في السلطة والمعارضة لن تدخر وسعاً لمحاصرة بؤر الاحتقان وإيجاد المعالجات التي تفضي إلى صيانة هذا المنجز الحضاري الذي لايخص اليمن فحسب، بل ويهم الأمة بأكملها.